الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٨ صباحاً

القات الصعدي والحلم الوردي..

جلال الدوسري
الخميس ، ٠٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
- اللهم أدمها نعمة وإحفظها من الزوال..

- الأن في أسواق القات بأمانة العاصمة؛ يتوافر وبشكل كبير, القات الصعدي بمختلف أشكاله وأنواعه، وبالجودة التي تضاهي الأنواع الأخرى.. وبأسعار تجعله في متناول كل من يحكه ضرسه وأدمنت على التخزين نفسه..

وبدلاً من ما كان الواحد يخزن بألفين أو ثلاثة أو أربعة, بقات غيلي أو أرحبي أو همداني درجة خامسة أو رابعة؛ صار بإمكانه أن يخزن بثلاث أو أربع أو خمس مئة ريال قات صعدي دوجة أولى..

- ومن ما لا شك فيه أن هذا التوافر للقات الصعدي، وبهذه الأسعار الزهيدة؛ له دلالات تكمن في أن وراء ذلك أمن وأمان وإستقرار.. وأن الخطوات تسير نحو الإزدهار.. ويكفي أن نجد في هذا أبناء صعدة وقد بدأت دائرة الوعي تتسع أكثر فأكثر. حيث الخروج من دائرة المكان الضيقة إلى الرحاب الأوسع، والإنفتاح على الأخر والتعايش معه..

- وكما في زراعة القات وتصديره والإتجار به، والعمل للعيش منه؛ هناك أنواع أخرى من الفواكه والخضروات الصعدية وهي تغرق الأسواق بكثرة توافرها وبجودتها الفائقة وأسعارها المناسبة.. ومن تلك نجد الرمان والبرتقال والتفاح والحبحب، والطماطم والبطاط والجزر وغيرها.. حتى أنواع مختلفة من الحبوب التي يقال أن صعدة قد أعلنت قبل فترة الإكتفاء الذاتي, وغدت تصدر الفائض إلى محافظات أخرى..

- وفي جانب أخر؛ نجد أبناء صعدة وقد إنبعثوا من جديد من بين ركام الدمار والخراب والقهر والظلم، فلملموا جراحاتهم، ونفضوا الغبار.. تركوا أسلحتهم، وخرجوا لينتشروا في أصقاع البلد.. منهم من يطلب العلم في المدارس والمعاهد والجامعات.. ومنهم من يسعى في طلب الرزق عاملاً في كثير من المجالات.. فنجدهم وهم سائقي حافلات وتكاسي.. وفي الأسواق تجار وباعة.. وحتى كباعة متجولين.. موقنين أن خيرهم من أكل من عمل يده..

- صعدة.. كما يعرف المتابعين والمهتمين أنها من المحافظات اليمنية الضاربة جذور حضارتها في أعماق التاريخ..
وقد كانت كعاصمة سياسية أو ثقافية أو علمية لعدد من الدويلات التي تعاقبت على حكم اليمن في مراحل مختلفة..

- وصعدة بمساحتها الكبيرة؛ معروفة بمناخها الذي يتنوع بتنوع تضاريسها القابلة لأن تحمل وتنتج أنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية وبكميات كبيرة.. كما أن هناك من يشير إلى أنه من المحتمل جداً أن يكون باطن أرضها يختزن كميات قد تكون ضخمة من النفط والغاز, لموقعها الجغرافي وتكوينها الجيولوجي، وهي على مقربة أو تقع في نفس الجرف القاري الذي أثرت السعودية من ما يختزنه من النفط حتى بلغت حد التخمة..

- وأبناء صعدة بطبيعتهم, على الفطرة أنقياء.. ومن الطبيعي أن يكونوا محبين للخير والعطاء, ويعشقون السلام والصفاء.. وليس بمستغرب أن تسمى صعدة مدينة السلام.. وقد عُرفت بهذا الإسم منذ زمن بعيد..

- ومن كل ما سبق؛ أرى أن المستقبل أمام أبناء صعدة, ليرتقوا إلى الأعالي في رحاب العلم والعمل.. مادام وقد أستغلوا الحاضر مستفيدين من الماضي.. حيث أنفتحت أمامهم الأفاق، بعد زمن طويل من بوتقتهم، ووضعهم موضع الإنغلاق الفكري والمعرفي والعملي, الذي أرادته لهم الأنظمة الحاكمة، بقصد أن تبقيهم خلف الضوء لتأمن تفوقهم, وهي تعلم ما هم عليه عبر التاريخ من فطنة ودهاء.. والأكيد في هذا؛ أن النظام السعودي وبإيعاز شديد ومساهمة فاعلة منه كان له الدور الكبير بذلك, وهو الذي ديدنه إبقاء اليمن كل اليمن تحت وصايته, ولا ضمانة له إلا أن يعمل على أن يبقيها في مثلث الحاجة المتمثل في الجهل والفقر والخوف.. وإستمرار وضعها موضع اللا إستقرار..

- المستقبل أمام أبناء صعدة, وفي صعدة كل الخير.. هذا ما تدل عليه الحقائق, ويشير إليه الواقع, وتؤكده الأحداث.. ومن خلال متابعتي وملاحظتي؛ فإن مؤشر الأمل عندي يرتفع إلى أعلى درجاته.. خاصةً وأنا ألحظ أن طموحهم كما يبدوا ليس له حدود.. وكأنهم مدركين أن لا شيء صعب ولا هناك مستحيل..