الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٩ مساءً

من منهما الأصدق عطاء: أصدقاؤنا الشيوعيون، أم أصدقاؤنا الرأسماليون؟

علي الذهب
الاربعاء ، ١٩ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
ابتداء، أقول لكم، بكل صدق: إنني لست من دعاة الشيوعية، ولا من مروجيها، ولا من مناصريها، كما أنني في الوقت ذاته، لست رأسماليا، ولا مغرما بها، ولا ذائدا عنها.

ومن هنا، دعونا- أنا وأنتم- نمعن النظر عميقا في حقيقة العلاقة التي كانت وما تزال تربطنا بدول الكتلة الاشتراكية وبقاياها الفاعلة اليوم، وهل هي-بحق- على نحو ما كانت توصف بأنها علاقة صداقة وتعاون؟ وليكن مثال ذلك: روسيا، والصين، وكوبا، ولا نغفل ما كان يقال عن تلك العلاقة مجازا: تبادل منافع، والحقيقة أن المنفعة الكبرى التي كانت تؤخذ مقابل ذلك من العرب -ومنها: اليمن، بشطريه أو بأحدهما- هي الاستعداد لمواجهة الخصم الأمريكي بعيدا عن حدود الجغرافيا لتلك الدول، ويصاحب ذلك الهدف، تقديم الكثير من الخدمات التي تجسد إنسانية ذلك المعطي واحترامه للآخر.

لا شك أن بعضا من الدول العربية، أفسحت المجال قليلا أمام الروس لبناء قواعد عسكرية فيها، مع اتباع جيوشها الناشئة للعقيدة العسكرية الشرقية الاشتراكية، وانعكاس ذلك النهج على تسليح جيوشها بأسلحة دول تلك الكتلة، لكن تلك القواعد وذلك التسليح لم يكن يخلو من انتفاع متبادل، في سبيل مواجهة تنامي الوجود الأمريكي الخفي في أراضي الدول العربية الأخرى التي كانت تتعامل مع الغرب على وجه الجواز والحلة، فيما يبدو فعل أخواتها من الدول العربية ذات الاتجاه النقيض على أنه ضرب من العمالة والخيانة الوطنية وموالاة الكفرة والملاحدة!!

اليوم، وقد استحوذ القادمون من ضفاف الميسيسيبي على الغنيمة كاملة؛ ما هي أوجه التبريرات التي تساق للمواطن العربي المشغول برغيفه؟ هل هي علاقة صداقة وتعاون، على نحو ما كان يقال؟ إن الإجابة التي تساق اليوم من قبل الأنظمة الكذابة على شعوبها، هي ما لفت انتباهي ويلفت انتباه كثيرين، مع سرد أي خبر من أخبار الزيارات المتكررة للقادة العسكريين الأمريكيين، حيث يعلل الخبر أن ذلك يأتي من باب تبادل الخبرات!! نعم تبادل الخبرات!! وعليكم تقدير كم سيكون مقدار الخبرة التي سيكتسبها الأمريكان من اليمينيين أو القطريين، وحتى السعوديين؟!!

لأكثر من عقدين ونحن نُسحب من تلابيبنا نحو القفص الأمريكي، ولا خِبرة ولا هم يحزنون!! كل ما في الأمر استدراجٌ، واستحواذ، وعزلٌ عن ذلك الصديق القديم والحلول محله، لكن بقليل من المقابل، أو بالأصح دون حصولنا على تلك المنافع والخدمات التي كانت تقدم لنا، سواء كانت تلك الخدمات في صورة مشروعات اقتصادية خدمية أو إنتاجية، أو في صورة منح أو قروض مالية غير مشروطة.. هل تتذكرون كم هي المشاريع الإنمائية التي نفذها الأصدقاء الشيوعيون في اليمن؟ على سبيل، المثال، تأملوا: طرق المواصلات، والموانئ، والمدارس المتعددة، والمستشفيات، ومصانع النسيج التي -للأسف- دمرناها بإهمالنا، وكذا مخرجات التعليم في مختلف التخصصات والمستويات، عبر المبعوثين من الطلاب اليمنيين إلى تلك البلدان، وغير ذلك كثير كثير!!

في المقابل، دعونا نحصي ما تيسر من بصمات الأمريكان أو الغرب في اليمن!! أنا لم أشاهد سوى القتل أو الإعداد والتدريب للقتلة الذين يفنون إخوانهم اليمنيين نيابة عن هذا الكائن الأمريكي المتغطرس، مع القليل من المنح المالية التي تكبل اليمن، وتحتل أراضيه وجزره، وتستبيح سماءه وماءه، وتأمرك جيشه الذي لم يعهد نفسه ذات لحظة أنه غير يمني، وأنه سيدفع بأبنائه للدفاع حتى الموت عن أملاك رجال البيت الأبيض وجماعات الكاوبوي، وحلفائهم من ذوي السمحة الصفراء.