الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٤ مساءً

بين رحى"شارك" و"أبو ولد"... المواطنة يجب أن تأتي أولاً!!

جمال عبد الناصر الحكيمي
الثلاثاء ، ١٥ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
أنا الآن أكره كلمة"عامل في قطاع خاص" وكل ما يتعلق بها.. ولا يكرهها إلّا من شاهد وعاش واقع العمل في القطاع الخاص جهرةً.. من انتمى إلى جماعة تحظى بعقاب جماعي على أساس الانتماء إلى كيان بديل للوطن وهو"القطاع الخاص" المهيمن على عماله وحقوقهم كعلامة محفوظة له بأوسع معنى للكلمة؛ في حين يضخ العامل بعرقه مشاريع تحالفات المد المشائخي والعسكري والمدني (العظيم)، متمسكاً بصمته كميزة إنسانية وكأفضل وضع للحفاظ على لقمة العيش.

لقد أصبح هذا الكيان المستحدث يحدث قفزات هائلة في خططه الطموحة لإعطائه الفرص لإثبات وطنيته بمزيد من تفريخ شركاته وسلطاته وتفوق نفوذه لحد أن يجعل من أي جهة أو مؤسسة أو مسؤول أن يتعامل مع العامل وفق منظور أن القطاع الخاص مكانته "سامية" وأن العامل من سكان اليمن السفلي(تحت الأرض) في درجة المواطنة.. بدليل أن يواجه العامل تضييقا ونبذا بشكل عملي مثلاُ حينما يزور مستشفىً ويطلب من الطبيب تقريراً بحالته فيلقى الرد"لا نريد مشاكل مع القطاع الخاص.. عاد نحنا ما تخارجناش من الأولى"! وهكذا حين يذهب إلى بنك أو مكتب حكومي وأينما ولى وجهه يلقى تساؤل استنكاري للانتقاص من مواطنته: أنت تعمل قطاع خاص؟!

وهذا يوضح أن العامل في القطاع خاص، لم يحصل على حقه في المواطنة بعد؛ لطالما لم تتغير الذهنية المترسخة عن تبعيته لقوة المال.

يعني ذلك أن النظرة الفوقية مازالت سائدة بعد أن بات المعنيون بالتعامل مع مرحلة التغيير يعيشون أزمة في نظرتهم المنبثقة من رحم المشكلات والنكبات خلال النظام السابق، فإذا استخدمنا شعارات تمضي بنا اليوم على مبدأ مقايضة الحلم القديم"أطيب منه مستحيل" لأصحاب هذه النظرة كما تقايض تعز حلمها الجديد لرجل الأعمال شوقي هائل والذين معه بالاعتماد على فكرة "شارك" كحل كامل لنقلها إلى مصعد الثقافة.. فإنه يتعذر التحرر من أسر مخزون الماضي ويبقى إنتاج الحاضر والمستقبل حكراً على فكرة "شارك" كعملية إبداعية تتقاسم مع أطوار"أبو ولد" الذي يمثل النموذج القديم هذه المهمة بفضل الموروث الإداري والإعلاني بكل ما يحويه من استغلال، وليس كهوية تستند على معجزة "هائل سعيد" تمكن الجميع من المشاركة في تحويل أفكار المدنية إلى ثقافة والمساهمة في صياغة مفهوم متعمق للمواطنة المتساوية كركيزة أساسية لقواعد بناء الدولة.

لذلك يجب أن نسجل العتب على النقابات المشكّلة حديثاً.. فهي لم تتحف العمال خلال هذه المرحلة الحساسة بشيء معقول يقلل أثر نمط اللاتوازن الطاغي ويرفع من قدرتهم على إيجاد نمط قائم على المواطنة كوظيفة يجب أن تأتي أولاً لرفع مكانتهم إلى مستوى مقاومة التفوق الممنهج وطرد البؤس المتراكم.