الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٤ صباحاً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 13 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ٢٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
وعورة الطريق زادته إنهاكا ،،، بدأ يزهد في الكلام ، بينما الأساتذة ، يرغبون بالمزيد ، ليستعينوا به على الطريق .

كان الصعود " يزغلل " العيون حتى تكاد أن تنطبق ، والنزول تفتحها ، أما التلاميذ ، فكانوا كأنهم الجن سرعة وحركة ، تتطاير خلفهم الحجاز والحصا ، لا عجب ، فهم يمرون عليها مرتين ذهابا وإيابا .

الأساتذة يتهامسون حول نوعية الغداء في البيت المضيف فهو مميز ، لذلك الطريق تطوى تحت أقدامهم ،، حظك يا أستاذ سمير ،،، الغداء اليوم " مُعْتَبَر " قالها الأستاذ جميل ، وهو يحثه على السير ، وأردف الأستاذ سليم : يا بختك ، يا أستاذ سمير ،،، المسافة متوسطة إلى القرية المضيفة لنا ، هناك قرى تبعد الساعتين ، والثلاث ساعات ، وهي قرى غير ظاهرة فيها ثلاثة أو أربعة منازل ،،، قال الأستاذ جمال : فيها شيخ ورعوي وخادم ،،، أبناء الشيخ والخادم لا يدرسون فقط أبناء الرعوي هم الذين يدرسون ،،، والغداء عندهم " نص ، نص " لا يستحق قطع المسافات جبالا ووديانا ،،، واستطرد الأستاذ جمال : أما اليوم يا سلاااااام ، تصور أنهم يذبحون ، وهنا انتبه سمير بعد أن كاد أن ينام ماشيا قائلا : يذبحون ؟ ! نعم يذبحون دجاجة ،،، وهنا تدخل الأستاذ سليم بقوله : ولكن يا خسارة ،، هنا لا يحبذون مرق الدجاج ،،، يصبونها على الأرض ،،، في يوم اكتشفت أين يصبونه ،،، خلف الديمه ( المطبخ ) ، رأيت الدسم والرغوة ، ورواسب المرق بين التراب ،،، دمعت عيني من هذا النظر ، وقلت حينها : يا ليتني كنت ترابا ،،، تصوروا يا جماعة في منطقتنا ، إذا تشاكل الناس ، اجتمعوا على عزومة ، ذبحوا ، وأرسوا القِدْر في مكان بارز ، فإذا صب الخصم لخصمه مرقا سامحه ، وخرجوا وهم متفقون ،،، يبدو أن المرق يغسل القلوب ،،، وواصل الأستاذ سليم : اعتقد أن هذه البلاد ، لن تتقدم حتى يعيدوا للمرق اعتباره ،،، لفت إليه الأستاذ / سمير قائلا له : عرفت الآن منطقتك .

ثم التفت إلى الأستاذ جميل قائلا له : وأنت ما رأيك بالمرق ؟ قال بلهجة العدين المحببة " بوه بوه ،،، ما بوش مابوش " ،،، أما الأستاذ جمال ،، لم ينتظر سؤال الأستاذ سمير وقال : أنا يعجبني مرق الدجاج مع الليمون بدونه ما ينفع ولا أقدر أذوقه .