الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٠ مساءً

ولكم في التاريخ درسً وعبرة (6 -1) !!

طارق الحروي
الاربعاء ، ٠٢ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
- واستكمالا إلى ما تم تناوله من حيثيات الدرس والعبرة الخامسة ضمن إطار ثنايا مضامين وأبعاد هذه الرسالة التاريخية؛ تدور حيثيات المحور الثاني حول استكمال هذه القراءة لإرهاصات المشهد الداخلي والسياسي- وفقا- لحيثيات الجدلية المشار إليها في الاتجاه الثاني والتي تتمحور حول حقيقة وجود أية احتمالية لإمكانية الإبقاء حياء من عدمه على الرئيس أو أخيه (وحاليا الرئيس أم نجله) أو الاثنين معا، ولماذا ؟ وكي يتسنى لي تقريب وجهة نظري بهذا الشأن إلى ذهن القارئ سوف أسعى وراء تناولها من خلال تساؤل مهم جدا يحمل بين ثناياه دلالات ومضامين وأبعاد عديدة بهذا الشأن.
- مفاده هل كان المشهد الداخلي والسياسي منه- بوجه خاص- في هذه المرحلة يحتمل الإبقاء على أهم رموز حركة التغيير الوطني أحياء كـ(إبراهيم ألحمدي، عبدالله ألحمدي...،الخ) ضمن حيثيات الحلقة الأولى من السيناريو، ثم (أحمد حسين الغشمي، عيسى محمد سيف،....الخ) ضمن حيثيات الحلقة الثانية، (وصولا إلى علي الصالح (ولكن بقائه حيا يعد أمر أخر له حسابات أخرى) الذي تعرض إلى أول محاولة لاغتياله بعد 88 يوما فقط من تولى السلطة وتتابعت المحاولات في السنوات الأولى له لتصل بحسب بعض المصادر إلى 22 محاولة اغتيال وانقلاب).
- تحت أية اعتبارات كانت للوصول إلى غايته المنشودة بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة، سيما في حال افترضنا مجازا رضوخ هذه العناصر لإرادة التيار التقليدي وشركائه بالتراجع خطوتين واسعتين إلى الخلف وقبولها التنازل عن السلطة- أولا- واعتزال العمل السياسي برمته- ثانيا- وصولا إلى مغادرة البلاد بصورة نهائية- ثالثا ؟

- وبالاستناد إلى طبيعة حيثيات السيناريو ألأممي التي أوردنا الكثير منها في مقالاتنا السابقة المنشورة ليس هذا فحسب، لا بل وطبيعة الحيثيات الجديدة التي كانت تقف عندها حركة التغيير الوطني منذ العام 1976م والتي تؤهلها إلى حد كبير نسبيا لإمكانية إحداث قفزة نوعية في واقعها، يصعب بموجبها على العناصر والقوى التقليدية المحلية والإقليمية وشركائها بامتداداتها الدولية اجتثاثها إلا بأثمان باهضة جدا، بصورة تفضي إلى تكرار النموذج العراقي بهذا الشأن شكلا ومضمونا.

- نرد على ذلك بالقول (لا) لم يكن باعتقادي هنالك وجود لأية احتمال له شأنه للإبقاء عليهم أحياء، أما عن السبب فهو مرتبط إلى حد كبير بطبيعة مسارات الأحداث الرئيسة التي كانت قد وصلت بالفعل إلى نقطة الحسم التي يستحيل تجاوزها أو تجاهلها- وفقا- لطبيعة حيثيات قواعد اللعبة الصفرية الجارية التي لا مجال فيها إلا لخيار واحد، فإما أن تدخل اليمن نظاما وشعبا وأرضا أتون حيثيات المرحلة المنشودة من أوسع أبوابها ضمن إطار خارطة الطريق الجديدة تحت قيادة عناصر حركة التغيير الوطني أو لا تدخل بالمرة، فتفقد عندها هذه العناصر فرصتها لصالح التيار التقليدي وشركائه.

- لذلك ضمن هذا السياق لم يكن باعتقادي ممكنا فقط الاكتفاء بإزاحة أهم رموز حركة التغيير الوطني من سدة السلطة ومنعهم من ممارسة العمل السياسي، وصولا إلى السماح لهم بمغادرة البلاد فقط، سيما في حال أمعنا النظر لمدى أهمية هذا الأمر من ناحية طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ارتباطه العضوي وثيق الصلة بمستقبل المخطط الانقلابي كله ليس هذا فحسب، لا بل ومصير التيار التقليدي وشركائه الداخلين والخارجين أفرادا ومصالح...الخ.

- هذه النتيجة تتضح أكثر بالاستناد إلى طبيعة الهدف المحوري غير المعلن الذي يقف ورائه مجسدا بإخراج الرئيس وأخيه وبعضا من رفاقهم بشكل نهائي من أتون المشهد الداخلي والسياسي منه- بوجه خاص- كوسيلة وهدف في آن واحد؛ من خلال تصفيتهم جسديا، سيما في حال تأملنا مليا في خيار مدى إمكانية إبقائهم أحياء مهما كانت طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الضمانات المطروحة.

- بالرغم من أنه سوف يثير لغطا وجدلا كبيرا لن ينتهي عن أسباب وملابسات هذه التنازلات مهما كانت المبررات المطروحة من قبل هذه العناصر، بصورة يتوقع لها أن تنعكس بقوة على إضعاف أية إمكانية لإحداث تحول جذري في مسار الترتيبات الجديدة المنشودة من قبل القوى الانقلابية، بحكم ما سوف يترتب عليه من تماسك صفوف عناصر حركة التغيير وجماهيرها التي سوف تبقى متمسكة بأمل عودة رموزها.

- وهو الأمر الذي يصعب التعامل معه من قريب أو بعيد، نظرا لأنه سوف يؤدي إلى إبطاء وتجميد شبه كلي لانسيابية حلقات هذا السيناريو الذي يلعب عامل الوقت والسرعة والكلفة دورا محوريا فيها ليس هذا فحسب، لا بل وسوف يضع المشروع الانقلابي برمته قاب قوسين أو ادني من فوهة بركان قابل للانفجار في أية وقت، سيما في حال أمعنا النظر إلى أن المسار الأساسي الحاكم لهذه العملية كما تم التخطيط والإعداد له مسبقا.

- يتمحور حول تهيئة البيئة الداخلية لانتقال شبه مرن وتدرجي وسريع لمقاليد السلطة من دائرة قبائل بكيل رمز التيار التحديثي التحرري ومن ورائها قبائل مذحج إلى دائرة قبائل حاشد رمز التيار التقليدي المحافظ والمتطرف، ضمن إطار حيثيات الصراع المصيري الذي تستعد المنطقة دخوله بين التيار التحديثي التحرري بأبعاده المحلية والإقليمية والدولية الذي استلم دفة إدارته العراق بصورة علنية منذ النصف الثاني من عقد السبعينيات باقتدار منقطع النظير، وبلغ حد الذروة منذ العام 1979م، والتيار التقليدي الذي استلمت دفته السعودية وحلفائها الإقليمين والدوليين منذ مطلع عقد الستينيات.

- على الرغم من أن أهمية اعتبارات أخرى معلنة وغير معلنة مرحلية ذات طابع تكتيكي، تكمن ورائها خصوصية تلك الخطوات التي فرضتها طبيعة اللحظات التاريخية الفارقة ضمن إطار سيناريو التصعيد الداخلي والخارجي الذي انتهجته قيادة حركة التغيير الوطني، التي كانت تقف على عتبة بابها اليمن نظاما وشعبا وأرضا ويمسك ويدير مفتاحها الرئيس ألحمدي وفريق إدارته في اتجاه محاولة فرض واقعا داخليا وإقليميا جديدا.

- من خلال محاولة توحيد صفوف الجبهة الداخلية أفرادا وشعبا أحزابا وقوى مجتمعية- أولا وتوحيد التراب الوطني- ثانيا- وتقريب المواقف مع دول منطقة جنوب البحر الأحمر بشأن الكثير من الأولويات التي تفرضها مصالحها في اتجاه توحيدها- ثالثا- والانتقال بقفزة واحدة بالعلاقات اليمنية- العراقية إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي- رابعا- جراء ما ترتب عليها من إيقاف فوري لمشروع حركة التغيير الوطني بتصفية رئيسه محور الارتكاز فيه كإجراء احترازي.

- وعودا إلى بدء نجد أنه بعد مرحلة مخاض عسيرة جدا عاشتها اليمن وتيارها الوطني طوال عقدين ونيف بما حملته من فترات نكوص وتخبط ووثوب ونهوض...الخ، فقد نجحت قيادات وعناصر حركة التغيير الوطني من استعادة الجزء الأكبر والمهم من عظمة اللحظات التاريخية (1975-1977م) التي كادت تضع اليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا على أول طريق النهوض، من خلال ما حققته من قفزات نوعية منقطعة النظير في اتجاه تحقيق غاياتها الأساسية المنشودة.

- ببروز أسطورة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بقياداتها الوطنية والمهنية وقائدها الشاب العميد الركن أحمد الصالح سابقا النجل الأكبر للشهيد الحي علي الصالح قائد ورائد مشروع حركة التغيير الوطني بدون منازع، في واحدة من أروع الملاحم الوطنية والتاريخية ومن ثم البطولية التي تشهدها أرضنا المباركة في هذه اللحظات التاريخية الفارقة في حياة اليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا والتي يتسابق أبنائها من الرجال المخلصين الميامين على تجسيدها قولا وفعلا بشفافية وقناعة تامة.

- كامتداد وتتويج ومن ثم اعتزاز وتقدير لتلك الأسطورة الوطنية الرائعة التي تم النيل منها في المهد وصنعها رجال دخلوا بها التاريخ من أوسع أبوابه، التي جسدتها قوات العمالقة بقياداتها الوطنية وقائدها الشاب الرائد عبدالله ألحمدي الأخ الشقيق للشهيد الغائب الحاضر إبراهيم ألحمدي مؤسس مشروع حركة التغيير الوطني.

- وفي الأخير أختتم رسالتي هذه التي أرجو من الله أن يتقبلها مني ويصلح بها شأن عباده بكلمات قصيرة أضمنها في رسالة فخر واعتزاز وامتنان وتقدير أوجهها إلى قيادات وعناصر حركة التغيير الوطني ورجال المهمات الصعبة من قيادات وعناصر المؤسسة الدفاعية الجديدة منها- بوجه خاص- وهم يقفون اليوم (2011- 2014م) باقتدار واستعداد منقطع النظير عند عتبة أخر ممر في شبكة معقدة من الأنفاق المظلمة، لإخراج سفينة وطن الـ22 من مايو العظيم إلى بر الأمن والأمان- تبعا- لما قدره الله تعالى جل في علاه.

- بالقول أنكم كنتم ومازلتم بالفعل رجال اليمن المجهولون الذين قبلوا بحمل الأمانة وتحمل المسئولية كاملة بدون أية مقابل سوى أنكم أردتم بفعلكم هذا أن تقولوا لها بدون أن تنطقوا (نُحبك يا بلادي، نعشقك يا يمن، ونعتز ونفتخر بك إلى الأبد) ولشعبها الطيب (ُقبلُ على جبهتيه وترابه الطاهر الذي يمشي عليه)، (وشكرا لأنك وثقت بنا، وأتحت لنا المجال واسعا لرد الحب بالحب والوفاء بالوفاء والتضحية والصبر والإيثار بالتضحية والصبر والإيثار..)، فطوقتم اليمن دولة وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا) بعرفان وجميل لن يستطيع أبنائه رده لكم، فبكم اشتدت وتشتد وستشتد عزائمنا وإرادتنا وتكبر أمالنا وطموحاتنا وتزيد قدراتنا وأفعالنا وتكتمل وقفتنا بشموخ قوة وقدرة أجدادنا مؤسسو أول الحضارات المدنية الإنسانية وأعمدة الارتكاز في بناء الحضارات العربية والإسلامية قاطبة التي غيرت مجرى التاريخ الإنساني القديم والحديث والمعاصر برمته، نعم فأنتم أهلها وجنودها أنتم حاضرنا ومستقبلنا، نعم هي الأمانة حافظتم عليها وصنتموها واليوم أعدتموها إلى أهلها لا أكثر ولا أقل من ذلك، ولقلمي الشرف الرفيع أن يكون بينكم ومعكم أينما كنتم ولا نامت أعين الجبناء وليخسأ الخاسئون ومن نصر إلى نصر بإذنه تعالى !!

والله ولي التوفيق وبه نستعين