الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٢ صباحاً

غياب جدوى الأحزاب

خالد الكريمي
الاثنين ، ٠٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
الكل يلهث أن يسود وأن يحكم القوم ويتحكم بالبلاد وهذه نزعة إنسانية شريرة تسيطر على عقول البعض من البشر وتقودهم إلى مربع الصراع الظاهر كالحرب والباطن المتمثل في سياسة التدمير التي ينتهجها أطراف المعركة. يتحدث الواقع عن نفسه وتسطع الحقيقة كالشمس لتخبرنا إن التشظي القائم يكمن في تعدد الرؤوس السياسية أو الطائفية, فكلما تباينت مدارس السياسة والطائفية توالدت الصراعات وتوالت المحن وكل المتنافسين غير الأسوياء ينتظرون ساعة الحسم وبهجة النصر, تنطبق هذه الكلمات على المشهد في اليمن حيث يجد المرء صعوبة في سرد الجماعات الطائفية والأحزاب السياسية التي تتكاثر بسرعة تفوق سرعة تكاثر البكتيريا بينما جروح الوطن والمواطن تزداد تمدداً ونزيفاً. ما أحوج اليمن أن يمنع تكاثر الأحزاب وما أحوجه أيضا لدفن الأحزاب العنكبوتية والأصوات النشاز لكي يتمكن من التقدم باطراد بدون عنف واحتراب.

يبدو جلياً أن الديمقراطية في اليمن تعني الفوضى الحزبية ولا سواها وأقصد من ذلك القول بأن من امتلك المال من الحلال أو الحرام بإمكانه أن يخترع اسماً لحزب سياسي ثم يكون رئيسه بمساعدة قليل من الأتباع وحفنة من الأبواق؛ العملية أصبحت بسيطة والديمقراطية أضحت مصنعاً للأحزاب بدلاً من أن تكون مصنعاً للرؤساء الشرعيين عن طريق “شخطة” قلم على ورقة اقتراع في منتهى البساطة.

لنذهب بعيداً ونحضر مثالاً يثبت الفوضى الحزبية في اليمن, في الولايات المتحدة الأمريكية لا تعرف الديمقراطية السوية هناك سوى حزبين سياسيين وانتهى الأمر وفي بلاد السعيدة الفقيرة تطول القائمة بأسماء الجماعات الحزبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل تساهم في تفكيك الصف وإضعاف الوحدة ومضاعفة الخلافات.

إذاً, لو نختصر هذه الشراذم الحزبية إلى حزبين رئيسيين, كيف ستكون ردة الفعل؟ بدون أدنى شك, سيثور الباحثون عن الزعامة لأنهم لم يؤسسوها إلا من أجل أن تقذف بهم إلى كرسي الحكم أو تمكنهم من المشاركة في السلطة والتسلط على الناس. ولهذا ستظل الحزبية السياسية الضيقة الفكر أصل الداء في اليمن و في الدول العربية الأخرى. التعددية الحزبية لا ضير فيها لأنها تضمن حياة سياسية متزنة وحرية فكرية بشأن الاختيار الحر لمن يستطيع بذل السبب في جلب الخير للأمة, لكن ما إن تصبح التعددية الحزبية فوضوية كما هو الحال في اليمن فالملكية أنسب.

لنسأل أنفسنا لماذا أحزابنا كثيرة؟ هل لنخدع أنفسنا بأن الديمقراطية في اليمن سوية؟ أم إنه التسابق في ساحة الشعب للفوز بالحكم وكفى؟ في الحقيقة, الكثير من الأحزاب لا هم لها سوى كيف سيكون نفوذها في المستقبل لكنها لا تفكر بالفعل كيف ستجعل لليمن مستقبلاً أجمل وهذا التفكير يعد عداء للوطن ولا يستحق الشكر.

رأينا جمعياً التباين القبيح لمواقف الأحزاب السياسية في اليمن تجاه نسب التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني؛ البعض قبلوا النسب بصمت وآخرون تذمروا وهناك من أعلن المقاطعة وهذا يثبت أن بعض الأحزاب السياسية لا تحاور من أجل رفع المظالم وإنما طمعاً في الغنائم على حساب الشعب.

أخيراً, احترقت مخاوف اليمنيين التي أثارتها في الأشهر القليلة الفائتة قضية هيكلة الجيش وصارت الهيكلة حقيقة تمشي على الأرض ويراها كل الناس وندعو لها بالثبات. الآن نحن بحاجة إلى هيكلة الأحزاب وحذف الكثير منها لكن إذا رأت هذه الأحزاب أن حذفها غير مقبول, فلا بأس بشرط أن توحد عبادتها لتراب اليمن لأن حب الوطن من الإيمان.