الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٥ مساءً

الأمن الاجتماعي 1-1

توفيق الكهالي
الجمعة ، ٠٤ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
وهو لا يقل أهمية من النوعين السابقين ، وساعدت تلك الأهمية مع انتشاره في المجتمعات الإنسانية الحديثة نتيجة للتطورات الاجتماعية التي انعكست على العلاقات من حقوق وواجبات مما جعل هذا النوع من أنواع الأمن يُخدم من العلماء المفكرين والتربويين الاجتماعيين .

ونستطيع أن نصيغ للأمن الاجتماعي تعريفاً مضمونه أنه " الجهود المتظاهرة من جميع أفراد المجتمع ومؤسساته للقضاء على كل ما يؤثر على أمن المجتمع وأمن أفراده ومؤسساته "
وهذا يعنى أن الجميع مسئول مسؤولية كاملة عن أمن مجتمعه وأمن أفراده ولكي يتحقق ذلك فإليكم هذه الطرق التي متى ما عمل بها أعضاء المجتمع المسلم فهو آمن بإذن الله تعالى .

1-أن يرعى كلاُ من حقوق الأقارب والأرحام وهم مجتمعه الصغير والذي هو مؤاجر على صلتهم وآثم على مقاطعتهم ، وأن يفرز تلك الصلة بالزيارات والاتصالات والسؤال عن الحال وتفقد الأحوال ، وعليه أن يصبر على أذاهم ، ويتحمل عنتهم وغلظتهم وأن يكون بينهم داعياً لله ومصّوباً للمخطىء فيهم ومرشد العاصي منهم ،فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبرعلى أذاهم ، وأن يقف بجانب من يحتاج إلى دعم ومساندة منهم فله بذلك الأجور والمثوبة من الله تعالى .

وفي وقتنا هذا وبوجود كل هذه الفتن فإن المسلم يتشاغل فعلاٌ عن أقاربه وأرحامه وقد يمر الشهر والشهرين والعام والعامين وهو لم يراهم أو حتى لم يسأل عنهم وهذا الأمر سبب من أسباب انفكاك المجتمع العائلي وهو نذير خطر وشؤم على المجتمع كله .

2-أن يراعي أيضاً حقوق الجار مراعاة كاملة لا يشوبها نقص أو تقاعس من جميع أفراد مجتمع الحي وذلك أيضاً بالزيارات والسؤال والمحافظة على صلاة الجماعة ، وحضور المناسبات التي تتعلق بأحد أفراد الحي ، وهذا يعني أن كلاً شخص من أفراد هذا المجتمع يؤمن جاره الذي بجانبه وهكذا حتى يصبح الحي في سلسلة أمنية وثيقة ، لا يستطيع أحد أن يتخللها أحد ، أو حتى يقرب من حماها ، ثم أن هذا الأمن مما جاء المطالبة به في الشريعة السمحة ، والأحاديث التي تدل على مكانة الجار وفضله وأهمية منزلة كثيرة جداً . والحي أو القرية الذي تجد فيه التنازع والتباغض والتدابر والتحاسد في قلوب ساكنيه لا يألفه أحد ، ولا يرغب أن يُسكَنَ فيه مطلقاً ، و يجدر الإشارة هنا بأهمية دور المسجد وعظم رسالته في هذا الجانب .

3-أن تراعي حقوق الأصدقاء والأصحاب سواءاُ في المدرسة أو المكتب أو مكان العمل بشكل عام ومن أهم الحقوق الوفاء بتلك الصحبة وعدم الخيانة والغدر وتعزيز المحبة في الله تعالى ، والعمل على مساعدة الصديق في نوائبه ومصائبه والوقوف معه ، ومشاركته في أفراحه وأتراحه ، ولو اهتم كل شخص من بذلك لوجدت اللحمة الطبية الأصيلة ، والتعاون المثمر ، والأمن الملحوظ والمشاهد في ذلك المجتمع والذي يسعى إليه جميعاً .

4-أن تراعى حقوق جميع من يشاركك في الوطن وأن يحرص كلاً منا على أن يكون عمله نافعاً صالحاً لأبناء مجتمعه أو وطنه ، ومن تلك وجوب الدعوة إلى الله وتفعيلها والاهتمام بها اهتماماً بليغاً في سفينة النجاة ، وهي الملاذ بعد الله تعالى من الوقوع في حفر المعاصي والمفاسد ، والالتفاف حول ولاة الأمر والعلماء وطاعتهم بالمعرف وعدم الخروج عليهم والنصح بذلك ، والسعي لأن يكون الجميع أيدي عاملة لتطوير هذا الوطن وتنمية أرضه ، وتعزيز أمنه فبذلك كله نجد وطناً آمناً بإذن الله تعالى رغم شر الأشرار وكيد الفجار ، أعاذنا الله وإياكم منهم .

وبعد هذا كله فإن هناك أمور لابد من تفعيلها لكي نحقق تلك الوقفات الأربعة السابقة الخاصة بتحقيق الأمن الاجتماعي ومن أهمها :-

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وفي ذلك يقول الله تعالى :- { كُنتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس تَأْمُرُونَ بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ....... الآية } آل عمران 110

التواصي بالخير والصبر على ذلك .
قال تعالى :- " وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الـإِنسَان لَفِى خُسْرِ {2} إِلَّـا الَّذِين آمنواْ وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ وَتَواصَوْا ْ بِالْحَق وَتواصَواْ بِالصَّبْرِ (العصر 1-3

إبراز الأخلاق الإسلامية الفاضلة .
كالحب في الله والكرم والمروءة والصدق والشورى والإيثار ... وغيرها من الأخلاق والصفات المحمودة ولأصحاب تلك الأخلاق الأمن بإذن الله في الدنيا وقرب المنزلة من الحبيب عليه الصلاة والسلام .
قال عليه الصلاة والسلام : - " أقرب الناس منى منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً " .

استشعار قيمة التعاون والترابط بين أفراد الأمة .
وذلك بأن للمجتمع المترابط والتعاون على البر والتقوى خيراُ كثيراُ في الدنيا والآخرة ، ثم أن المجتمع المترابط يقف صنعاً قوياً ضد كل من يريد شراً .

إذاً فمتى ما فعلت هذه العبادات والقيم النبيلة فهي تضمن بإذن الله تعالى أن يعرف كل فرد من أفراد المجتمع مسؤوليته تجاه هذا المجتمع ودوره الذي لا يجب أن يتأخر عنه فإن ذلك كله يساعد في بناء مجتمع نافع آمن .

ومن النتائج المستنبطة بعد تحقيق هذا الأمن الاجتماعي :-

1/ أطلاع المسلم على أحوال من يهمه أمرهم كالأقارب والجيران وأبناء الوطن .

2/ بناء جُدر أمنية دامية من كل من يريد بالمجتمع شراً ومكيدة .

3/ انتشار الفضيلة والسماحة بين أفراد المجتمع ، وسقوط أعلام الرذيلة و // .

4/ أن مكانة أمن المجتمع في القلوب ستتضاعف ، الأمر الذي يؤدي إلى الاهتمام بها ورعايتها رعاية شاملة كاملة .