الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٦ مساءً

نعشق اليمن ولكن ....

عبدالعزيز الصلاحي
الثلاثاء ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
الكثير من اليمنيين غادروا اليمن , رحلوا عن اليمن , ليس حبا في السفر , ولا إشتياقا للغربة , ولا بحثا عن الثرى , ولاذهابا للسياحة والنزهة , بل لظروف اجبرتهم على الهجرة , الظروف قهرتهم على الرحيل , الظروف اجبرتهم على ترك هواء اليمن النقي , وجوها المعتدل , ومناظرها الخلابة , ومدرجاتها الرائعة والجميلة , وجبالها الشاهقة , وسهولها الممتازة , وانسانها الطيب المتواضع .

ظروفهم تلك كانت نتيجة طبيعية لانظمة مستبدة متخلفة حكمت اليمن لعقود طويلة وسنين مديده , يملؤها الظلم والحرمان , والجهل والفقر والمرض , ابتداء بنظام الامام البائد والذي مازالت اثاره موجودة الى اليوم , مازال السيد الذي كان يعلم الناس القراءه ولايعلمهم الكتابة ماثلا للعيان الى اليوم , ومازال الشيخ الجاهل الامي بقبعته جاثما على صدور اليمنيين في بعض المناطق القبليه الى اليوم , ومازالت الاحكام العرفية والقبلية تنهش كرامت اليمنيين , وتصادر حقوقهم المادية والمعنوية , لم يتغير اي شئ حتى في ظل الانظمة المتعاقبة المستبدة المتخلفة , والتي كان آخرها نظام علي صالح واسرته الذي يمثل نموذج الاسره اليمنية باستبدادها وتخلفها واطماعها في الحكم والتسلط المتخلف المستبد , الذي لايضع للقانون مكانا ولاللحق سبيلا , جل اهتمامه جمع الثروة والاستحواذ على السلطة , وبناء امبراطورية عقيمة يسودها الجهل والتخلف والحرمان لبقية ابناء الشعب .

مازالت الاسره اليمنية تتوارث الظلم والجهل والعصبية المقيتة , ومازالت تتوارث الثأر الذي يحكم على البرئ باعدامة , والمرأة بحرمانها من التعليم والميراث , بالرغم من تغني النظام السابق بانه جمهوري ديمقراطي تعددي يحكم بالنظام والقانون ولديه خطط للنهضة والتطور , ولكن الحقيقة غير ذلك لم نرى جمهورية غير جمهور القبيلة المتعصبة , ولم نرى من الديمقراطية غير التزوير والقتل والخداع والمكر ,ولم نرى نظام غير صالح ويحى واحمد , ولم نرى قانونا الا حينما يكون على الضعيف , ولم نرى نهضة غير نهضة الفاسدين والمتزلفين , ولم نرى تطور غير تطور الفقر الذي وصل الى كل بيت والتخلف الذي ظهر ماثلا للعيان امام مرأى ومسمع من العالم كله .

رغم الثورات المتعاقبة في اليمن والى اليوم مازال العلم منكرا , والجهل ابداع وحرفيه , ومايزال التواضع ضعفا , والكبر رجولة ورفعة , ومايزال العمل مذلة ومذمة , والتقطع والفساد شجاعة وجرأة .

هناك الكثير من الشباب اليمني الذي رحلوا , .. ليس الى الآخره وانما الى بلاد غير بلدهم , واهل غير اهلهم , وسكن غير سكنهم , يتلهفون شوقا للعودة الى ارض الوطن , ولكن هيهات لتحقيق تلك الأمنية , هيهات لأنهم لم يذهبوا إلا وورائهم نارا مشتعلة , تحرق شبابهم وتؤرق مضاجعهم , هموم وأحزان , فهذا وراءه ثأر قبلي , وذاك لم يجد سكنا يأويه أو اهل يرحبوا فيه , وآخر معيل وحيد لأسره كبيره , وآخر زوجه وابناء , وآخر مشاكل اسرية , وكل ذلك يعود لعدم تخطيط الآباء لأبنائهم , ولم يعلموا بمجرد كلمة تخطيط ,بل جل اهتمامهم كم ينتج من الابناء للاستثمار , بل يجب على كل ابن ان يرث مشاكل والده وأن يرث كل صفات التخلف لينقلها الى من يليه والى من بعده , هذه متواليه هندسية لم تنتهي بعد في ارض الايمان والحكمة , فلا آباء استوعبوا حقوق الابناء ولا الأبناء تجرؤوا على كسر العادات والتقاليد , وحكومات اليمن ليس لها اية اهتمام بالجيل الناشئ , وليس لها اية اهتمام او برامج للعمل على معالجة القضايا الاجتماعية , وليس لها جهد يذكر في التثقيف الاسري .

ماجعل الشباب يعزفون عن العودة الى ارض الوطن , هي جراحات وآلام , جراحات الماضي وغياب المستقبل , , وهو الشعور بانه ليس لهم مكان في مجتمعهم الانساني والاقتصادي , وليس هناك اي مجال يستوعبهم أو دولة تهتم بشؤونهم , كل مافي الامر انهم يعيشون في شريعة الغاب , والبقاء للأقوى