السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٢ صباحاً

عاش شريفا .. ومات شهيدا

بشير المصباحي
الثلاثاء ، ٢٣ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١٢:٠١ مساءً
الأستاذ / عبدالعزيز عبد الغني
ذلك الرجل قدم حياته في سبيل وطنه بكل نكران للذات ولم يغــتر بالمناصب أو تغيره المقامات بل إنها زادته تواضعا ورفعة في نفوس الناس فلم يختلف على نبل مقاصده إثنان فكان رحمه الله يتمتع بدماثة الأخلاق العالية وحسن التعامل مع الأخرين .
وظلت حياته زاخرة بالعطاء في شتى الأصعدة التي أنارت الطريق في مختلف جوانب الحياة السياسية منها والإقتصادية والثقافية فكان علما من أعلام اليمن الذين قدموا حياتهم فداء لوطنهم وأمتهم .
إن رحيله سوف يترك فراغا كبيرا في تأريخنا المعاصر الذي كان بحاجة إلى تدوين وكان رحمه الله أبرز الشهود على أهم المراحل التي مرت بها بلادنا والمنعطفات التأريخية التي حدثت فيها .
كما أننا سنفتقد إنسانا حكيما يحمل فكرا سياسيا متزنا لطالما جنب وطننا الكثير من الإنزلاقات نحو الفتنة والصراعات الداخلية وساهم بشكل بارز في رسم السياسة الخارجية لليمن إنطلاقا من مبدأ الإحترام المتبادل مع دول الجوار ودول المحيط الإقليمي والدولي .
لقد أختاره الله إلى جواره في هذه الليالي المباركة وشعبنا وأمتنا في أمس الحاجة إلى أمثال هؤلاء الرجال الصادقين والمخلصين الأسوياء بتفكيرهم وتعاملهم المنصف مع من يختلف معهم في وجهة النظر إحتكاما لقاعدة الشراكة التي تحكم الفرقاء في الساحة الوطنية والتي تضع مصلحة اليمن فوق كل الإعتبارات والمصالح والحسابات الضيقة الأخرى .
إن اليمن اليوم تودع أحد أهم وأبرز أبناءها السياسيين والإقتصاديين المحنكين الذين مثلون اليمن بكل مسئولية وإقتدار بحسب الظروف والإمكانيات المتاحة أمامهم منذ عهد الرئيس / إبراهيم الحمدي رحمة الله عليه وحتى يومنا هذا.
أمثال هؤلاءالرجال الأوفياء لن ننساهم أبدا بل سيمثل تأريخهم ذكرى عطرة لنا تنير للأجيال القادمة منطلقات العطاء والتضحية في سبيل الوطن وتقديم البلد ومصالحه العليا على كل ما سواهما .
وإن كان من رسالة نود أن نوجهها في هذا المصاب الجلل فإننا نرسلها لأولئك الذين يستخدمون العنف في تصفية حساباتهم مع من يختلف معهم سياسيا في وجهات النظر حيث نملك أن نقول لهم أكثر مما قاله لقمان الحكيم لإبنه وهو يعظه يا بني :
كذب من قال إن الشر يطفئ الشر ، فإن كان صادقا فليوقد نارا إلى جنب نار فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى ؟
وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار.
هذا الرجل المتسامح الكريم عاش طول حياته كريما شريفا .. ومات شهيدا محبا لوطنه وشعبه .
رحم الله الأستاذ / عبدالعزيز عبدالغني وأسكنه فسيح جناته و وعصم الله قلوب أهله ومحبيه بالصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.