الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٦ مساءً

الأربعين الحسيني.. تأكيد على مقارعة الظلم والانحراف وتذكير بعمق الفاجعة

جميل ظاهري
الخميس ، ٠٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
يتصور البعض أن احياء ذكرى أربعين الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته واصحابه المنتجبين الميامين الذين سقطوا مضرجين بدمائهم الطاهرة ومقطعي الرؤوس والاشلاء في ظهيرة يوم عاشوراء عام 61 للهجرة بسيف الغدر والظلم والخيانة والاستعباد والفرعنة على أرض كربلاء ، انما هو احياء وتذكير انساني بعمق هذه الفاجعة الأليمة وطلباً للثأر .

لكن حقيقة الأمر هي احياء للآمر السماوي في صرخة الامام الحسين عليه السلام التي صدحت الى عنان السماء برفض كل أنواع الظلم والجبروت والطغيان والفرعنة والعصيان الألهي والانحراف الفكري الذي بناه بنو أمية مقارعة منهم للاسلام المحمدي الأصيل الذي جاء لهداية البشرية وأخراجهم من الظلمات الى النور والتي لا زالت تدوي في ربوع المعمورة لتذكر الجميع بان نهضته الدامية جاءت ل"طلب الاصلاح في أمة جده" والعودة الى الدعوة الربانية بالعدالة والمساوة والعبودية للواحد القهار، الى جانب تذكير الضمير الانساني بعمق الفاجعة والكارثة التي ألمت بأهل البيت عليهم السلام وأنصارهم وأعوانهم في ظهر عاشوراء الدامي.

تلك الماساة الدموية المؤلمة التي ما أن يتذكرها ضمير الانسان الحي والواعي والمنصف حتى يعتصر قلبه ألماً وتنذرف عيونه دماً بدلاً من الدموع ويبقى يتذكر دون انقطاع ما ألم ويلم بأهل بيت النبوة والامامة والهداية وشيعتهم وأنصارهم ومن يدور في فلكهم من ظلم وأجحاف وتزوير وتقتيل وتقطيع وتشريد وسبياً واعتقال وغصباً للحق والحقيقة ومحاربة للأمر الألهي بتبعيهم والتمسك بحبلهم حبل الله وتجاهلاً لقول رسول رحمته "أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا" وذلك منذ ظهر يوم "سقيفة بني ساعدة" وحتى يومنا هذا .

أحياء أربعينية العز والأباء والتضحية والفداء كل عام بمليونية متنامية ومتزايدة تبهرالناظرين والسامعين والمتابعين لها وتربك أعدائها أنما ياـي للتأكيد على تمسك أنصار أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم بحبل الهداية الربانية لهذه المدرسة الوضاءة والمنيرة الرافضة لكل الأنظمة الطاغية والفرعونية والاستكبارية والاستبدادية والمستكبرة والنحرفة القائمة على الزور والتزير واستعباد الناس واستحمارهم والحكم عليهم بقبضة حديدية وهو ما نشاهده على طول التأريخ ولا يزال مستمراً حتى عصرنا الذهبية هذا كما يسمونه في غالبية بلاد الاسلام خاصة العربية منها .

استبداد وظلم وهتك لاعراض واستباحة للدماء الطاهرة بقوة السلطة وتزوير الفتاوى ومال بيت المسلمين وتدريب وتصدير للارهاب المتلبس بالباس الدين الاموي المزيف والمنحرف انطلاقاً من أرض الوحي نحو سائر بلاد المسلمين وغير المسلمين لتشويه صورة الاسلام المحمدي الأصيل والصرار على عودة البشرية الى عصر ما قبل انظلاق الهداية الربانية عصر الجاهلية والظلمات وعبودية القوة وتعدد الآلهة واتساع نطاق الفرقة والنفاق والركون لرغبة القوي واستعباد الضعيف استغلاله ، ومروراً بسائر مناطق شبه الجزيرة العربية شبراً شبرا دون استثناء نظام طاغية عن آخر.

وليس هذا كل ما في الأمر بل يزداد الطين بلة عندما نستذكر ما حل ويحل بأهل بلاد الرافدين عراق العتبات المقدسة طيلة العقود الماضية وحتى يومنا هذا وما يدور منذ عامين في بلاد الشام من ارهاب يستهدف إزهاق الأرواح البريئة واستباحة لدماء شيعة أهل البيت وتدميراً للبنى التحتية وتفخيخاً لمراقده المقدسة قبور الأئمة المعصومين الميامين وزارها ومن يلوذ بها ، وما يدور على مصر الفاطمية وسائر البلدان الاسلامية من فرقة ونفاق وتمزيق لوحدة صفوف المسلمين بدلاً من دعوتهم على الوحدة والتأخي والعيش بأخوة وأخاء .

مؤامرت تحيكها وتخطط لها أنظمة متخاذلية عميلة زائفة ضعيفة متزلزلة على متآمرة على وحدة الصف الاسلامي ترى في وعي الناس والتعبير عن رأيهم ومطالبتهم بالحرية العدالة والمساواة وعبودية الباريء المتعال والتمسك بمنهج العترة الطاهرة ومدرستها المنيرة والوضاءة بالابتعاد عن الانحراف الأموي وزيفه المتمادي، خطورة على سلطتها وسطوتها وجبروتها وطغيانها وبقاءها في مسند الحكم وتلمس بجد انها سائر نحو انحدار الهاوية بتزايد وعجالة يوماً بعد آخر وانه لا مناص من حقيقة سقوطها وانتصار شعوبها المسلوبة الحقوق والمغلةب على أمرها بقوة القدرة ومال بترولها المغصوب .

أنظمة موروثية نازية دموية قمعية همجية قتلة مناهضة للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة تكم أفواه الأحرار بالصلب والرصاص والزج في قعر زنزاتها المخوفة والمظلمة ولا تتوانى من قتل الاطفال والشباب والكبار أناثاً وذكوراً واستباحة الدم المحرم سماوياً ولا تجرؤ على تنظيم أية انتخابات لأنها تعي جيداً من أن تنظيمها يعني طردها من البلاد، وتستخدم مختلف أنواع الاسلحة المحرمة دولياً من الغازات السامة وحتى رصاص الشوزن (الانشطاري) لتضحى عارا على البشرية جمعاء، وتعلن دون خجل أو استحياء دعمها للمجموعات الارهابية بكل ما لديها من امكانيات ليعثوا في أرض المسلمين فساداً في العراق وسوريا ولبنان وافغانستان وباكستان ومصر وليبيا وتونس وغيرها ويحرقوا الأخضر واليابسة .

من هذا المنطلق يرى العالم برمته الاصرار المليوني المتزايد عاماً بعد آخر من شيعة واتباع وانصار محبي أهل البيت (عليهم السلام) والحق والحقيقة والحرية والاباء في احياء أربعينة الوعي ونور الهداية ومنار الاحرار ومدرسة مقارعة الظلم والانحراف والاستبداد وراية الحرية والعدالة والمساواة ودعوة الحق والحقيقة وصوتها الصادح الى عنان السماء "أني لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد ، عباد الله إني عذت بربّي وبربّكم إن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب " – من خطبة الامام الحسين عليه السلام الثانية في جيش عمر بن سعد ظهر عاشوراء.