الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٨ صباحاً

نقطة بيضاء في جلد الوطن الاسود

صالح احمد كعوات
الأحد ، ١٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
عاشت اليمن خلال العقود الماضية حالة من الانفلات في إدارة الدولة ، بمعني أن الوزير يفعل ما يشاء دون رقيب ، وانعكس ذلك على من هم دونه من وكلاء وإداريين ، ينطبق ذلك على محافظ المحافظة ومن هم دونه من وكلاء ومدراء عموم ، وصل الحال إلى المديرية وحتى أدنى المستوى الوظيفي ، السائد في الأوساط بين منتسبي الدولة انك حين تعين مسئولا ما فان ذلك يعني أن يفتح لك باب رزق ، أو كنز علي قدر جشعك وقسوة ضميرك تستطيع الثراء ، يحق لك أن تصادر الاعتماد أو تبيع الأدوات أو تستقطع المرتبات أو تبيع الدرجات أو على الاقل تستطيع مقابل ختمك أن تجني جبايات ، حتي وصل الحال إلي استقطاع مستحقات العجزة والمسنين والمرضي .

حالة نادرة سمعت بها من ثقات ، ولولا أنهم ثقات لما صدقت الحادثة فهي غريبة في زمن الجشع ، نادرة في وقت ضاعت فيه القيم ، وأيضا حين تكون في محافظة كالجوف .

القصة يا كرام عن أسرة أثبتت عراقتها ، وحافظت علي معدنها الأصيل ، أسرة ألمكرمي من همدان يقطن المحزام ، هذه الأسرة تملك أرضية مستشفي الحزم العام ، المستشفي يحتل مساحة شاسعة ومكون من عدة مباني وأقسام حني سكن الأطباء ولكنه كغيره من مؤسسات الدولة كان قبل الثورة يعجز عن استقبال المرضي لعجز المسئولين عن تحقيق ادني متطلبات التشغيل ، وضع العم عبد الله رحمه الله الأقفال علي أبواب المستشفي حين لم يقم بدوره من المسئولين ، بالطبع لا يستطيع احد فتحه أو حني الاعتراض علي إغلاقه ،فضلا عن المسائلة ، بقي المستشفي مغلق ، توفي العم عبد الله ، بقي هكذا وأسرته من بعده لم تغير شيئا ، أكرم الله اليمن بالثورة وأكرم الله الجوف بمحافظ فاضل جدير بالمسؤولية هو الأستاذ / محمد سالم بن عبود والذي اهتم بالمحافظة أيما اهتمام وكان موضوع المستشفي من ضمن اهتماماته ، تم اللقاء بأولاد العم عبد الله ألمكرمي للتحاور حول أسباب إقفال المستشفي والتفاوض علي فتحه وإعادة تشغيله ، المفاجأة أن آل المكرمي لم يمانعوا من ذلك بل رحبوا بالفكرة ، وكانت الإجابة لا سبب لغلق المستشفي غير أن من كان قبلكم - يخاطبون المحافظ - سرق ينهبون ويبيعون ويشترون باسم المستشفي ، واتفق الجميع علي إعادة تشغيل المستشفي ، وكانت المفاجأة الثانية ، حين ذهبوا للمستشفي وجدوا الأجهزة كما هي لم تمس ولم تصادر ولم تمتهن ، يا الله الأدوية مكدسة بالمستودع ولكنها للأسف منتهية الصلاحية .

ياالله ما أجمل هذه الأسرة وما أكبرها ... هذه هي أموال الشعب وحقوق المواطنين يقول احدهم، سلمت الأسرة المستشفي دون شروط ولا مقابل غير أنهم يريدون تشغيله.

رحم الله الوالد عبدالله المكرمي رحمة واسعة ، وشكرا لأولاده وأسرته ، فهم نموذج للنزاهة والوفاء في زمن قلت فيه هذه الصفات ، هذه القصة نقطة بيضا في جلد الوطن الأسود ، وهناك الكثير من النقاط .

إنهم يستحقون التكريم والتحفيز من المحافظ والدولة .