السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٤ صباحاً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 11 )

عباس القاضي
الاثنين ، ٢١ يناير ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
شربوا الشاي ، الذي كان بحسب توقعهم ، والأستاذ سليم ، يشرح لهم ، مزهوا ، كيفية إعداده ، وسر الخلطة كما يحب أن يسميه .

الأستاذ سمير ، يفكر بأسلوب حديثهم وبساطة اهتماماتهم ،، مبررا لهم أن معهم الحق ، فلا هواتف معهم لأن التغطية منعدمة في هذا المكان ، ولا تلفزيون ولا حتى راديو ، إلا أن كل واحد فيه جرح غائر بسبب غربته التي لا يعرف مداها .
اتجه الأستاذ جميل نحو الأستاذ سمير مستفسرا ، هل مررت بـ إب ؟ قال له الأستاذ سمير بحماس : طبعا ، ثم ألحقه بسؤال آخر ، هل مازالت الخضرة تكسو أرضها ؟ وتعتمر جبالها السحب البيضاء ؟ رد عليه : أكيد.

من أين أنت يا أستاذ جميل ، قال : أنا من أب من العدين ، لم تسمع الأغنية التي تقول : " من العدين يا الله بريح جلاب " ؟ لم يستطع جميل أن يحبس دموعه ، مما جعله يضع وجهه على يده وهو ينتحب ، ثم بدأ يتساءل بحرقة : هل لي بزيارة أمي وأبي وأخوتي ، أو أن استقر فيها ؟

تأثروا جميعا بتباريح الأستاذ جميل ،،، قطع عليه الأستاذ سمير وُجْدَه ولوعته ،،، بسؤاله : ألا تسافر في العطلة الصيفية ؟ رد عليه الأستاذ جميل : نعم ، ولكني أمكث في المدينة لمدة يومين لأغسل بدله وأكويها وأصلح من حالي قبل أن أسافر القرية ،،، بعدها أعطي بقية ثيابي لأمي وأختي لغسلها طول فترة بقائي فيها حتى أعود بها إلى هنا ، لم تشبع عيني من أجوائها و أندائها ،،، جبالها تسحرني وصباياها تأسرني ،، كل أيامها ممطرة عصافيرها ، اليوم ، لا أراها غدا تأتي أخرى أكثر جمالا وإبهارا ،،، وكلما تذكرت مُقامي هذا ، وأنا هناك أظلمت الدنيا في عيني ،،، يتقاسمني جمال الموجود ، وكآبة الموعود ،،، ثم أخفض من صوته ، حتى أصبح أقرب إلى الهمس قائلا : وأنا في البلاد ، وعندما كنت وحيدا في البيت ، فتحت التلفاز على قناة الجزيرة ، وهي تتكلم عن ثورات الربيع العربي ، وأن الثورة في تونس نجحت ،،، تقول يا أستاذ سمير : إذا نجحت فعلا ، هل نستطيع أن ننتقل إلى مناطقنا ؟ ثم التفت إلى زميليه ، سليم وجمال ،، قائلا : والله إنني أريد أن أعيش معكم العمر كله ، أنتم إخوتي وسندي،، سأذكر يا أستاذ سليم ،، الشاي ، الذي تصنعه من قلبك ، " افدي قلبك يا سليم ".

الأستاذ سمير ، يتعجب من مشاعر الأستاذ جميل الغنية بالتنوع ،،، ثم قال : لما ذا كل هذا التحفظ من مشاهدة التلفاز يا أستاذ جميل ؟ رد عليه قائلا : في التلفزيون نشاهده الأفلام والمسلسلات فقط ،،، الجزيرة ممنوع ،،، باغته الأستاذ سمير ، لما ذا ؟ ،،، قال له الأستاذ جميل : نخاف من الشيخ ، إذا علم الشيخ أننا نشاهد الجزيرة سوف يعاقبنا ويحبسنا ،، يقول : إنها فتنة .

معنا شيخ : " يقط المسامير" كناية عن الحزم بظلم .