الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٦ مساءً

ما لذي يجعل الشقيقة الكبرى أن تمتهن المواطن اليمني!؟

د. علي مهيوب العسلي
الاثنين ، ٠٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
ليس عيبا ان يذهب اليمني الى المهجر للعمل من أجل جلب قوت عيشه وأسرته بالحلال ،بسبب الحكومات اليمنية المتعاقبة التي ليس من خططها على الاطلاق الاستثمار في العنصر البشري الذي هو الثروة التي لا تنضب ابدا ،وبل وجعلت الانسان اليمني متسولا لأنها لا تلبي متطلباته الأساسية التي تجعله هو وأسرته يعيشان بكرامة!

وعندما أعلن عن تشكيل حكومة ما بعد ثورة 11 فبراير استبشر اليمانيون خيرا ،وبخاصة وزيرها الذي هو كان مغتربا من جور النظام السابق عندما لاحقه وأحرق بيته في مسيك لأسباب تافهة لكنها السياسة المقيتة أحيانا تفعل فعلها بحق أو بدون وجه حق ! ؛ مما اضطره أكثر من مرة لمغادرة اليمن الذي أحبه وناضل من أجله ،بسبب مواقفه التي لم تروق للنظام السياسي ابان حرب 1994م ،هذا المواطن الذي وان اختلفنا معه في مواقفه السياسية التي تغيرت بفعل ذلك الاقصاء لننا لا نشك ابدا من وطنيته واحترام مسؤوليته ! ؛كيف يكون لنا ذلك ؟ وهو الذ ي كان صديقاً مقربا ً للشهيد الحمدي طوال حكمه الذي اهتم بالمغترب اليمني وجعله من أولى أولوياته ،ونحن عندما نسمع صوت المناضل مجاهد القهالي وزير المغتربين وهو يكرر نفس الاهتمام بالمغتربين ويتحدث عن خطط وتفاهمات مع الجانب السعودي من اجل انها الكفالة التي كان يقتات بها شلة من مواطني المملكة التي لا تراعي ابسط حقوق الانسان في استغلال وسلب العائدات التي هي اصلا مهينة فلا يكتفي بذلك بل يأخذ اتاوات من عرق وكد المواطن اليمني بعملية ابتزاز لا مثيل لها في التاريخ ،قلت ونحن نسمع الصوت المدوي من رفيق الشهيد الحمدي يطير بنا الخيال إلى فترة السبعينيات وكأننا نسمع الحمدي الآن!

لكن ذلك الاستبشار الذي أشرنا إليه أنفاً على ما يبدوا قد صَدم الوزير نفسه الذي هو منتسب لتلك الحكومة الخائبة الآتية بمعظم تشكيلها من مصدر الشقاء لليمنين جميعهم، أي من السعودية ، أقول ذلك لما سمعته أمانة من الاخ الوزير الذي يدّل على المسؤولية العالية لديه تجاه المغترب اليمني ،فأعتقد أنه قد صُدم قبل المواطن اليمني في الداخل وفي المهجر ، لكن في اعتقادي أن الصدمة المدوية جاءت للمواطن الغلبان الذي لا يدرك بواطن الامور ،فاستبشاره تبخر عند أول يوم مارست الحكومة الجديدة مهامها ،حيث لم تتحسن الامور على الارض ، رغم ما قيل عن تدفق الأموال الخليجية والدولية إلى اليمن ،واكثر من ذلك المواطن اليمني في المهجر الذي كان في يوم ما عند ما وُجدت سلطة تحترم نفسها وتتابع مواطنيها في كل مكان كان العالم يستدين من الحكومة اليمنية بسبب تدفق أموال المغتربين اليمنين من كل مكان وبخاصة من الشقيقة الكبرى فتكوّن فائض مالي كبير لدى خزينة الدولة نتيجة لشجاعة وحكمة وحنكة القيادة السياسية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي !

فسلام لك يا راحلنا الكبير و يا شهيدنا الغالي يا أبو نشوان فعليك الرحمة والغفران ،فلم يسمع أي يمني في عهدك عن أي امتهان لأي مواطن يمني بعكس ما يسمع الآن من حرق للمغتربين اليمنين على الحدود ،وكما سمعنا ورأينا في التسعينيات من القرن الماضي عندما تعاملت الحكومة السعودية مع كل المغتربين اليمنين لديها من عقاب جماعي جراء تصرف نظام صنعاء في وقتها بموقف نبيل ،عندما وقف مع الشهيد صدام حسين ،فلم يروق للسعودية ذلك الموقف النبيل، ولربما هو الوحيد في تاريخ النظام السابق ! ؛ فقامت بعقاب جماعي ، حيث تم طرد المغتربين اليمنين دون الحصول على حقوقهم التي اكتسبوها بعرقهم بل حرموا منها ،ورجعوا إلى وظنهم كما يقال بخفي حنين !

فيا أيها الشهيد الحمدي نم قرير العين فكل اليمانيين عندما يتعرضون لمصيبة من أي نوع ،تراهم سرعان ما يترحمُّون عليك ! يامن رفعت كرامة وهامة كل اليمنين عاليا ،نعم! أيها الشهيد الحر لم تقبل أن يهان اليمني فحافظت على كرامة المغترب وكبرياءه الذي كان شامخا حد السماء بك وبيمنهم العزيز الذي احبوه وأحبوك مثله !

إن اليمنيين بطبعهم وتربيتهم وسلوكهم لا يضمرون الاساءة لاحد ،ولا يعتدون ولا يطمعون بثروات أحد ،ولا يشكلون تهديداً رغم شدة معاناتهم لأحد ، ويتساءلون ونحن معهم ما لذي يجعل الشقيقة الكبرى أن تعاملنا بعكس أخلاقنا ؟ هذا السؤال المحير لا يجد إجابة شافية وإنما تكهنات وتخمينات وإلى ما يشبه وصايا العجائز " خيركم في شقاء اليمن" لا منطق لهذا القول يدّعمه ولا ممارسة تؤكده كل ما جاء بهذه الوصية أثبت اليمانيون بالممارسة عكسها تماماً!

لقد شنت قوات المملكة السعودية هجوما على صعدة السلام ودمرت ما دمرت ،ثم يتردد الآن أن القوات الجوية السعودية تشارك في طلعاتها الجوية لملاحقة ما يسمى بالإرهابين في اليمن ،وبالرغم من نفي وزير خارجية العربية السعودية هذا الخبر ، إلا أننا نرجحه ! لما لتاريخها الطويل في التدخل في اليمن بكل شيء ، حتى ثورة الشباب سعت بكل قوة لوأدها ، ولكن نقول لكم أيها الاشقاء إن هذا الاسلوب المتبع غير مفيد لكم ولا لنا فنحن جيران والرسول العظيم وصى بسابع جار! ؛ فقدرنا وقدركم أننا في رقعة جغرافية واحدة ، واذا ما استمريتم على هذا النهج المؤذي لليمن فلن تجلبوا لأنفسكم وتاريخكم سوى الخذلان ! ؛ وهيهات هيهات لكم أن تحققوا ما تريدون ، لأن شعب اليمن حر وحركي لا يستطيع أحداً أن يجعله ساكناً مهما بلغت الفلوس والرواتب المدفوعة لمن باعوا وطنهم وأعراضهم بحفنة من الريالات ،ومهما بلغت كذلك قوة وتأثير سياستكم على من يحكموننا اليوم فلا شك هم زائلون وأنتم للهزيمة ستتجرعون !

إن أخر المآسي التي حلّت على اليمنين جميعهم هو خبر اغتصاب فتاة يمنية تناوب عليها عدد من الموتورين في أرض الحرم ،في أرض خادم الحرمين! هذا الخبر حلّ على اليمنين كالصاعقة ، ولهذا فإننا نهيب بأجهزة أمن العربية السعودية ان تتعقبهم وتقديمهم للعدالة لينالوا الجزاء الذي يستحقونه ،لأن الأمر عندما يصل إلى العرض وهي من الامور التي تعقِّد العلاقات بين الدول التي تحترم مواطنيها فما بالكم بالشعوب نظراً لحساسية مثل هكذا امور دينياً وأخلاقيا ً وغِيرَةً ..الخ. ولست مبالغاً إن قلت أن هذه الامور الحساسة والتي بكل تأكيد تستفز مشاعر الملك عبد الله قبل غيره، وبتصوري أنه سيتابع التحقيقات شخصيا ولن يخلُد إلى النوم حتى يجلب الجناة إلى المحاكمة وإنزال حكم الله فيهم ولن يدع هذه الجريمة الشنعاء تمر بسلام !

فيا ترى ما هو المنهج التربوي الذي يدّرس في المملكة الذي ينتج ، إما متطرفين إسلاميين ، أو ينتج شواذا ً غير سويين، فالمطلوب مراجعة هذا المنهج وتقييمه يا جلالة الملك!
أما نحن في اليمن فقد حاولنا الإجابة عن السؤال المُحَيِّر حقا الذي أثرناه سابقا فتوصلنا إلى الآتي:

عندما قلبنا الأمور من كافة الزوايا لماذا الشقيقة تعاملنا بأساليب غير إنسانية ، بل والكثير منها غير اخلاقية ،وقارنا ذاك الفعل بتصرفات اليمنين وسلوكهم الطيب عند عملهم في السعودية منذ أمد طويل ، وعلى عاتقه عمّر الارض وأقام المباني والمنشآت ،ومن إقامة المصانع ، ولقد تكوّن لليمنين رأس مال ليس بالقليل وتسعوّد كثير ممن كوّنه ، وافتقده الوطن الأم رغم حاجته الماسة له ،ولم يسيء يوما للحكم ولا يتدخل في شئونه الداخلية مطلقا ً ،فنجد بكل تأكيد أن المواطن اليمني كان ضحية في كل الأوقات والأزمان ! ؛ فما هو إذن السبب يا ترى!؟ ببساطة شديدة توصلنا أن من يتولى السلطة في اليمن هم السبب في كل ما جرى ويجري لليمنين في الخارج سواء في السعودية أو غيرها ،فالحاكم يضع نفسه حيث يريد ،فلقد وضع الرئيس البطل ابراهيم الحمدي حيث يريد شعبه فاحترمه الأخرون ،وكان اليمني مصان الحقوق والكرامة في أرض المهجر ،وعندما تعاقب حكاماً عملاء يقبلون أن يدنسون أنفسهم بمغريات مالية أو بمناصب سياسية حلّ بنا ما نشاهده ،ولذلك نقول لحكامنا إن لم تستطيعوا أن تحافظوا على كرامة مواطنيكم وأعراضكم ! ؛ فلترحلوا عنا غير مؤسفاً عليكم ،فأنتم وحدكم خراب بلدنا وعليكم اللوم في المقام الأول مما يحصل للمواطنين في الغربة ! ؛ فإن لم تتحرك وزارة خارجيتنا في هذه القضية وغيرها من القضايا ، وعلى سبيل المثال ما أقدم عليه الوزير المناضل مجاهد القهالي في إحياء الحوار البناء والندي مع الاخوة في السعودية أثمر ذلك بدراسة إلغاء الكفالة ولكن المغترب ما زال يشكوا من البديل ، حيث حولت الكفالة إلى جبايات من قبل الدولة السعودية وبأرقام تفوق دخلهم ! ؛ فمن مبلغ للتأشيرة ،الى مبلغ للإقامة إلى ...إلى ما هنالك من رسوم لا تفرق بين الطالب والعامل والموظف والدكتور فتحتاج من الوزير مزيداً من التفاوض لكي تكون الرسوم متناسبة وبعدالة مع كل شريحة من شرائح المغتربين!

أختم مقالي هذا بالهمس بأذن الاخ الرئيس أن يولي قضية اغتصاب فتاة يمنية كامل اهتمامه ،وأن يوجه وزارة الخارجية والمغتربين بعمل ما يلزم لكي ينال المجرمون ما قاموا به من اعتداء في مكة المكرمة ،وأقول لك أن ما يجري في العراق اليوم من ثورة بسبب امتهان ماجدات العراق من قبل حكومة المالكي ،فبعض القضايا لا تحتمل المماطلة والمرونة السياسية بل تتطلب تحريك الدولة واتخاذ الموقف بحيث لا تتكرر تلك الافعال القبيحة ،وأرجوا أن لا تكون المبادرة الخليجية سيفاً مسلطاً لقراراتك ، فمن وجدت أنه مقصراً في أداء وظيفته ولا يمارس ما خوله القانون فعله ، فما عليك إلا إقالته حتى لو استدعى تقصيره محاكمته ، فإن فعلت ذلك فرصيدك التاريخي حتما سيكبر ،فما تفعله من إنجازات فهي بالفعل مقدرة من شعبك ،فسأضرب لك مثلا فقط لأدلل على ذلك "عندما أقدمتَ على استدعاء النقطة التي تمكنت من القاء القبض على شُحنة السلاح المهربة ومكافئتك لهم بتلك الصورة التي رأيناها ،فلقد استبشر كل اليمنيين من أن الحمدي قد عاد إلينا بمن هو مثله ! إنه هادي الرئيس ،وكانت تلك المكافئة دافع قوي لكل جندي شريف أن يمسك المخالف مهما علا شانه ، لأن الرئيس هادي معه ،بينما في السابق كان الكثيرون يعرفون ، ولكنهم لا يفعلون ! ؛ لأن أوامر عليا تهددهم إن تَكَلمُوا أو بَلَّغُوا ،أما الآن فكلهم إصرار على فضح كل من يحاول أن يسيء للوطن ويستغل نفوذه طالما وأنت معهم !

وبالقضية التي نحن بصدد الحديث عنها ،فأتمنى من كل قلبي أن تشكل لجنة لمتابعة التحقيق تحت إشرافك ومتابعتك وأن تستدعي وزير الخارجية وتسأله عما عمله في متابعة قضية الفتاة اليمنية المغتصبة في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية ؟ وترى ماذا عمل في جريمة الاغتصاب ! وأن تقيله إن لم يعمل شيء يذكر في سبيل إنصاف الضحية ! ؛ واعذرنا أخي الرئيس في أوقات كثيرة ربما نتجاوز في نقدنا ، فالقضايا تفرض نفسها علينا فتجدنا لأهميتها منجذبين وحسبنا الله ونعم الوكيل في من يمتهن كرامة اليمنيين ، وعلى حكومتنا التي لهذا الفعل لا تدري ولا هي من المتابعين!