الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٦ مساءً

الوحدة كانت جنوبية

وليد تاج الدين
الخميس ، ١٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
هناك وحدويين جنوبيين وهم للإنصاف أهل الوحدة وأساسها منذ الأزل لازالوا ينظرون للانفصال بتشاؤم ليس حبا في الشماليين طبعا أو في قياداتهم اللصوص الذين شوهوا صورة الشماليين جميعا، بل حبا لقيم عُليا لازالت باقية في نفوس بعضهم، وخوفا من مستقبل غير واضح الملامح، وهذا بالطبع لا يلغي وجود ورغبة دعاة استعادة الدولة وهم نسبة كبيرة تتزايد كلما تلاشى الأمل بدولة مدنية يسودها القانون والعدل والمساواة.

لكنهم ومع معاناة التمسك بخيار الوحدة وقبضهم على الجمر بهذا الخيار الصعب نتيجة فشل الثورة في تحقيق أهدافها لا يمكن أن يقبلوا بوحدة على رأسها أي من رموز العهد السابق سواء المخلوعين أو المنشقين أو المفتيين ولا حتى الصامتين .. وإن شئنا أن نصدق مع أنفسنا ومعهم فإن الضمان المفترض للوحدة يكمن في إزاحتهم جميعا على الأقل لمنح هؤلاء الوحدويون جزء من مبرر للتمسك بالوحدة المغدورة، ولكي يثبت الشماليون أنهم لن يكونوا أداة للعابثين مرة أخرى .. وما لم يتم ذلك فإنه لا يجوز لنا أن نتمسك بوحدة لا تستطيع أن تحقق للناس أدنى آمالهم في التغيير وإبعاد من تورطوا بالنهب والفساد وخيانة الوطن، وإن كنا نرى إمكانية الاستمرار كما نحن فللطرف الآخر كل الحق في أن يبحث عن طريق مستقل يلبي تطلعاته، وعلينا أن نحترمه ونتعامل معه بموضوعية بل ونعتذر له عن عجزنا عن منحه حقه في إطار الدولة الكبيرة الموحدة.

واليوم بعد الثورة تحديدا فإن استمرار التجاهل وتمرير الفاسدين والدمويين على بساط الثورة يفقد الوحدة مزيد من أنصارها ليس في الجنوب فحسب ولكن حتى في الشمال لأن الفشل في معالجة أخطاء الماضي ينذر بمزيد من الأخطاء والجرائم ويضاعف حجم التذمر والسخط ويقوي حجة المطالبين بالانفصال في الجنوب خاصة مع تلاشي الأمل كل يوم بمحاسبة المتورطين بالنهب والقتل والفساد ومحاسبة من أفتوا بجواز القتل هنا أو هناك، هذا إن كنا بالفعل نريد الوحدة الحقه التي تقوى بها حجة أهلها وأنصارها, وإلا فلنصمت ولندع الناس تختار قدرها ومصيرها بعيدا عن ذلنا وخوفنا ومجاملاتنا ومعاييرنا الجوفاء التي تحصن أشخاص وتحول أخطائهم إلى بطولات.

وللعلم فمن نهبوا الجنوب باسم الوحدة قد نهبوه وتركوا بسطاء الشماليين ووحدويتهم البريئة يواجهون الحقد الجنوبي الذي أحيانا لا يفرق بين لص وعامل شريف يأكل من عرق جبينه, ولهؤلاء اللصوص نقول لا ألحقكم الله خير لا في الدنيا ولا في الآخرة أحرمتم الناس حقوقهم في الحياة الكريمة وأشقيتموهم شمالا وجنوبا ودمرتم جسور الود بينهم والآن تبحثون عن رقعة جديدة لأطماعكم وشهواتكم.