الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٣ صباحاً

من فرط التكرار صار الكذب يشبه الحقيقة

جلال غانم
الخميس ، ٠٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
الاستناد على ضريح إمام ميت في إدارة شؤون البلد شيء مؤلم ويجلب الكثير من التعاسة بل وعندما تكون تركيبة العملية الديمقراطية مبنية على التخمين أو تكييفه قات مُستندة في كُل مُبرراتها على كذب يتسع لحُكم البلد وتوظيف خريجي جامعاتها في لفتة نظر فإنها هذه الكذبة لا تجد من مُبرر لها سوى المُصفقين والمزايدين الذين جمعتهم غنيمة تاريخية على اقتسام فيدها .

الكذب مفسدة تُجيدها النخب وتُجيدها التركيبة البنيوية والاجتماعية للمُجتمع اليمني متكئة على عمليات تخصيب دائمة من سُلطة الفساد وتفريخاتها المُمتدة في المفاصل الدقيقة لأجهزة الدولة المختلفة .

جُرع من الكذب ومواسم من الضحك ومُزايدات وشِلل عسكرية وقبلية ووظيفية لا تدع لك مجال حتى لتفكيك تضادات العملية السياسية المُعقدة .

فعندما يتحول الأمل إلى عملية مُقننة ومُختصرة على مقاس أشخاص وجماعات بعينها استثمار للجُهد الوطني فتذكر دائما بان هذا الأمل هو مصدر للألم ومصدر للارتزاق .

فالضرب على وتر حساس بأي مُسمى ثوري أو وطني كي يتم سلب أي تفاصيل أخرى تتقاطع مع هدف النُخبة فإن طي أي صفحة ثار لأجلها الإنسان في لحظة زمنية مُعينة من الصعوبة أن يتقبل نتائجها الهزيلة بحيث تُرافقها عملية استياء وتذمر لتتم إدراج بُنودها يوما من قبل هذه الشِلة إلى مُسمى ثورة مُضادة .

فمن السهل أن تجد من الضحك حالة تقمص للخداع ومن الانتصار والشد على النواجذ بقوة هدفك الشخصي تحت غطاء وطني وطائفي مقيت لكن من الصعوبة أن تجني نتائج إيجابية تُعبر عن الشعارات التي رفعتها يوما ما تحت أي مُبرر كان .

الكذب هذا عندما يجد له من المُبررات والطُرق مُتسع للحُكم فإنه يتمدد ويأخذ حيز أوسع من منافذ أي فُرص للحُكم الرشيد .
كُذب علينا أننا في يوما ما توحدنا ولم نعرف حينها أنا أمام طاحونة من الفساد تأكل الأخضر واليابس في الشمال والجنوب معا .

كُذب علينا أننا انتصرنا يوما ما في ثوراتنا بكثرة مُسمياتها ولم نعرف إلى يومنا هذا من هو هذا العدو الذي انتصرنا عليه .

هذا الكذب أمتد لمفصل وعظم ثورة 11 فبراير مع كثرة الانضمامات لها من كُل النخب حينها كُنا نسمع من وسائل الأعلام التي تعمل لجهات مُعينة أننا نجينا من الطوفان وفي الغد سوف يعود ملايين اليمنيين المُغتربين من خارج الوطن .

اليوم يتم الضرب على وتر الحِوار لاتخاذ كذبه أو مجموعة كذبات تُخدر رُبما المناوئين لحُكم العسكر أو لأصحابنا في الجنوب كي يقبلوا بأنصاف الحُلول .

متى يبحث اليمني عن الحقيقة للانتصار للحُكم ؟

متى نبحث عن مُسميات حقيقية تُقصي كل القوى المُلوثة في المال العام ؟

متى تتحول ثوراتنا من مرحلة قداسة الأشخاص إلى مرحلة المُحاسبة وإرساء مبدءا العدل ؟

نريد يوما ما أن نرى وجه الحقيقة أو على الأقل أن يرى اليمني كذبات تُليق بالقائمين عليها فقط كي يعرف كم خدعوه وعسكروه ووضعوه مصلوب في مواجهة برد الشارع خالي الوفاض حتى من أي ملبس يقيه ؟

فكم قتلوك وكم خدعوك ومنحوك قيدك ؟

أقرا وصيتك أيها الشعب الطيب أمام ضرباتهم الموجعة وكذباتهم التي نخرت في عضمك وعليك أن تؤمن بما قاله الكاتب والروائي الجزائري واسيني الأعرج ((الكذب في بلادنا ليس استثناء ولكنه من فرط التكرار صار يشبه الحقيقة ))
وعليك أن تتلو ما تيسر من (مديح الظل العالي) للشاعر الفلسطيني المرحوم محمود درويش علُك بذلك تُخفف من هزائمك المُتكررة :

كم كنت وحــــدك ، يا ابن أمّي

يا ابن أكثر من أب ٍ

كم كنت وحـــــدكْ

القمح مـرٌّ في حقول الآخرين

والماء مالح ، والغيــم فولاذ ٌ

وهذا النجم جارح

وعليك أن تحيــــا وأن تحيــــــا

وأن تعطي مقابل حبـّة الزيتون جلدك

كم كنت وحــــــــدك