الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٢ صباحاً

الحلف "السعو إيراني" تحت مجهر الثورة السورية!

حبيب العزي
الاربعاء ، ١٧ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١٢:٣٠ مساءً
لقد جاءت الثورة السورية المباركة لتكشف لنا عن زيف الكثير من الأقنعة التي قد تتراءى للبعض جميلة المظهر في عالمنا العربي وفي المنطقة عموماً ، بينما هي في الجوهر تحمل كل معالم القبح ، كما جاءت لتعري بعض الأنظمة التي تلعب بعقول السذج من الشعوب على وتر الدين ، وتتغنى صبح مساء بامتلاكها رصيداً حافلاً من المبادئ والقيم في نصرة المظلوم ، وفي الوقوف إلى جانب الشعوب المقهورة ضد الظلم والجبروت.

من تلك الأنظمة .. إيران على سبيل المثال ، التي ظلت - ومنذ قيام الثورة الخمينية في أواخر السبعينيات من القرن المنصرم وحتى اليوم - تقدم نفسها للعالم وبخاصة العالم العربي ، على أنها نصير للمظلومين ، ومدافعة عن حقوقهم ، ومن المناصرين لقضايا المضطهدين في الأرض ، كما رأيناها تفعل ذلك في فلسطين ، فهي عمدت - غير مرة - إلى دعم المقاومة الفلسطينية ، بل ودعمت حتى حكومة حماس ، حينما تخلى عن دعمها العرب ، وكلنا يعلم أن كل ذلك الدعم والسخاء ليس حباً في فلسطين ولا حماس ولا حتى المقاومة ، وإنما كان لحسابات سياسية يعلمها كل متابع يملك عيناً بصيرة وعقلاً مستنير، كما قالت أنها من الداعمين لقضايا الحريات والديمقراطية في العالم ، وهي أساساً تقوم على نظام يعتمد "ولاية الفقيه " كمرجعية دينية عليا يمر عبرها حتى رئيس الدولة نفسه ، فكيف يمكن للديمقراطية أن تستقيم في بلد يقوم نظامه على أساس عقائدي ومذهبي ، وفيه آية الله العظمى بيده مقاليد كل شيء "يهب لمن يشاء رئاسة ، ويجعل من يشاء وزير" .

لقد استطاعت إيران "بدهائها" أو بالأحرى "بغبائنا" نحن العرب أن تسوِّق ذلك الشعار – شعار نصرة المظلومين – وأن تروِّج له على الأقل في منطقتنا العربية حتى تستطيع توسيع رقعة انتشار مشروعها الكبير ، وهو تصدير الثورة وتصدير المذهب للدول المجاورة ، والحقيقة المؤسفة أنها كانت قد حققت فعلاً بعض النجاحات في هذا السياق ، ولكن الثورة السورية المباركة ، التي فجر شرارتها شباب وأبطال سوريا الشجعان في الـ 15 من آذار "مارس" المنصرم ، جاءت لتضع حداً لذاك الخداع ، ولتفضح زيف ذلك القناع فينكشف على حقيقته ، وهي أن هذه الدولة – في حقيقة الأمر – لا يهمها المظلومين ولا المسحوقين ، ولا حتى سيل الدماء التي قد تنزف في سوريا أو غير سوريا ، إذا ما تعارض كل ذلك مع مصالحها كما هو حاصل الآن في سوريا ، وإذا كان سيؤدي إلى وقف الزحف والتمدد لمشروعها في المنطقة ، وهو ما تخشاه في حال انتصرت الثورة السورية - وهي حتماً منتصرة - على نظام بشار الأسد الحليف الاستراتيجي والأهم لها في المنطقة .

قد يقول البعض أن إيران لها حساباتها السياسية في المنطقة كدولة موجودة وقوة لا يستطيع أحد إنكارها ، ومن حقها حماية مصالحها كما تفعل باقي الدول الكبرى التي لها أطماع في المنطقة ، لكن الشيء المثير حقاً للدهشة والغرابة – وهو بالمناسبة ليس بغريب على كل متابع ومدرك لخفايا المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة – المثير حقاً للدهشة هو موقف حزب الله اللبناني المدعوم إيرانياً حيال الثورة السورية المباركة ، وهو صاحب الصولات والجولات والمعروف بمواقفه البطولية حيال العدو الاسرائيلي ، والذي سطر بدماء مجاهديه ملاحم بطولية جعلتنا نفاخر حينها بأمثال أولئكم الرجال الذين لقنو العدو الاسرائيلي دروساً قاسية في صور وصيدا والنبطية وبنت جبيل ومرجعيون وغيرها من مناطق الجنوب اللبناني في حرب تموز 2006م .

هل يعني ذلك الموقف الصامت من جهة حزب الله ، بل والمبرر- في أحايين كثيرة - لجرائم النظام في سوريا ، تأييداً للنظام "الحليف " في كل ما يفعل ، حتى وإن كان ما يفعل هو القتل والذبح للأبرياء ، وهل يعني ذلك أن حزب الله لم يعد يأبه من انكشاف اللعبة بأسرها - على الأقل أمام أولئكم البسطاء الذين كانوا يرفعون صور السيد حسن نصر الله ويهتفون باسمه في عموم العواصم العربية أثناء وبعد حرب تموز – من أن حزب الله ليس سوى أداة لإيران في المنطقة العربية ، يحركها كيف شاء ومتى شاء .

في الضفة المقابلة أيضاً ، هنالك لاعب آخر يمكن أن نصفه بـ "الحليف" – إن جاز التعبير - للاعب الأول بسبب بعض المشتركات التي تجمعهما ، والتي يجيد كليهما اللعب بها مثل البعد الديني والطائفي ، ونصرة المظلومين والوقوف مع المساكين وحماية المقدسات و...و... الخ ، لكنه معاكس له في الاتجاه بالعديد من القضايا ، منها مثلاً أنه يفتقر إلى الذكاء الذي يمتلكه "حليفه " المضاد ، والسبب ببساطة لأن الأول لديه مشروع واستراتيجية واضحة ، أضف لذلك أنه يملك قراره ، ولكن هذا الأخير - كغيره من أنظمة الحكم العربية - لا يملك أي مشروع ولا استراتيجية ، ثم إنه لا يملك أي قرار ، هذا الآخر هو المملكة العربية السعودية ، " الحارس الأمين لبيت الله وحامية الديار المقدسة ، وحاملة مشعل الدين نيابة عن الأمة " التي وقفت مع النظام المصري " الظالم " ضد ثورة الشباب المصرية وثورة الشعب " المظلوم " ، بل وشن مفتيها الشيخ / عبد العزيز آل الشيخ هجوماً لاذعاً على الشباب الذين يخرجون في مظاهرات تأييد للثورة ، واصفاً تلك المظاهرات ب " المخططة والمدبرة " لضرب الأمة الإسلامية في صميمها ، والأمر ذاته تكرر مع الثورة اليمنية ، فالمملكة تفانت - كما يعلم الجميع - في الدفاع عن نظام صالح "الظالم" ووقفت ضد الثورة وضد إرادة الشعب اليمني "المظلوم" ، وهي بذلك الموقف قد تسببت في إراقة المزيد من دماء اليمنيين ، ولم تكن حصيفة – بتقديري - في التعاطي مع هذا الملف الهام بحكم الجوار ،و الذي لا شك بأنه سيؤثر سلباً على علاقة الشعب معها مستقبلاً ، حيث سينتهي الحاكم وسيبقى الشعب حتماً .

وظلم ذوي القربى أشد مرارة ** على النفس من وقع الحسام المهند

العجيب الغريب و" ما غريب إلا الشيطان " أنها انقلبت 180درجة حيال الثورة السورية ، فهي بالغت وأسرفت في دعم الثورة السورية على حساب النظام ، وتحولت " بقدرة قادر" كل وسائل الإعلام المحسوبة عليها كـ " قناة العربية " مثلاً منبراً إعلامياً للثورة السورية ، وللتشفي بنظام الأسد ، مع أن الشعب السوري يعلم قبل غيره من الشعوب أن هذه "ا لهرولة" وهذا السخاء والكرم من قبل النظام السعودي ، في الوقوف إلى جانب الثورة السورية ، لم يكن أبداً حباً في الثورة ولا في الشعب السوري ، ولكنه جاء لتصفية حسابات سياسية مع إيران لا أقل ولا أكثر ، ومما يثير الدهشة أيضاً أن البيان الذي صدر عن الملك السعودي بشأن سوريا جاء فيه "أن ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة" ، فهل معنى ذلك أن المملكة كانت تقبل بما يحدث في مصر وفي اليمن ، ولا تقبل به في سوريا فقط نكاية بإيران .

وحسبنا الله ونعم الوكيل في الظالم مرة .. لكن .. حسبنا الله ونعم الوكيل في الظالم ألف مرة "حينما يرتدي عباءة الدين" .