الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٠ صباحاً

للغد بقية ...!

جلال غانم
الجمعة ، ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
التهاب الشارع وتعطشه اليوم من أجل لاشيء هي المُصيبة بحد ذاتها فالقرارات الأخيرة التي ألهبت مشاعر وعواطف البعض وتعاطيهم مع دموعهم تُوحي بأننا شعب قابل للخداع مائة سنة أخرى أو على الأقل بحجم ما حُكم الرئيس السابق علي صالح .
فالقرارات الأخيرة وما حملته في مضمونها من إقالة جُزء من سُلطة 7 يوليو شيء جيد ويدعو للتفاؤل وطمأنة قُلوب البعض بأن هُنالك خلط جديد للأوراق وإقصاء بعض العابثين قبل الشُروع في مُغامرة الحوار الوطني (جرانديزر) التي ستنقلنا إلى فضاء لنلتحم مع أحلامنا المعطوبة من كثرة المُعاناة والانتظار .

النظر للغد بعين سوية في بلد يُجيد حُكامه ثقافة الإقصاء لن يستوي مع أحلامنا ولن نُحقق أي خطوات إيجابيه إذا لم نتخلى عن ثقافة الإقصاء المصحوبة بحُكم عسكري بليد من الجُندي الصغير إلى أعلى رُتبة عسكرية كُلها تتسابق لحُكم البلد بشهوات لا تمت بصلة إلى شيء جيد سوى مزيدا من الضياع والفراغ كمُحصلة نهائية تجرعنا عُلقمها من بداية ثورة سبتمبر إلى اليوم .

نقول لمن رأى أن الثورة أكتمل هِلالها كقمر شعبان أن الثورة لازالت تُعاني من سُلطة تدمير من الداخل وأن هذه القرارات فقط جُزء من مُحصلة مُطالب الكل بتنفيذها إذا ما أردنا أن نُشرع لسُلطة جديدة اسمها سُلطة ثورة أو كما يحلو للبعض تسميتها سُلطة مبادرة .

فهُنالك اليوم حالة تآكل ونُفور بين القوى المُتمسكة بايدولوجيا سياسية بمرجعيات دينية تُصارع من أجل النهوض بمشروعها القاتل للوطن تحت أقبح المُسميات التي يطلون بها وجه الإسلام والثورة .

الكُل يجب أن يضع خانة ومساحة كبيرة للغد وهذه المساحة الكُل يجب أن يعرف أنها سوف تضيق وتتلاشى إذا ما أردنا وطن مُفصل على مقاس حزب أو طائفة أو جماعة مُعينة بحُكم أن الثورة مُلتصقة فيها ولا تنفك إلى بعض القوى الأخرى .
الكُل مُطالب اليوم بإيجاد مساحة أعلى للتسامح وإفراد صفحات جديدة للتلاقي تحت شعارات جديدة غير مُقنعة بـــ أيدلوجيا ميتة لم تعد صالحة إلى لحُكم الأفراد الانتهازيين بحُكم تمسكهم بسُلطاتهم ومواقعهم التي يُنادون بالتغيير وفق تفصيل مُعين .

الثورة لم تنتصر فهي حالة اجتياح وغليان لا تنفك تتحول إلى أدوات للبناء تتجاوز كُل المفاهيم والعرقيات الصغيرة .
فتطوير أساليب البقاء والمُناداة بحُكم واسع الصلاحيات يقصي كُل النافذين ويعُدد من سُلطة القانون بأوجه مدنية جميلة هُو المطلوب إذا ما أردنا أن ننتصر لثورة أزهقت آلاف الشُهداء وعشرات الآلاف من الجرحى الذين لم يلقوا إلى اليوم أي عناية تُذكر سوى العُبور بإنتماءتهم الحزبية كوسائل للنجاة من حالة المرض والموت المُحقق .

الكُل مُطالب اليوم بلُغة جديدة تتناسب مع طبيعة الظرف الزمني للثورة وهذه الُلغة تبدءا بالتلاقي بين قوى الشمال (عسكريين ومدنيين عُنصريين وانتهازيين حوثيين وإصلاحيين) لرسم توجه كامل لشكل الشراكة الوطنية دُون سياسة النط والقفز بحق الآخرين الذين لا يزالون يدفعون أخطائهم معنا إلى يومنا هذا .

هذا التلاقي يُحدد نتيجة نهائية من هذه القوى المُتلونة لترى موقفها النهائي من القضية الجنوبية كقضية وطنية وإنسانيه عادلة تقتضي المصلحة العُليا بأخذ نفس أطول دُون التفكير برفع البُندقية في وجه من نختلف معه بأي فكرة .

إذا تحققت بعض من مشارب التلاقي بين هذه القوى حينها سوف نعرف أننا أصحاب مشروع وطني الكُل يُعول على بنائه .

أما اليوم سوف نقول لمن يُهلل ويُكبر أن مازال هُنالك المزيد من المُعوقات الحزبية والدينية المُرتبطة بعامل التخلف ناهيك عن الخطاب المقُزز والمصحوب بحالة إلغاء وإقصاء مُخيفة أن للغد بقية أعبروها بسلام إذا ما أردتم وطن يتسع للكل تحت راية وحُكم مدني حقيقة تُستبعد فيه كُل النوافذ التي مللنا من فتحها كُل يوم .