الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٧ مساءً

ثقافة الكراهية كيف مقاومها؟

عارف الدوش
الاثنين ، ٠٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٣٠ مساءً
•حسناً أن يبدا الشباب اليمني العام الجديد 2013م بـ" " لا للكراهية.. نعم للتنوع والسلام" فالأشياء الجميلة تبدا صغيرة فتنموا وتكبر إذا لاقت التشجيع وتلقفها الكبار من الشباب واعتنوا بتا وقدموا لها الدعم والمساندة فما فعله أكثر من ستين شاباً وشابة ينتمون لمختلف الوان الطيف السياسي ومستقلون من داخل اليمن وخارجها عندما تنادوا واصدروا بياناً بعنوان" " لا للكراهية.. نعم للتنوع والسلام" أعربوا فيه عن قلقهم البالغ إزاء تدهور قيمة التعايش التي عاش في ظلها اليمنيون لقرون طويلة شيء يبشر بالأمل وعلينا إن لانفقد الأمل وان نبشر ولا ننفر مهما كانت الظروف قاسية ومهما رأينا لاشر باين للعيان والقتل في متناول الأعين يحصد أفضل الكوادر في الجيش والأمن كمقدمةلإستباحة الوطن.

• علينا الاعتراف أن ثقافة الكراهية هي المسيطرة على واقعنا السياسي والاجتماعي ليس في اليمن فحسب وإنما في معظم دول المنطقة العربية إن لم يكن كلها. ولا أعتقد أن مجتمعنا اليمني استورد ثقافة الكراهية من غيره وً أن خزائن الأحقاد وصلتنا من غزو ثقافي أو بواسطة شركات العولمة ! إنها ثقافة أينعت بعد زمن من الألأم والمعاناة وممارسة الظلم والإقصاء والتوحش فيه وركام من القمع والاضطهاد والتهميش والتشويه والتضليل والأكاذيب والشعارات فنبتت ثقافة الكراهية بين ظهرانينا وغذيناها بتصرفاتنا واليوم نحن جميعاً -لا أستثنى أحداً- اسلاميون ويساريون قوميون وليبراليون زيود وشوافع حوثيون وسلفيون اسماعيليون وأخوان شماليون وجنوبيون نجني مخرجات مدخلاتنا في عقول الأجيال الذين كانوا بالأمس شباباً وصاروا اليوم قادة ومسئولين .. كما أننا نجني ما زرعناه في عقول شباب اليوم قادة المستقبل من خلال تصرفاتنا وافكارنا وقيمنا التي نغرسها في عقولهم .

• في مجتمعنا اليمني ثقافة الكراهية تغذيها ترسبات سياسات الماضي وإعلام الماضي ومناهج الماضي وشعارات الماضي الذي عايشناه خصوصاً منذ النصف الثاني من القرن العشرين الماضي حتى اليوم وما بعده ووّلد ذلك الأحقاد وزرع الكراهية بين أفراد المجتمع وفي مراحل سياسية ليست بعيدة تم إحياء النزعات الانقسامية وتوحشّت الأحزاب الأيديولوجية ومورس الإقصاء بشكل سياسي وأحيانا مذهبي وطائفي وطبقت ممارسات شوفينية بأسوأ أفعالها وجناياتها.

• لقدعشنا خلال تجزئة الوطن اليمني أطواراً من السياسات البدائية والشعارات المتوحشة التي جنت على تفكير أجيال القرن العشرين الماضي الذين قاموا اليوم بالهروب الى انتماءات أقل ما يقال عنها إنها متخلفة ضيقة تمجد الجهوية والمناطقية الجغرافية والطائفية والسلالة والمذهبية بعد تشظي الهوية الآيديولوجية وتفاقم التطرف إلى حدود لا يمكن تخيلها أبداً.

• ومن هنا علينا إن يكون خطابنا في العام الجديد 2013م تصالحي ينبذ ويقاوم ثقافة الكراهية و يتحلى بالمسئولية وان يبدا كما دعا إليه الشباب في بيانهم إلى إيقاف "حملات التحريض المتبادلة والممارسات التي تكرس التشرذم والشقاق والصراع" والعمل على فتح قنوات حوار ومباشرة آليات معالجة على الصعيدين الإعلامي والميداني عبر ميثاق شرف توقّع عليه جميع الأطراف والقيادات.

• أن مجتمعنا اليمني اليوم بحاجة ماسة الى من يتسامح ويغسل نفسه من كل الأحقاد والكراهية لأن العالم اليوم بات يعتني بمجتمعاته وأن الثقافات والهويات المختلفة والمتناقضة بدت متعايشة وغير متنافرة وأن الحياة لم تعد تتصارع بتوحش بل تتنافس بسلمية وديمقراطية وأن المجتمعات الذكية غدت تسعى للحصول على مكتسبات أكبر وأن السباق بات اليوم للأحسن والألإضل المتسلح بالعلم والتكنلوجيا والمؤهل لقيادة والإنتاج في المجتمعات وليس للأقوى.

• أن ثقافة الكراهية لابد أن تزول من العقول والأنفس وأن تعمل كل الأحزاب والنخب السياسية والثقافية والحقوقية والمهنية ومنظمات النجتمع المدني على استئصالها . وعلينا ان نتشبّث بكل المعاني الحضارية والقيم الجميلة التي عرفها مجتمعنا اليمني منذ ألاف السنين فالكلمة الطيبة صدقة والمجادلة بالتي هي أحسن فضيلة والابتسامة جواز مرور للمحبة واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا .. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى .. الخ.

• لقد ركز الشباب في بيانهم الذي افتتحوا بت العام الجديد 2013م على إن "إن اليمن الجديد الذي يحلم به عموم الشعب لا يمكن أن يكون إلا للجميع وبالجميع على اختلاف مشاربهم السياسية والثقافية والفكرية والمذهبية ويستحيل على طرف أو لون واحد إلغاء أطراف أو ألوان أخرى" وان يسود القانون وحقوق المواطنة وحرية التعبير للجميع دون استثناء.
ــــــــــــــــــ


ثقافة الكراهية كيف نقاومها ؟ (2-3)


• إن قراءة عميقة لمعرفة العوامل والأسباب التي أنتجت ثقافة الكراهية في المجتمع اليمني أمر ملح وضروري وعلى الجامعات ومراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني معرفة الطرق المناسبة لتجاوز التأثيرات السلبية والمدمرة لثقافة الكراهية وأضعف الإيمان محاصرتها والتقليل من حدوثها وبروزها في الفضاء الإجتماعي الوطني باعتبارها تنشر العداء والعداوة بين أبناء الوطن الواحد وعلينا التنبه إلى أن عوامل عدة تشترك في إنتاج ثقافة الكراهية موضوعية وذاتية داخلية وخارجية.

• وفي إطار سعينا الحثيث أفراداً ومؤسسات علينا إرساء ثقافة الحوار والتسامح وحقوق الإنسان في فضائنا الاجتماعي الوطني وأن نبدأ من البيت والمسجد والمدارس والجامعات . ومن الأهمية بمكان تفكيك ثقافة الكراهية ومعرفة العوامل المباشرة لحدوثها وما هي الكيفية أوالآليات المناسبة للتقليل منها في فضائنا الاجتماعي الوطني . فهل من الطبيعي أن يقود الاختلاف الآيديولوجي أو السياسي إلى العداوة والكراهية؟ أم أن هناك عوامل وأسبابا أخرى تتدخل في هذا الأمر فتحولت الاختلافات بكل مستوياتها إلى مصدر من مصادر العداوة والكراهية.

• إننا بحاجة ماسة اليوم إلى قراءة الواقع وإزالة كل موجبات الكراهية والعداوة من فضائنا الاجتماعي الوطني . وذلك لأنه حينما يسود العداء الواقع الاجتماعي فإن الأخطار الحقيقية تتلاحق علينا. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستقر أحوالنا وأوضاعنا ونحن نحتضن ثقافة تدفعنا إلى ممارسة الكراهية ضد بعضنا البعض لمجرد الاختلاف في التصورات والقناعات.

• وثقافة الكراهية قادرة بتأثيراتها وانعكاساتها على شحن النفوس بشكل سلبي ضد المختلف والمغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا. وهي تنتج السلوك العدواني الذي هو في جوهره حالة نفسية سلبية ضد الآخر المغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا بحيث تنفيه وترفضه في وجوده ونفسه أو في موقعه ومنصبه أو في مصالحه وعلاقاته وتتحرك نحوه بطريقة عدوانية - تدميرية. فالعلاقة بين الثقافة التي تبث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وبين السلوك العدواني بكل مستوياته والذي يستهدف تدمير الآخر وإلغاءه هي علاقة السبب بالنتيجة.

• فلا يمكن أن تنتج ثقافة الكراهية والبغضاء والإلغاء واقع المحبة والألفة والتسامح بل تنتج واقعاً من طبيعة ماهيتها وجوهرها. وهو العدوان بكل صوره ومستوياته. فالسلوك العدواني هو عبارة عن فكرة في العقل وغريزة في النفس وممارسة تدميرية وإلغائية في الواقع، فالأفكار والآيديولوجيات التي تلغي الآخر المختلف والمغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا ولا تعترف بحقوقه أوصلتنا في المحصلة النهائية إلى انتشار ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب والتخريب والتقطع وانتهاك حرمات الناس.

• والمشروعات السياسية التي سادت في مجالنا الاجتماعي الوطني بصرف النظر عن أيديولوجيتها وشعاراتها كانت ولا زالت تحمل مضموناً سيئاً عن المغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا. وأوصلتنا إلى أنها تحولت إلى مصدر من مصادر العدوان والعنف في الواقع الاجتماعي والسياسي. فالمشروعات الآيديولوجية والسياسية التي لا تحمل موقفاً حضارياً وتعددياً من الآخر المختلف والمغاير سياسيا وأجتماعياً وجغرافيا ساهمت بشكل أو بآخر في نشوء ظاهرة العدوان والعنف والتطرف والتخريب والفوضى. فحينما يختلف الناس في مواقع الفكر أو في مواقع الحياة الخاصة والعامة ويتفاوتون اقتصادياً واجتماعياً وجغرافياً تثور المشاعر وتتعقد المواقف حتى تتحول إلى خطر كبير على العلاقات الإنسانية في المجتمع عندها يتجه الموقف إلى الصدام الذي يهدد الجميع ويقطع التواصل في أفراده.. فهناك أسلوب السيئة الذي يعمل على إثارة الانفعال الذي يتحرك بالحقد والعداوة والبغضاء ويدفع بالموقف إلى القطيعة والصراع وذلك بالكلمة الحادة والنابية، والموقف الغاصب واليد المعتدية.

• لذلك فإن المدخل الحقيقي لعلاج ظاهرة العنف والعدوان والإرهاب والتخريب والتقطع في الفضاء الاجتماعي الوطني هو إعادة تأسيس العلاقة والموقف من الآخر المختلف والمغاير سياسياً واجتماعياً وجغرافياً .وعلينا ترسيخ الإيمان بشكل مطلق بأن الآخر والمغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا هو مرآة ذواتنا وإذا أردنا أن نتعرف على خبايا وخفايا ذواتنا فعلينا أن نتواصل مع الآخر والمغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا فهو مرآتنا الذي نكتشف من خلالها صوابية أفكارنا أوخطئها وسلامة تصوراتنا أو سقمها.

• لهذا كله فإن إعادة تأسيس العلاقة بين الذات والآخر المغاير سياسياً واجتماعيا وجغرافيا على أسس القبول بالتعددية والاعتراف بحق الاختلاف والخصوصية ونسبية الحقيقة هو الذي يزيل من ذواتنا وفضائنا الاجتماعي الوطني الكثير من موجبات العدوان والتخريب والتطرف والإرهاب بكل مستوياته وأنواعه وأشكاله اللفظية والعملية
ـــــــــــــــــــــــــ


ثقافة الكراهية كيف نقاومها ؟ (3-3)


• إن الاختلاف الآيديولوجي أو السياسي أو الاجتماعي أو المذهبي أو الجغرافي ليس مدعاة لانتهاك حقوق الآخرين بل على العكس من ذلك تماماً إن الاختلاف بكل مستوياته ينبغي أن يقود إلى التواصل والتعارف ومعرفة الآخرين على مختلف المستويات.. فالله تعالى بقول لنا في محكم كتابه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات 13). فإلغاء الخصوصيات لا يمثل نهجاً واقعياً في التعاطي مع الواقع لأن الإلغاء من أي طرف كان لا يغير شيئاً من المسألة في طبيعتها الذاتية أو من تأثيراتها الموضوعية باعتبار أنها تمثل بعداً في عمق الذات لا مجرد حالة طارئة على الهامش مما يجعل من مسألة الإلغاء مشكلة غير قابلة للحل. والرؤية القرآنية تؤكد على ضرورة أن تحرك الخصوصية في دائرتها الداخلية في الجانب الإيجابي الذي يدفع الإنسان للتفاعل عاطفياً وعملياً مع الذين يشاركونه هذه الخصوصية في القضايا المشتركة.

• إن وأد ثقافة الكراهية من مجتمعنا وفضائنا الآجتماعي الوطني بحاجة إلى إعادة الاعتبار إلى الآخر المختلف والمغاير سياسيا واجتماعياً ومذهبياً وجغرافيا فالاختلاف مهما كان حجمه لا يشرع للحقد والبغضاء وممارسة العدوان الرمزي بالقول والمادي بالعدوان بل يؤسس لضرورة الوعي والمعرفة بالآخر المختلف والمغاير ً ويزيل من نفوسنا الأدران والأحقاد والهواجس التي تسوغ لنا بشكل أو بآخر معاداة المختلفين معنا.

• فحينما يختلف الناس في مواقع الفكر أو في مواقع الحياة الخاصة والعامة في نوع الملبس والعادات والتقاليد ونوعية ممارسة طقوس التعبد تثور المشاعر وتتضخم الأنا وتتعقد المواقف حتى تتحول إلى خطر كبير على العلاقات الإنسانية في المجتمع عندما يتجه الموقف إلى الصدام الذي يهدد الجميع ويقطع التواصل في أفراده.. فهناك أسلوب السيئة الذي يعمل على إثارة الانفعال الذي يتحرك بالحقد والعداوة والبغضاء ويدفع بالموقف إلى القطيعة والصراع وذلك بالكلمة الحادة والنابية، والموقف الغاصب واليد المعتدية.

• إننا اليوم وفي ظل الأوضاع الحرجة التي نعيشها على أكثر من صعيد أحوج ما نكون إلى ثقافة تدفعنا إلى تضييق الفجوة مع المختلفين معنا سياسياً واجتماعياً وجغرافياً . ثقافة تحثنا على التعارف والتواصل والتفاهم والحوار المستديم وتلزمنا باحترام الإنسان وحقوقه ثقافة تحفز لدينا المبادرات الاجتماعية والسياسية التي تستهدف إزالة كل ما من شأنه أن يفرقنا ويؤدي إلى تعميق أواصر التلاقي والمحبة ويجذر خيار التعايش والسلم الأهلي ولنا فيما نراه وما حل بمجتمعات قريبة منا " الصومال و ليبيا وسوريا ولبنان ومصر والجزائر والصومال " عبرة نستفيد منها ىولا ونتلافى ما وقع فيه غيرنا من أخطاء لا.

• لتتكاتف كل الجهود والطاقات والإمكانات من أجل الخروج من شرنقة التعصب الأعمى للمواقف والاتجاهات السياسية لنرفض اللجوء إلى المناطقية والمذهبية والسلالة والطائفية ولنتسابق في البرامج السياسية الوطنية وفي المشاريع الوطنية التي تجمع ولا تفرق التي تنطلق إلى رحاب التواصل والحوار وإلى سعة الرفق والتيسير وترفض التطرف والتخريب والغلو والإرهاب والعيش في دوائر الجمود المميتة بل تنطلق للحياة في فضاء التجديد والاجتهاد والكدح المتواصل من أجل الحق والحقيقة.

• ولهذا نرى أنه لا يمكن لأي واقع أن تنصلح أموره وأن يتصالح ناسه من دون نقد ومكاشفة جريئة وبالتالي إصلاح حقيقي لما افسده الدهر وناسه يلمسه أصحاب المصلحة الحقيقية والمطلوب منا جميعاً أفرادا ومؤسسات وأجهزة دولة وحكومة أن نؤمن أن المجتمع اليمني بأمس الحاجة الى تنمية فكر وتفكير والى نقاء سريرة وتصالح مع النفس والى محبة الآخر المختلف سياسياً واجتماعياً وثقافياً ومذهبياً ونفي ثقافة الكراهية من خلال التفكير بثورة ثقافية واسعة وعميقة ترافق ثورة التغيير الشعبية السلمية تخاطب عقول الشباب تعلمهم كيف يندمجون مع بعضهم البعض ليتعلموا ويبدعوا في مجالات الحياة المختلفة وهذا لن يكون إلاّ بانتهاج النقد والمكاشفة بصدق وأمانة لتصحيح كل الاختلالات وتقويم كل ما هو معوج في حياتنا ومغادرة رمي اخطاء الحاضر على الماضي واستخدام الماضي شماعات نعلق عليها أخطائنا