الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٥ مساءً

قراءات في مسار ما يسمى ثورة الشباب

علي الأهدل
الاربعاء ، ٢٤ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
- عندما خرج البعض من الشباب اليمني الى عدد من الساحات وخاصة في صنعاء وتعز , كان خروجه شبه محاكاة لما حدث في تونس ومصر وكان ذلك الخروج مطلبيا في أساسه ثم تطور ذلك الى ما يسمى بالثورة – ان جاز ذلك – على الفساد من خلال إصلاح النظام الإداري والقضائي والأمني ... الخ .
- في ذلك الوقت وجد الشباب من يتعاطف معهم ويناصرهم من مختلف فئات الشعب وأضحى الشباب في حالة من النشوة التي لا تضاهى .
- الأحزاب السياسية المعارضة للنظام قرأت أيضا ما جرى في مصر وتونس قراءة كانت خلاصتها انه بالإمكان الوصول الى السلطة عن طريق من أسموهم بالغوغاء – والمقصود بهم هنا الجماهير – وقد جاءت هذه القراءة لتتقاطع مع التوجهات الغربية تجاه المنطقة والمتمثلة في الخارطة الجديدة للشرق الاوسط الجديد من خلال إسقاط بعض الأنظمة القائمة وتفكيك وتقسيم دول أخرى جغرافيا وسياسيا .
- وهنا قامت هذه الأحزاب – أحزاب اللقاء المشترك - بالدفع بقواعدها الشبابية والقبلية الى تلك الساحات الشبابية واستحدثت ساحات جديدة في محافظات أخرى وقد استطاعت هذه الأحزاب بما تملكه من خبرة تنظيمية وسياسية ان تسيطر وتهيمن على تلك الساحات وتهميش الرعيل الأول من الشباب المستقلين لتلك الساحات .
- بفعل هذه الهيمنة لأحزاب اللقاء المشترك على الساحات وتهميشها للشباب تحولت المطالبة بالإصلاح وإنهاء الفساد الى المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس حتى وصلت تلك المطالب في إحدى ندوات قناة الجزيرة من قطر الى تفكيك حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ومصادرة ممتلكاته ومحاكمة رموز النظام على غرار النموذج التونسي والمصري ( الصف الأول والثاني والثالث والرابع !!! ) .
- لقد تنبه النظام الى تلك الأهداف التي تتبناها قوى المعارضة بعيدا عن مطالب الشباب الحقيقية وبدأ في تقديم المبادرات والتنازلات تلو التنازلات والتي وصلت الى ما نستطيع الجزم بأنه إسقاط النظام من داخل النظام والمتمثلة في :
- اعتماد النظام البرلماني بديلا للنظام الرئاسي .
- تعديل الدستور وكثير من القوانين ذات الجدل مثل قانون الانتخابات .
- مراجعة القوائم الانتخابية وسجلات قيد الناخبين .
- اعتاد القائمة النسبية في الانتخابات البرلمانية .
- إعادة تقسيم الأقاليم الجغرافية لليمن .
- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة .
- تشكيل حكومة وحدة وطنية تنجز تلك الخطوات .
- إضافة الى إلغاء بعض المصطلحات من الأجندة السياسية للمعارضة مثل التمديد والتجديد والتوريث..... .الخ .
- لقد كان ذلك – في رأيي – أفضل ما قدم النظام لتلبية مطالب الشباب وكان بمثابة انتصار للثورة ان كانت فعلا ثورة , الا ان القرار للأسف الشديد لم يعد بيد الشباب في هذه المرحلة بل بيد القوى الحزبية التي رأت ان الزمن قد تجاوز تلك التنازلات ولا بديل الا رحيل الرئيس وإسقاط النظام – وهنا يجب فهم ان مصطلح إسقاط النظام من وجهة نظر تلك الأحزاب لا يعني سوى إسقاط مؤسسات الدولة - .
- وحتى لا تخسر تلك الأحزاب حماس قواعدها الحزبية ومناصريها وكذا حماس وتأييد الشباب المستقلين في الساحات فقد عهدت الى التصعيد الذي يثير غضب الجماهير ضد النظام ويكسب تعاطفهم مع المعارضة وتمثل ذلك باستخدام العنف المستتر الذي ينتج عنه قتلى وجرحى وتسيل به الدماء وتشيع فيه الجنائز والحساب على النظام طبعا !! .
- كما عمدت الى إرباك النظام وإضعاف حالته النفسية والمعنوية من خلال الإيعاز الى مناصريها وكوادرها وعملائها في أوساط مؤسسات النظام المدنية والعسكرية بتقديم استقالاتهم وانشقاقهم عنه وتعطيل سير العمل في كثير من مؤسسات الدولة الخدمية , كل ذلك كان بتصويغ من المشروعية الثورية !!!! .
- وبالتوازي مع ذلك شنت حملات إعلامية مكثفة ومظللة عبر قنواتها وصحفها ومواقعها الالكترونية ومستعينة بالقنوات الخارجية التي لحساب أجندات أجنبية تقاطعت مصالحها بإحداث مثل هذه الظروف في دول المنطقة وعملت جميعها وبصورة غير مهنية ولا أخلاقية على التزوير وقلب الحقائق لما يجري على مستوى الساحة اليمنية بدء بقناة الجزيرة والـ بي بي سي وانتهاء بالعربية وقناة العالم الإيرانية ومن دار في فلك تلك القنوات من الفضائيات الأخرى .
- مرة أخرى استطاع النظام عن يتجاوز هذه المرحلة – وبصورة عجيبة - وان يسقط مفعولها من أيدي القوى الحزبية وبطريقة تنم عن خبرة وحكمة هذا النظام وكشف في نفس الوقت من ان قضية الشباب قد سرقت وأصبحت قضية غرمائه من أحزاب اللقاء المشترك وبذلك تكون مرحلة العنف المستتر وإرباك النظام قد فشلت ووصفها النظام بأنها مرحلة تساقط أوراق الخريف ليس إلا !!
- بعد انكشاف نوايا المعارضة وأهدافها المستترة وراء ما يسمى الثورة بدأت مرحلة اللعب من خلف الستار من خلال قبول المبادرات والجلوس مع الوساطات والاتصال بالسفارات ومناقشة تقاسم الكعكة ( السلطة ) بعيدا عن الشباب الذين قيل لهم لا تحلموا بالوصول الى الحكم فذلك مطلب ما بعده مطلب واستطاع النظام عن يعري هذه الأحزاب امام قوى الشباب في الساحات التي خرجت تنادي بعدم قبول هذه المفاوضات بعد ان رأت الأحزاب السياسية تضع رجلا في الساحات وأخرى على طاولات المفاوضات وحينها استطاع النظام تحويل قضية الأحزاب من ثورة شعبية وشبابية الى أزمة سياسية بامتياز .
- هنا أدركت أحزاب المعارضة ذكاء النظام في مقابل غبائها فلجأت الى التصعيد مرة أخرى وتمثل هذه المرة بالعنف المسلح مع النظام مستخدمة في ذلك من انشق من أجنحة المؤسسة العسكرية وأجنحتها المسلحة وخلاياها النائمة في بعض مدن المحافظات اليمنية ووصل ذلك العنف المسلح الى أقصى درجاته باستهداف رئيس الجمهورية ومعه كبار قيادات الدولة في جامع الرئاسة في أثناء أداء صلاة الجمعة بصواريخ حارقة وعبوات ناسفة أدت الى قتل وجرح العديد من المصليين من بينهم رئيس الجمهورية خرج بعدها وكبار قيادته بمعجزة ربانية مغادرين الى السعودية للعلاج وبقي النظام مع ذلك يعمل !!!!
- ونتيجة لتخوف النظام من سقوط قتلى ومزيد من سفك الدماء التي تؤلب عليه الرأي العام المحلي والدولي فقد تراخى في مواجهة ذلك العنف المسلح والقضاء عليه وهذه نقطة تحسب على النظام وليست له !!
- حيث كان على حساب امن واستقرار ووحدة الوطن وكذا الإضرار بحياة المواطن المعيشية والأمنية والخدمية , فقد دمرت الكثير من المرافق ونهبت بعض المؤسسات وقطعت الطرقات وانعدمت الكثير من الخدمات الضرورية مثل الماء والكهرباء والغاز والمشتقات النفطية .
- مرحلة العنف المسلح ما زالت تعمل الا مرحلة جديدة دخلت بالتوازي معها ... وهي مرحلة المجالس الثورية التي هي امتداد لثورات المجالس لدى أحزاب اللقاء المشترك .

عناوين هذه المرحلة وما بعدها ؟؟؟ لنا فيها قراءة لاحقة لإجابة ان شاء الله !!