الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٣ مساءً

إقليم تعز نموذجاً !

د. علي مهيوب العسلي
الاربعاء ، ١٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
تعز قبل غيرها معنية بترجمة ثورة الشباب السلمية الى دولة مدنية حديثة بتدشين اقليمها الجنوبي ضمن أقاليم أخرى لثقلها السكاني ولوعي ابناءها ولمدنيتهم بالأساس وللظلم التي جنته من المركزية والتي لم تحصد سوى التهميش والاقصاء والحرمان من الحاجات الاساسية ،ولولا ديناميكية ابناءها واشتغالهم في كافة المجالات ربما كانت قد اندثرت منذ بدأ معاملة نظام الحكم الشمولي للعقاب الجماعي الذي مارسه ضدها بسبب مقاومتها لتزوير إرادتها لتعدد مواقفها وأيدولوجياتها وتنوع ثقافتها !

وبصحوة شباب اليمن ورفضهم للظلم والحكم الاستبدادي وخروجهم لإسقاطه ، فقد هب ابناء تعز ليكونوا وقود الثورة في كل شبر من أراضي الجمهورية اليمنية ،والذين بوعيهم الثاقب قالوا أن الوقت قد حان لإحداث ثورة تعيد لفطرة الانسان اليمني حريته والتخلص ممن حكموه واستخدموه سخرة للعمل لحسابهم وسرق جهدهم وعرقهم بالإضافة الى استملاكهم وثرواتهم بيد حفنة قليلة اسرية عصبوية لم تتوانى لحظة من تاريخ حكمها استعبادهم وامتهان كرامتهم وبيع أراضيهم دون مراعاة لما أقسموه في الحفاظ على سيادة اليمن وعدم التفريط في شبر من أراضيه!

وفي ظل ثورة الشباب وتسابق من كانوا مشتركين في الحكم الديكتاتوري السابق إلى الثورة والانضمام الى ثوارها المخلصين ،وبات يلوح في الافق أن كثيرا منهم لم يكن له من الانضمام سوى احتوى هذه الثورة وثوارها للمحافظة على ما كسبوه بطرق غير مشروعة جراء اشتراكهم في الحكم منذ فترة طويلة وتفريغ الثورة من محتواها الاخلاقي والقيمي والتغييري الشامل كما حصل في الثورات السابقة التي سُرقت بشكل كامل وتحولت تلك الثورات الى سيف مسلط ضد الثوار ومحاربتهم وإقصائهم ،ادرك الثوار أن ما يخطط له هو فقظ إزالة رأس النظام والإبقاء على جسمه يتخبط شمالا وجنوبا وشرقا وغربا والذي من الممكن أن يُحدث خرابا وفوضى تجعل من الطبيعي إعادة إنتاج النظام السابق ولربما أكثر منه ديكتاتورية بادعاء الثورية الزائفة والحرص على منجزات تلك الثورة ،ونتيجة للفترة الكبيرة من صمود الشباب الاسطوري فقد تمكنت النخب السياسية وبعض مراكز القوى العسكرية والقبلية من احداث التعب عند الكثير من الثائرين مما أدى الى تراجع مفاعيل الثورة والتصعيد المطلوب مكن تلك النخب من فرض أجندة مناقضة تماما لما خرج من أجله الشباب بما سميت بالمبادرة الخليجية والياتها التنفيذية برز من خلالها تكرار الماضي في التقاسم والحصص ،وكذا استمرار الفساد وظهور مشاريع صغيرة تتبنى التقسيم والتجزئة وارتفاع صوت الطائفية وكل ذلك ليس من أجله خرج شباب الثورة!

ولأن ثورة الشباب ثورة إبداعية ! ؛ لم يدركه ولم يحسب له الحاكمون حسابا ، فقد فاجئوهم في أكثر من محطة بعمل إبداعي يقلب طاولة النخب رأسا على عقب ، مما يجعلها تزايد وتتراجع عما رسمته أو رسم لها من قبل آخرين بمحاولات متعددة في سبيل الاحتواء المستمر لمضامين أهداف الثورة الشبابية ،بل وتصدير العنف والقبلية والطائفية إلى تعز الثورة ظنا منهم إحداث هزيمة نفسية لدى أبناء تعز الذين يتعطشون للحرية والمدنية ، ليتسنى لصانعي الأزمات وأصحاب المشاريع والطائفيون يصدرون أموالهم القذرة وأسلحتهم الشريرة إلى المدينة الحالمة المتطلعة دوما لبناء دولة النظام والقانون ،وكون الثقافة السائدة هي أن الفيدرالية كانت إلى وقت قريب تساوي الانفصالية والخيانة الوطنية ومن كان ينادي بها يوصف بالخائن وكما حصل للأخ العزيز المناضل عبد الله سلام الحكيمي عندما طرح وجهة نظر من أنه يمكن تقسيم اليمن إلى مخاليف عوقب بسحب جوازه منه في جمهورية مصر العربية بسبب تجرئه طرح مثل هكذا مواقف ،وعليه فإن باستطاعة تعز عندما تريد ان تحرك قضية فإنها تصبح ثقافة كل اليمنين بسبب منطقيتها وحجيتها، ولأن تعز أدركت أنها هي المستهدفة باعتبارها ركيزة الثورة وأداة التغيير ،فقد باشرت بإنتاج ثقافة الفيدراليات وتداعت معها مأرب وتهامة وآب كمناطق ،أما في الجنوب فقد طرحت الفيدرالية على أساس اقليمين لليمن الذي يوجب على تعز أن تطرح أقاليم بدلاً عن إقليمين على اعتبار أن الاقليمين ربما قد يفضي إلى انفصال وهو مالم تريده تعز ولا تسعى إليه ،وهي الآن تسير بمشروع اقليمها الجنوبي بصبر وبهدوء كما صبر أبنائها في تحمل العطش والحرمان من نظام صالح الذي كان يمدحها شكلا ويحاربها موضوعا ،ولأن أبناء تعز متواجدون على امتداد الساحة اليمنية فإنه يستلزم بعض الوقت للتواصل معهم وتشكيل نواة في كل مكان متواجدون فيه أسوة بتعز التي قد شكلت جمعيتها الوطنية وصنعاء التي تستقبل نواتها الاولى كل يوم اعداد جديدة للانضمام للمشروع تعز احد اقليم الدولة الحديثة !

ولقد صدر عن مجموعة صنعاء النوعية بيانا تأييدي الاشهار الجمعية الوطنية في تعز وبالأهداف التي اعلنتها الجمعية ومن أن المشاورات بين تعز عاصمة الاقليم و التعزيون المتواجدون في مرافق العمل في عواصم المحافظات الأخرى من أجل تشكيل اللجنة التحضيرية للإعداد لمؤتمر عام تحضره كافة الفعاليات وبخاصة المكونات الشبابية الثورية لتعطي تعز الدرس الذي لم يتعلمه بعد من يريد أن يستخدم الشباب مطية للوصول إلى الحكم ومن ثم إقصائهم فتعز مصممة أن يكون من يتولى قيادتها هم من الشباب ذكورا وإناثا وبنسبة لا تقل عن 80% لتكون قدوة لباقي المحافظات في احداث التغيير المنشود وللترجمة العملية لثورة الشباب في إحداث التغيير بالارتكاز على من فجرها !

وكون مجموعة صنعاء لإقليم تعز ربما تكون نوعية بحكم وظائف وتنوع تخصصات من هم في صنعاء بسبب الهجرة الاجبارية لأبنائها كون تعز قد وصلت في الآونة الاخيرة إلى ما تشبه قرية بل أقل منها حيث لا تتوفر الخدمات الضرورية فيها نتيجة لفعل ممنهج من النظام السابق ،ولذلك فقد أوكل إلى أبناء تعز المتواجدون في صنعاء إعداد الوثائق اللازمة لفعاليات المؤتمر الوطني التعزي وبالتنسيق والتوافق مع باقي المحافظات الذي نريد له أن يكون نموذج يحتذى به في بقية المحافظات او الاقاليم ،وكما قلنا بان هناك اجتماعات متواصلة وتتوسع يوما بيوم من حيث كثافة اللقاءات وكذلك أعداد المنضمين لفكرة اقليم تعز لتشكل وعاء وعنوان بارز ،بل ورقم يصعب بعده تجاوزه أو تهميشه ليشكل حاملا قويا لمشروع دولة اتحادية فيدرالية بأقاليم تعز بالضرورة واحدا منهم ،والمجتمعين قد قرروا الاستمرار باليات مبتكرة تحقق المطلوب وتختصر الزمن وتوصل الفكرة وتحمل الرسالة وتشرح الملتبسات ، وتفند الادعاءات ، وتوعي المتأخرين ، وتوقظ النائمين !

فيا أبناء تعز الأحرار سيروا على بركة الله لتحافظوا على وحدة اليمن بأسلوب جديد يحترم الذات وخصوصيته ويوحد الطاقات و يضمد الجراحات ،ويشرك الجميع في صنع السياسات وتطبيقها ، وفي سن التشريعات ومراقبة واختيار كل الوحدات ، ويحاسب المقصرين ويغير الفاسدين وينهي المركزية ويحرم الاقصاءات أو التهميش أو الاستبعاد أو الانتقاص ويعيد الحقوق ويؤهل من أُحرم وينمي المتأخر ويحدث التنافس في البرامج ويزيل العصبيات ويحترم الاقليات هذا في اعتقادي أهم بنود مشروع تعز القادم من المشاورات !

فهل وصلت الرسالة إليكم يامن تدَّعون أنكم قادات ، فلا سبيل بعد الآن للمغامرات ،وأنصتوا للشعب صاحب المعجزات ، ولا تحاولوا صنع العرقلات ، فإنها ستودي بمن يحارب الإيرادات ، حتما إلى سلة المهملات ،فالحوار القادم إن لم يكن فيه كافة التصورات ،فإنه سيكون سبب في إحداث كثير من المشكلات ،فاصحوا ولا تكونوا من ذوي العاهات ،فهل فهمتم يا حضرات؟ ،إذا فهمتم فسلموا بالفيدراليات ،فهي البديل الوحيد للحفاظ على اليمن بدون منغصات!