الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٧ مساءً

المؤسسة الإقتصادية...خارج نطاق الثورة (1)

حمير أحمد السنيدار
الاربعاء ، ٢٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
أعتقد أن مجرد ذكر إسم المؤسسة الإقتصادية على مسامع الكثيرين ممن تجاوزوا سن الخمسين من اليمنيين سيجعلهم يتذكرون أيام الخير والرخاء التي عاشوها وعاشتها اليمن في زمن غير بعيد حيث كانت الحالة المعيشية للمواطن اليمني في خير وكان الموظف اليمني البسيط يمتلك في بيته أجود أنواع الغذاء من سكر وقمح وحليب وأغلب أنواع البقوليات والحبوب بل وبكميات كبيرة على هيئة شوالات وكراتين خلافاً لمعاناته الراهنة في الحصول ولو على كيلو واحد من هذه السلع, ولكن إن ذُكر نفس الإسم (المؤسسة الإقتصادية) على أحد أبناء هذا الجيل من الشباب فمباشرة سيبادر بالتساؤل وبتهكم عن أسباب وجودها وطبيعة خدماتها إضافة إلى التساؤل عن ما يشاع عنها من قضايا فساد ونهب منظم مستمر للأسف الشديد حتى هذه اللحظة, ومن خلال المقارنة السابقة يتبين لنا التفاوت الكبير للدور الإقتصادي والإجتماعي الذي لعبته المؤسسة الإقتصادية على مدار تاريخها من أواسط السبعينات وحتى الآن والذي ينم عن حدوث تحول وإنحراف خطير لأهدافها ودورها الوطني الأصيل.

وهنا تكمن الأسئلة: ما سبب التحول السلبي في دور المؤسسة الإقتصادية؟ ومن الذي يتحمل مسؤولية ذلك؟
وللجواب على ذلك يجب أن نذكر الأسباب التي دعت إلى إنشاء المؤسسة الإقتصادية في الأصل وهنا سنعود إلى ماضٍ طالما إفتقده المواطن اليمني وحلم بتكراره, فقد كان من أولويات الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي أن يتقارب اليمنيون في مستوى معيشتهم وعلى أفضل مستوى ممكن, فتذوب الفوارق الطبقية بين التجار الأغنياء وبين طبقة الموظفين والعاملين لاسيما في المأكل والملبس من خلال إنشاء مؤسسات إقتصادية تابعة للدولة تقوم بتوريد السلع الغذائية والملابس ذات الجودة العالية من مصدرها لتبيعها للمواطن البسيط بأقل الأسعار بل وبالتقسيط من راتبه بعيداً عن طمع ومغالاة وإحتكار التجار, فكانت المؤسسة الإقتصادية العسكرية (اليمنية لاحقاً) إحدى هذه المؤسسات التي قامت بدور رائع على المستوى العسكري والمدني في تحسين معيشة المواطن اليمني البسيط والتخفيف من معاناته مما جعلها ملاذاً آمناً للأسرة اليمنية لسنوات عدة.

ولكن التحول السياسي الذي حدث بعد مقتل الرئيس الحمدي مالبث أن أتى بنتائجه الكارثية على الوطن ومؤسساته بما فيها المؤسسة الإقتصادية حيث كان السعي الحثيث لتحجيمها التدريجي وتحوير دورها بما يجعلها تحت سيطرة فئة معينة من مراكز القوى السياسية والعسكرية والقبلية وبالتالي الإستئثار بخيراتها وعائداتها فأصبحت بالكاد تستطيع أن تلبي أغراضهم ومتطلباتهم المادية والعينية الضخمة والتي ليس لها حدود, إضافة إلى هدفهم لتحجيم دور المؤسسة في ضبط توازن السوق اليمنية والذي كان يشكل عائقاً كبيراً لطموحاتهم الإحتكارية لاسيما وقد أصبح الكثير منهم تجاراً لهم أنشطتهم التجارية الخاصة, مما كان له بالغ الأثر السيئ على عموم الشعب اليمني من بسطاء الموظفين والعاملين بالدولة وغيرهم فحُرموا من خدمات هذه المؤسسة العملاقة نتيجة إنحراف مسارها.

وبالطبع لم يكن لأولئك المتنفذين أي سبيل لنهب خيرات المؤسسة وتحجيمها إلا من خلال خلق بيئة إدارية موالية تدير المؤسسة وتكون متلائمة معهم في الهدف بل وتكون شريك لهم في ذلك, وهذا ما سنفرده في المقال القادم ضمن سلسلة مقالات المؤسسة الإقتصادية خارج نطاق الثورة...بإذن الله تعالى.