السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥١ صباحاً

العبث على حافة البوس

فيصل الصفواني
الأحد ، ٢١ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١٢:٣٠ مساءً
انطبق على غالبية اليمنيين وهم يرتقبون شهر رمضان لهذا العام وصف المتنبئي حاله وهو يرتقب زائرته غير المرغوب فيها (الحمى) بقوله: أراقب وصلها من غير شوق مراقبة المشوق المستهام
ويصدق وعدها والصدق شرا إذا القاك في الكرب العظام
ومشاعر ابنا هذا الشعب حيال الشهر الفضيل لم تكن بفعل تهاونهم في الدين ولا تقاعسا عن أداء فريضة الصيام ، لكنها مشاعر الكرماء المعسرين والمعدمين وهم يستقبلون ضيفا عزيزا عليهم، طالما اعتادوا الاحتفاء بقدومه وعودا اطفالهم على الابتهاج في لياليه .

ومع ان تردي اوضاعنا المعيشية ليست جديدة، فمنذ اعوام مضت والانسان اليمني يخوض معركة شرسة غير متكافئه مع الفقر والعوز على حافة خط الفقر ، وتعزى تلكم المعركة الى جهالة محتكري ادارة الشأن العام في هذا البلد وفسادهم الرسمي الذي فاق كل مواشرات الفساد في دول العالم الثالث .
لكن الجديد في اليمن هذا العام ،ان تردي الأوضاع المعيشية وصل الى حد الاختناق واغتال أفراح الناس بمناسباتهم الدينية والاجتماعية ،وقضى على ما تبقى من اطلال قدراتهم الكسيحة على مواجهة اعباء الحياة واحال سعادتهم بؤسا وشقا .

بالاضافة الى الاضطراب السياسي الناجم عن تشبث صالح بالحكم والترويع الامني المترتب على الحروب الهمجية التي تشنها قوات الحرس الجمهوري في مناطق عديدة من اليمن بقيادة نجل الرئيس المخلوع الذي يتعامل مع اليمن كانها مزرعه خاصة بابيه ، تول ملكيتها للابن الأكبر في حال انتهاء عهد الأب.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن دخول البلد في متاهة صراع سياسي قذر فاقم ازمة البؤس المعيشي في حياة المجتمع الى حد ان افراد اسرة بكاملها يتقاسمون ضوء شمعة واحدة في احد بيوت العاصمة صنعاء اثناء انقطاع التيار الكهربائي ليلا الايام الماضية ، وفي حي اخر تتفق اسرتيين على تقاسم دجاجة واحدة في يوم جمعه ، وعلى حافة بؤسنا المعيشي يقف احد المشايخ من مقاولي الحروب المتنقلة على أبواب البنك المركزي يستكمل إجراءات صرف مبلغ وقدره خمسون مليون ريال بناء على أوامر صرف من أعلى جهة رسمية في الدولة .
وهناك أوامر صرف أخرى وبمبالغ خيالية تجسد حقيقة العبث الرسمي الذي يتم على حافة البؤس المجتمعي بلا رحمة ولا هوادة.

إنما يحدث حاليا في اليمن هو اكبر من ان نصفه بأزمة ، انه انهيار اقتصادي أفضى إلى اختناق معيشي ، ولا يسعنا هنا الخوض في تفاصيله وذكر أسبابه بإسهاب.
فقط خصوصية الألم المعيشي في رمضان إن معظم أرباب الأسر يعتريهم شعورا حادا بالعجز عن المسؤولية ، خصوصا عندما يقف احدهم أمام زوجته وهو غير قادر على توفير ابسط حاجيات مطبخها الرمضاني .

والاسواء من هذا كله ان يرى الأب ملامح الأسى في عيني أطفاله وهم يحدقون في وجهه متسائلين بلغة الصمت والوجوم ..ماذا أحضرت لنا يابابا لتفرحنا في ليالي رمضان وأيام عيد الفطر ؟ وهل عجزت عن القيام بواجبنا ؟ لماذا تسببت في مجيئنا إذا ؟