الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٤ مساءً

مدلولات الحشد الحوثي في ذكرى المولد النبوي

فؤاد الحميدي
السبت ، ٢٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تصادف اليوم الخميس الموافق 24/1/2013 ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهى ذكرى عطرة جليلة تمر بنا كل عام يحييها البعض بجلسات ذكر وصلاة على النبي في بعض مناطق اليمن وعلى نحو محدود وبسيط لكن مايميز هذه الذكرى في عامنا هذا في اليمن هي تلك الاحتفائية الكبيرة والمبالغ فيها نوعا ما في اليمن وبالتحديد في صنعاء وصعده بتنظيم وإشراف الحركة الحوثية ذات التوجه الشيعي الاثناعشري. فالملاحظ فيها الاعداد والحشد والتنظيم والذي بطبيعة الحال استدعي الكثير من الوقت والجهد والتكاليف.
اعتقد انه كان بإمكان الحوثيين الاكتفاء بإقامة فعاليات هذا المهرجان الاحتفائي في صعده حيث معقل الحركة وأغلبية مؤيديها وحيث تواجد زعيمها عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي يفترض به تقديم خطاب في المهرجان لكن الجديد في الموضوع ان تستهدف منطقة جديدة لإقامة فعاليات الاحتفائية وهي صنعاء وهذا –في اعتقادي- ليس اختيارا عفويا او عشوائيا بقدر ماهو اختيار مقصود يحمل اهدافا ودلالات ورسائل عده يمكن القاء الضوء عليها كما يلي:

اولا يمكن القول ان هذا الحشد الاحتفائي الحوثي الكبير في صعده وايضا في العاصمة صنعاء تأتى قبيل وصول اعضاء مجلس الامن الدولي الى صنعاء في الاسبوع القادم ولذلك فهو وان كان –اي الحشد- يحمل في ظاهره الاحتفال بذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم لكنها في حقيقة الامر تحمل رسالة سياسية هامه من ايران لأمريكا ودول الخليج العربي تدلل على قوة حضورها وتأثيرها وتواجدها في الشارع اليمني خصوصا وان هذه الاحتفائية تحمل في كثير من مظاهرها لمسات (كوبي بست) من حزب الله في لبنان كالأعلام الكثيرة للحركة ذات اللون الاخضر على غرار الاصفر اللبناني وإطلاق شعار الحركة بين الفينة والأخرى خصوصا اثناء خطاب زعيم الحركة اومن يمثله ورفع الاذرع حين الهدر بالشعار وكالحركات التمثيلية التى يقدمها زعيم الحركة عبدالملك الحوثي تقليدا ومحاكاة لحسن نصرالله وايضا –وهو الأهم- محاولة الحركة الاستدعاء البطولي لحمل هم قضية وطنية تحمل طابعا قوميا وإسلاميا يقدمها كحركة مقاومة شيعية المذهب وإسلامية المعتقد خصوصا بعد تنامي التواجد والتدخل الامريكي في اليمن والذي يمثل في رأيهم مرادفا موضوعيا لإسرائيل في فلسطين وعلى حدود الجنوب اللبناني.

ثانيا في ظل التنافس المحموم بين الحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح والذي ظهرت بوادره مع انطلاق ثورة فبراير الشبابية الشعبية في اكثر من مكان وليس آخرها في محافظة تعز .كما ان تصريحات القيادي في حزب الاصلاح محمد قحطان من ان الحوثيين ليسوا ندا للاصلاح حتى ينجر للصراع معهم تشكل احدى الاسباب التي تجعل من هذا الحشد رسالة من الحوثيين الى الإصلاح مضمونها ان الحوثيين- قد اصبحوا قوة تمتلك من التنظيم الحركي و القاعدة المذهبية والحضور الشعبي مايؤهلها للمنافسة والقدرة على قلب الموازين السياسية خصوصا وأنها تأتي قبل البدء بعملية الحوار الوطني المزمع عقده اوائل مارس القادم.

ثالثا هي رسالة للرئيس هادي ولبقية القوى السياسية للضغط باتجاه الحصول على استحقاقات سياسية كبيرة في المرحلة القادمة يكونون فيها لاعبين اساسيين يشاركون في صياغة وصنع القرار السياسي في البلد.

رابعا : هي رسالة الى اتباع المذهب الزيدي (الشيعي)المعروف بوسطيته وعدم مغالاته بأنه وفي ظل توسع وتغول المد السني السلفي والوهابي فإنه لن يكون باستطاعته الصمود لأجيال قادمة وسيكون مصيره الاضمحلال والذوبان وبالتالي فإن الحركة الحوثية (الشيعية) هي البديل الصائب والناجع لاستمرار تواجد شيعي قوي في اليمن وهذا ما يتضح من انخراط الكثير من علماء ووجهاء وأتباع المذهب الزيدي في الحركة الحوثية كالكثير من ابناء صنعاء القديمة وحزيز وذمار ورداع وعمران وغيرها على سبيل المثال لا الحصر.

خامسا هي رسالة لكل الهاشميين في اليمن للوقوف صفا واحدا والعمل على استرداد ولايتهم (الالهية ) المسلوبة وحقهم السياسي المغتصب فالوقت – في رأيهم – قد حان والأوضاع مواتيه وهذا ما يفسره تقاطر الهاشميين من كل انحاء اليمن الى صعده وصنعاء للمشاركة في الاحتفائية بالمولد النبوي.

سادسا : من المعروف عن اليمنيين حبهم للدين والغيرة عليه لذا فالحوثيون يقدمون رسالة لكل اليمنيين بأنهم بإحيائهم ذكرى المولد بمهرجان احتفالي ضخم قد يكون هو الاكبر(بخصوص هذه الذكرى) من حيث الاعداد و والتنظيم و الحشد والتكلفة –على الاقل – في تاريخ اليمن الحديث لذا فإنهم –أي الحوثيين- يبرهنون انهم الاكثر غيرة على الدين والأشد حبا لرسول الاسلام محمد (ص) خصوصا وان الذكرى تأتي – تقريبا- بعد اشهر من صدور الفيلم المسئ للرسول (ص) والذي اثار موجة كبيرة من الغيرة والغضب والاستياء بين اوساط المسلمين.