السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٨ صباحاً

استمرار الوجع الطافح يا فتحي

عارف الدوش
الجمعة ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
• صديق مهنة التعب اللذيذ " الصحافة" فتحي أبو النصر قرر بوجع طافح في عموده اليومي بالجمهورية 24 نوفمبر 2012 كتابة سؤال مشبع بالألم والطفش والإستهجان :" لماذا في كل منعطف تاريخي تتحفز حيلنا اللاوطنية فقط فلا نتشارك إلا في استنفار همم اللامسؤولية كما لا نستمتع إلا بتعاطي صيغ التعقيدات الكبرى؟.. لماذا كلما اعتقدنا أننا على وشك أن نفتح ثغرة في الجدار الفاصل بيننا وبيننا، نلحق الأذى بنا أكثر ونتمعن في مراعاة مشاعر الخراب الوطني وضغائن الخيبات المؤزرة التي تتدافع؟" هذا السؤال يتكرر من قبل النخب السياسية والثقافية والناس العاديين البسطاء بصيغ متعددة تختزن كلماتها شيئاً واحد ،هو الوجع الطافح والألم ،" المقرطس" بالطفش والتعب والعجب والإستهجان" الذي يسبق التذمر والرفض الناتج من رؤية خيوط الظلام وهي تسرع الخطى لنشر الكأبة والحزن ونسج الشباك لصناعة سجن كبير يسمى مجازاً( وطن)

• ياعزيزي فتحي منذ وعينا كجيل سبقكم " ساس يسوس سياسة" وقرأنا ما خطته يد الأستاذ الدكتور الشاعر عبد العزيز المقالح" سنظل نحفر في الجدار إما فتحنا ثغرة للنور أو متنا على وجه الجدار" والتي كنا ننقشها على كراسات مذكراتنا ونضيف إليها مقاطع من شعر درويش ومظفر النواب وسلطان الصريمي و ذو يزن "فتاح" وآخرين ونبللها بصوت فيروز الملائكي لتصبح شهية المذاق.. منذ ذلك الوقت والحين والزمان والرجال في أواخر السبعينات من القرن الماضي ونحن نقرأ خيبات وانكسارات وكبوات ومأسي الأجيال التي سبقتنا ونكرر صيغ الوجع الطافح السؤال الذي خطته أناملك بصيغ مختلفة ومع كل تذكر لإنتصار كنا لا ننسى تذكر ما يتبعه من انكسار ووجع .

• أيها العزيز فتحي أبو النصر نفس الوجع الطافح يعاد انتاجه منذ بداية القرن العشرين الماضي من قبل نخبنا السياسية والثقافية التي ظلت ولا زالت في تخوم التعميمات التي تقدم تبريرات ولا تقدم معرفة صحيحة حقيقية يقينية تمكن الناس من إكتشاف طبيعة الأحداث واضافاتها المعرفية وقواها المستفيدة والمتضررة. وهنا يحضرني شاهداً واحداً فقط كان هو الضوء في العتمة وهو " إن سبب تحقيق الإستقلال الناجز في إلـ30 من نوفمبر 67م واعلان ولادة " جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والديمقراطية الشعبية فيما بعد" الذي احتفلنا بذكراه إلـ45 هذا العام يعود إلى قدرة القيادة والنخب السياسية والثقافية حينها "حركة القوميين العرب" على إنتاج معرفة تفصيلية صحيحة حددت الأولويات وشروط النضال.

• منذ ذلك التاريخ والزمن ايها الصديق فتحي لا زالت النخب السياسية والثقافية ومعها أولئك الحالمون بـ"يمن جديد" في تخوم هدف الثورة اليمنية الأول " التحرر من الإستبداد والإستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق الأمتيازات بين الطبقات" تعرف لماذا؟ لان الاستعمار القديم الجديد وحلفائه كما كانوا بالأمس يخشون من تنامي الكفاح المسلح وأنتشاره في الإتجاه الذي تحدث عنه الهدف الأول فإنهم اليوم يخشون النضال السلمي لإنه يؤدي إلى تحقيق أول الأهـداف ومثلما ادركوا بالأمس الخطورة التي تمثلها الثورة اليمنية على "خزان وقود العالم – منطقة الخليج- " هم اليوم يخشون نفس الخطورة خاصة وأن القوى التي حققت بالكفاح المسلح انتصار ثورة سبتمبر والإستقلال الناجز من الاستعمار ناضلت من خارج السلطة وأتت من طبقات الشعب الفقيرة وفي مقدمتها الطبقة الوسطى والخطر هنا ليس تهديد مصالح الاستعمار القديم الجديد وحلفائه بل إن التهديد يستهدف زوال أسس التسلط الاجتماعي والسياسي والإقتصادي والثقافي في اليمن والمنطقة برمتها .

• وأخيراً ما أشبه الليلة بالبارحة صديقي فتحي فمنذ ذلك الحين والتاريخ والنخب السياسية والثقافية وأغلبية الناس التي تناضل من أجل تحقيق الأحلام واقفة في تخوم الهدف الأول.. برغم تغير أشكال النضال من المسلح عام 1962م الي السلمي بصدور عارية وبطون خاوية 2011م فلا فرق عند الاستعمار الجديد القديم وحلفائه طالما وهو يريد تحقيق هدف واحد وأجزم أنه لن يتحقق النصر إلا إذا توفرت لنا نخب سياسية وثقافية كتلك التي أتخذت قرار النضال بالكفاح المسلح قبل ما يقارب إلـ50 عاماً وحققت النصر لكي تواصل اليوم النضال السلمي الذي بدأ وتحشد كل القوى المناصرة له والإستعداد لدفع الثمن لتحقيق النصر، مالم سيظل الوجع الطافح يطاردنا جيلاً بعد جيل.