الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٦ مساءً

لكي لا ترجع حليمة لعادتها القديمة

د .مسعود عمشوش
الثلاثاء ، ١٥ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
كيف يمكن أن نستفيد من دروس الماضي ونتجنب الوقوع في الأخطاء نفسها التي وقع فيها قادتنا في الأمس وأوصلتنا إلى هذه الحالة المأزومة والمزرية التي نعيشها اليوم؟
كثير من المراقبين في الخارج ينظرون إلينا بسخرية وربما بشماتة. ويكررون أنه مهما قررنا تجاوز فرقة الماضي وخلافاته، ومهما تسامحنا وتصالحنا فأننا سنتقاتل من جديد. والحقيقة أنهم هم أيضا سيبذلون كل ما يستطيعون لكي نتقاتل من جديد، لأن ذلك من مصلحتهم، ولأن كثيرا من مصالحهم انبنت أصلا على وجود خلافاتنا وضعفنا. وحماقاتنا أيضا.
ومن المؤكد أن كثيرا منا ومن أطفالنا لا يلمون بتفاصيل وتعرجات ومنعطفات ذلك الماضي القريب الذي احتربنا فيه بينا البين أكثر مما احتربنا مع ذلك العدو الخارجي الذي له مصلحة في خرابنا وبقائنا مفرقين ومختلفين.

والمشكلة اليوم أننا نعيش ما يشبه أزمة ذاكرة، وأزمة في القادة السياسيين. والسياسة كما هو معلوم لعبة قذرة، وتحتاج إلى خبرة وحنكة، وليس فقط إلى حماس وعواطف ورغبة في الإصلاح والتغيير. وكثير من المشاكل التي نعيشها اليوم سببها أن قادتنا كانوا – في بداية المشوار- تنقصهم الخبرة. وهذا النقص هو الثغرة التي استغلها الآخرون للإيقاع بنا.

واليوم يؤكد معظم القادة السابقين رغبتهم في إفساح المجال للشباب ليقودوا البلاد إلى بر الأمان. وعلى الرغم من إيماني بأن ما يقولونه هو عين الصواب وأن على الحرس القديم أن يتقاعد ويقبل بدور المراقب الناصح والنصوح، فأنني أخشى أن يقع القادة الشباب في الأخطاء نفسها التي وقع فيها قادتنا السابقون، ونعود إلى الموال نفسه والقصة نفسها. وهو – كما ذكرت- ما يراهن عليه العدو الخارجي الذي يبدوا أنه قد استفاد جيدا من تراكم خبراته وقدرته على المناورة والمراوغة.

واليوم وقد أصبحنا نسلم بانه من الصعب عدم الوقوع في الخطأ، وأن خير الخطاءين هم التوابين، أتمنى من جميع رموز حرسنا القديم أن يساعدوا قادة المستقبل ويبينوا لهم بصدق ملابسات الماضي وأخطائه، وذلك بشكل خاص وبشكل عام وعلني. ويمكنهم أن يسارعوا في كتابة تجاربهم أو مذكراتهم، وألا يكتفوا فيها بذكر مآثرهم وبطولاتهم، بل عليهم أن يركزوا أكثر على الثغرات أو الأخطاء او الثغر التي يجب ألا تتكرر. لكي لا ترجع حليمة – في كل مرة - لعادتها القديمة.