الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١١ صباحاً

ما ضر هادي ما صنع بعد اليوم

عبدالسلام راجح
الجمعة ، ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٣٠ مساءً
يوم تأريخي ولد فيه اليمن من جديد تجلت في ثناياه الحكمة اليمانية التي أحيت فينا روح الثورة السبتمبرية والأكتوبرية وبموازاة ثورة فبراير التي مثلت فارقا هاما في حياة اليمنيين حينما أطاحت بالعائلة من أهم مفاصل الدولة بل ركيزتها الأولى وهي الجيش الذي طالما عول عليه النظام السابق لبقاء نفوذه واستمرار هيمنته وعنجيهته
ومنذ إنطلاق شرارة الثورة ظل الأمر أكثر عتمة ويكتنفه الغموض الذي فسر تأخر المعارضة للحاق بركب التغيير لأسباب من أهمها ورقة الجيش العائلي الذي ظل صالح يناور تارة ويهدد مناوئيه بالضرب بيد من حديد تارة وهذا يؤكد تصريح الأخير إبان نجاح الثورة التونسية بأن اليمن ليست تونس فالمؤسسة العسكرية الممثلة بالحرس الجمهوري ليست وطنية بالدرجة التى تؤهلها لتحمل مسؤليتها تجاه وطنها والتزامها بحماية الشعب لا الفرد ولايعني هذا أن الجيش اليمني كان خاليا من الوطنية بل أن الغالبية كانت تؤمن بالديموقراطية وقيمة الدم اليمني لكن التعتيم الإخباري وتكريس العداء المنظم من الفتاوى والإعلام المغلوط كان الحاجز المنيع أو العامل الأكبر في تأخر التوقيع على المبادرة.

بينما ظل ثوار اليمن يسجلون ملحمة بطولية في إلتزامهم بسلمية الثورة كخيار لايمكن التنازل عنه في حكمة رائعة جسدت الإيمان بالحرية ومبدأ حرمة الدم اليمني وعدم الإنحياز للسلاح لتحقيق مأرب النظام السابق لإدخال اليمن في حرب أهلية يكون هو الوحيد المستفيد منها وكلما حاول البعض الجنوح للحسم العسكري كان الثوار يؤملون ويقولون تمسكوا بسلميتكم لعل الله يأتي بواحد منهم ينتصر لإرادة الشعب
لتأتي بعدها مبادرة الأشقاء لتنقذ شعب من شبح الحرب وغياب الأمن وتسجل لليمن بداية الإنفراج في يوم تأريخي وقعت فيه الأطراف السياسية المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية, ولكن مولد الفجر الحقيقي لهذا الشعب وبكل ما تعنيه الكلمة كان يوم ديموقراطي بهيج ومهرجان الحرية الأكبر يوم 21/فبراير/2012 م الذي قال فيه الشعب كلمته وفوض أمره لنائب الرئيس المخلوع و أبدى تفاؤلا غير مسبوق تمثل في الحشود والطوابير التى وقفت لتسجل فجر الحرية وربيع اليمن الأجمل الذي طال انتظاره.

حاول النظام السابق استخدام أخر أوراقه في دعم تيارات مسلحة لتقسيم اليمن لكن الحنكة السياسية والإرادة الشعبية كانت الأقوى استند اليه القائد الذي قيل عنه في السلم هادي وفي الحرب منصور,هذه اللعبة لم تجيد حبكتها العائلة بل مثلت إفلاسا أضهرت مدى الحقد الدفين الذي تكنه لهذا الشعب ولقائده البطل عبدربه منصور هادي ولكنها أحقاد أودت بمناصب الأولاد و أغلقت أمامهم طريق الأبلسة وإثارة الفوضى وكل ذلك يعود للإصطفاف الوطني مع القيادة السياسية وبالرغم من كل المحاولات البائسة لجر اليمن إلى مربع العنف إلا أن القرارات كانت بمثابة صعقات كهربائية قوية تلقي بأعداء الوطن خارج المشهد السياسي
قرارات الرئيس عبد ربه ما يميزها أنها دقيقة ومضبوطه وتمتلك توقيت زمني لا يجيده إلا القادة العظماء ليس هذا من باب المدح وتكفف الثناء المقيت بل من باب الإعتراف بالواقع ومجريات المعترك الذي كان بحاجة لهذه العقلية الحكيمة وكما أشرنا أن الفضل للشعب الذي أحسن إختيار القيادة وأعطاهم ثقته في تحقيق أهدافه السامية والإنتصار لدماء الشهداء والجرحى وللشعب من ظلم العائلة وزبانيتها الذين لايقلون عنها إجراما.

شعب يمني واحد جيش وطني واحد بطول الوطن شمالا وجنوبا فاتحة الخير وبوابة المستقبل الواعد في حلقات تتسلسل فصولها مع كل قرار يصب في خدمة قضايا الوطن ويخدم مسيرة الحوار القادم الذي يحمل بشارات حضارة يبزغ فجرها وينشد شعبها أهازيج الوطن لمن لمن لأجل اليمن...لمن كل هذ القرارات لمن لمن كلها لليمن فقط.

ما ضر ابن أبين الأبية ماصنع بعد اليوم فقد أحيا فينا روح الثورة وجدد فينا الأمل وبعث إلينا برسالة مفادها أن حتمية التغيير منهج لايمكن الحياد عنه ولوبذل في سبيلها حياته
كما أن الشكر والتحية للأستاذ جمال بن عمر تلك الهامة والمنحة الربانية لهذا الشعب الذي يتمثل في صبره وإخلاصه وتفانية في تخليص اليمن من كل الرهانات الخاسرة والوصول به الى بر الأمان.

ولمخلصوا اليمن وأحرارها وفي مقدمتهم شهداءنا الأبطال لهم منا كل الوفاء فهم مشاعل النور التي خطت بدمائها تأريخ اليمن الجديد وروت شجرة الحرية التي أثمرت وحان قطاف خيرها ..أخيرا إقراؤ الفاتحة على أرواح شهدائنا واستفتحوا حياتكم (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد)