الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٥ مساءً

رسالة بحاجة لمن يتلقاها !

جلال غانم
الاثنين ، ٠٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
كيف حالك يا صديقي ؟

كيف تُفكر بحالة الزهد ونحن لم نخرج بعد من افتراضيات الماضي ؟

قُل لي : متى كُنا نرى مشاعرنا تطوف بلا هوادة بكُل القرى والمُدن بحثا عن من يُصالحها ؟

فنحن الغارقون في مُستنقع مليء بوحل آسن كطُحلب يتنامى كُل يوم ويكبر فينا بلا هوادة وتصبح وساخات وعداوات الحاضر هي من تحكُم , هي من تصنع العلاقات , هي من تُرتب شكل الرجال , تسريحة الشعر , هي من تصنع منا كُل يوم شيخ وقبيلة وفندم وحارس حقل .

لا أعرف كيف أجيبك فقلبي اليوم مازال يبحث عن رُخصة مثل الآخرين كي أعبر كُل هذا الخواء لأتخلص من ظُروفي , من أشيائي التي تُلاحقني , من لعنة الحصار المفروض على ذاكرتي , ولم أدع مجال لأرى في يوما ما دمعة تسقط دفاعا عن ماضي لعين , لم أرى من كُل ما يحدث إلا مصدر للخديعة خارج لُغات الانتماء التي عهدناها يوما ما إلى أنفسنا .

أيها الحاضر دعني أرى فيك ولو لمرة واحدة فُرصة للتحول , دعني أرى ألوان الطيف على أبواب المُدن القاسية , ودعني أنفض غُبار التعب على أدراجك .

أنا المُسافر بين الأمكنة , أنا من يرى في برد يناير بُكاء كوني , وأنا من أسير بلا دُعاء , بلا لحظة إيمان , بلا قديس , بلا هوية .

فما زالت الكلمات تسرقني كُل لحظة , وما زالت مآقي العيون هي مصدر التدفق كبحيرة مدها وجزرها مُصادر أمام( يم) كبير .
لم أعد أتحمل شكلية الحاضر , علاقات النساء , ثورات الرجال , لعنة النائمين , لم أعد أؤمن أن اللون الأبيض يُمكن أن يتحول إلى رمادي , ولم أعد أؤمن بلُغات الألوان .

إنه زمن العداء والاجتياح وبلا هوادة !

فالأوطان لم تصبح في يومنا هذا إلا للصغار , والثورات لم تُعد تبحث اليوم إلا عن مُستثمرين , والوحل الذي كُنا نخاف أن ندوس عليه أصبح في لحظة زمنية تخرج من قاعة كُل الخُطب الثورية , فصنعاء لم تعد طيبه لأهل العز وعدن مازالت مُكبلة بصراع مقيت وبلد تلوح من كُل زواياه أزمة .

أصبح الخروج إلى الشارع اليوم أزمة , أصبحت المجاعة التي تُهدد الصغار أزمة وكُلنا في حضرة الأزمة وطن نمضغه ونرفضه ونتصالح معه بثورة لا مكان لنا بينها إلا للاختلاف .

دُلني يا صديقي عن ثورات لا تقتل أبنائها وأوطان تعترف بجرحاها ؟

ما الذي تراه أمامك , ما الذي تراه خلفك ؟

أمامك , خلفك

يمينك , شمالك

كُل شيء من حولك مُصادر !

وأنا بعد رسالتي هذه لن أتهمك في يوما ما باليأس أو بالحزن فكُلنا في حضرة الأحزان وطن
والوطن في حضرة كُل منا قصيدة .

فدعني أستحضرك اليوم قصيدة , ودعني أزرع على جنباتك وردة بهية كي تثمر غد مُختلف كحالة ابتكار نحن اليوم بأمس الحاجة إليها .