الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٣ مساءً

في مولد نبي الرحمه ومولد يمن الوحدة

عبدالسلام راجح
الجمعة ، ٢٥ يناير ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
ما إن بزغت فجر الرسالة حتى عم النور أصقاع الأرض ودخل الناس في دين الله أفواجا وعمت المحبة وساد الأمن وحلت الوحدة محل الشقاق ,والنور مكان الظلم والعلم بدلا من الجهل والتخلف,وارتفعت راية الإسلام خافقة في كل مكان ترفرف بخير دين عرفته البشرية أرسله الله رحمة للعالمين .أرسل به النبي الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

جاء النبي والعالم يموج به الضلال, والعرب تغوص في الجهالة ويخيم عليها التشرذم بعد أن حال أمرها إلى أعداءها وصارت قطعان بيد الفرس والروم والأحباش .مجرد أخلاف تخلفت عن ركب القوة والمنعة وسبحت في بيداء الفقر والجهل والضلالة حين تركت دين إبراهيم وهرعت خلف شياطين الغواية وقادة الضلال
مرت الأيام واستبشرت يثرب بقدوم خير البشر وكانت حينئذ متمثلة بالأوس والخزرج اللتان طحنتهما الحروب ,وزرعت اليهود بينهم الأحقاد,والتي سرعان ما انتهت بقدوم النبي الكريم وصاروا كالجسد الواحد الذي ينبض بالأخوة في الدين ,ويتفاضلون بالتقوى والعمل ,فصار ديدنهم نصرة الدين والجهاد لإعلاء كلمة الحق والتضحية بكل غال في سبيل الله
رسخ النبي الكريم الوحدة في نفوس أتباعه فعمت المحبة وحل السلام واسقط التفاضل والتمايز العنصري القائم على الأنساب والقومية والسلالية والجهوية وجعلها تحت قدمه, لأن رسالة الإسلام رسالة سامية تنشر في العالم رحمة وعظمة الدين في تقرير مصير الحياة وإروائها بصفاء المنبع الروحي المستمد من السماء.

وحين دخلت الناس أفواجا في دين الله في فتح مكة صارت ارض الجزيرة ارض واحدة بعد أن كانت قبائل وأخلاف وأصبحت مستقلة عن الهيمنة الفارسية والرومانية وهكذا توالت رايات الإسلام تدعوا الناس إلى التوحد في ظل شريعة الله فالجميع أخوة في ظل الدين القويم الذي من أسسه التي قامت عليه هي المؤاخاة والوحدة التي هي مصدر القوة والمنعة,وكان هذا هو الحال في عهد الخلفاء الراشدين ثم خلفهم الصالح الذين ساروا بنفس الدرب.

اليمن قبل عهد النبوة كانت دويلات تتبع فارس وأخرى يحكمها الأحباش إلى جانب أقطاعات صغيرة تتبع حكام آخرين,أي أن اليمن لم ينعم بالاستقرار في ظل الوحدة إلا بعد دخولها في دين الله, وخاصة بعد وصول معاذ بن جبل إلى اليمن حيث دخلت القبائل في الإسلام وانتهى حكم فارس في اليمن وأصبحت تنعم بدين الله والوحدة والأمان .حتى قال خير البشر مقولة خلدها التأريخ وينبغي أن تكتب بماء الذهب وتسطر حروفها على قمم الجبال السهول والهضاب وتدرس للأجيال القادمة وتكون عنوان مسيرة اليمنيين في كل وقت وحين وخصوصا في الوقت الحالي الذي صرنا فيه أمام مفترق طريقين الوحدة أو فك الارتباط,. إنها المقولة التي تجسد عظمة الدين وروعة أبناء الوطن "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه"هذا يعني أن صنعاء وما حولها وحضرموت بجميعها عدن والمهرة كلها جسد واحد وطريق أمن لا يخاف الإنسان فيه على نفسه وماله.

الأنصار "الأوس والخزرج"يمانيون تفرقوا في الجاهلية ووحدتهم العقيدة فصاروا الحصن المنيع للدين ,ونحن اليوم أمام مفترق طرق ينبغي علينا أن نجعل من ذكرى المولد بداية حياة لنا تسودها المحبة والإخاء ,علينا أن نستلهم المعاني الربانية التي جاء بها خير البشر وأن نتخلص من الماضي البغيض ونفتح صفحة جديدة تكون شعارا لنا ومفتاح لمستقبل حافل بالعطاء ,فقط لا يمكن أن تقوم لليمنيين قائمة إلا في تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله والتوحد تحت ظلال المحبة وراية الوحدة.

اليمن الجديد ليس شعارا بل عمل ومعنى يحتم على الجميع إن يكونوا يدا واحد تبني وتبني وتصافح وتسامح وتدافع وتواسي ,حتى يتحقق لليمنيين ما يصبون إليه من التقدم والإزهار ,وحتى نتمسك بوحدتنا التي تكلم عنها النبي الكريم قبل أربعة عشر قرنا,وحتى تحكي الأجيال القادمة عن دعاة المحبة ورعاة الحلم وبناة الوطن الذين غلبوا الملحة الوطنية على كل شي وجعلوا من أنفسهم مشاعل تضئ ومصابيح تنير الطريق الذي يوصلنا إلى مصاف الدول المتقدمة والحضارة متجددة
إن مولد خير البشر عليه الصلاة والسلام ليس احتفالية فحسب بل هي معاني ودروس وعظات تدعوا العالم الإسلامي إلى التمسك بالوحدة كخيار أساسي لا يمكن التخاذل عنه واستلهام معاني القوة منه ,وهي رسالة إلى من يحتفل بهذه المناسبة من أجل أغراض مادية أو طائفية أو سلالية وعرقيه تفوح منها دائرة المكر و داء النفاق الديني القائم على البطن ذات المنحى الأحادي والقطب الفردي ,نقول لهم بملء الكون أن ديننا دين واحد وأن المسلمين كالجسد الواحد بعيدا عن الألوان والتمايز الذين هو من صميم دعوتكم المتعفنة بمرض التعالي والحقد والكراهية,عليكم أن تؤمنوا بدين النبي الكريم الذي ألغى العصية والجهوية أو أن تتمسكوا بدعوة خمينيكم اللعين القائمة على السلالية الماكرة الحاقدة على هذا الدين ونبيه الكريم وزوجه وصحبه ومن اقتفى الأثر,وعليكم أن تعلموا أن اليمن واحد بشهادة خير البشر وأن تتركوا لليمن خيار المحبة والسلام وإلا فإن الحاضر والمستقبل لن يغفر لكم
أخيرا هي رسالة محبة لكل إخواننا في الجنوب الذي دعوا لذكرى التصالح والتسامح ,فكما أنهم السابقون إلى الدعوة إلى الوحدة ,كذلك فهم عنوان المحبة وراياتها التي ترفرف في سمائنا منذ القدم.