الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

بين يدي المشاركين في الحوار الوطني

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
السبت ، ٢٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
بين يدي المشاركون في الحوار الوطني يظل الإعلام وتقنية الاتصالات و المعلومات الأكثر تأثيرا في حياة الدول والشعوب ، بل وتقاس بحضورها وأداءها على تقدم الدول من تخلفها ، ذلك لأنه اللسان والبيان ، وتفعل الكلمات في مصائر الأفراد والأمم والدول والجماعات ما لا تفعله الحروب أو الأوبئة أو الكوارث !! وفي الحديث الشريف يحذر عليه الصلاة والسلام معاداً رضي الله عنه من تسلط لسانه وعدم تملكه له والسيطرة عليه فيقول له :( كف عنك هذا ) وقد أخذ بلسانه صلى الهه عليه وسلم ، فيتساءل معاذٌ رضي الله عنه متعجبا : أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟!! فقال صلى الله عليه وسلم : ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم !! وأمهر من يجيد التلاعب بالكلام وتحريفه والبراعة في توظيفه لأجندتهم ومصالحهم هم اليهود فلقد كانوا يلقون العداوة والشحناء بين قبائل العرب المجاورة ويغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعره تلك القبائل فكانت تتطاحن في حروب لا تكاد تنطفئ نيرانها حتى تتحرك أنامل اليهود مرة أخرى لتؤججها من جديد !! ويترقبون بخبث وحذر وحيادية نتائج هذا التحريض والإغراء ويمدونهم بالقروض الربوية الثقيلة حتى لا يحجموا عن الحرب لعسر النفقة ويحققون بهذا المكر الخبيث فائدتين كبيرين : 1- الاحتفاظ على كيانهم اليهودي 2- إنعاش اقتصادهم الربوي وكسب الثروات الطائلة .

هذه صورة بدائية لخطورة الإعلام وتقنية الاتصالات والمعلومات يمارسها البشر في حياتهم العملية أفرادا وجماعات ودول بعفوية غير مقصودة وبقصد مدروس ممنهج وهذا هو الأخطر ، قال بن إسحاق رحمه الله : مر شاس بن قيس وكان يهوديا مسناً عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه ، فغاظه ما رأى من ألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية ، فأمر فتى شاباً من يهود كان معه فقال له : اعمد إليهم فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث وما كان من قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار ، ففعل فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا ، ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم رددناها الآن جذعة – يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بينهم – وغضب الفريقان جميعاً ، وقالوا : قد فعلنا ، موعدكم الظاهرة – السلاح السلاح وكادت تنشب الحرب فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم حتى جاءهم فقال لهم : ( يا معشر المسلمين الله الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام ، وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ) فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فبكوا وتعانقوا ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين . ولا يزال اليهود ومن تحالف معهم يكيدون بالمسلمين ويثيرون القلاقل والفتن والعراقيل وما يحدث بمصر وليبيا عنا ببعيد !! صور القرآن نفسيتهم تصويرا عجيبا فقال : { وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين } ولست هنا بصدد الحديث عن اليهود وإلصاق موضوع الإعلام بمفرداته ودلالاته عليهم وتفردهم به لكني أسهبت في الاستدلال بهم لقصب السبق لهم فيه وهم أساطينه دون منازع في تطويعه لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية . والذي أريد توضيحه جيدا أن كل المفردات الإنسانية اللسانية لن تخرج من كونها تمس أفرادا أو جماعات أو دول صدرت أو تصدر هذه الكلمات لتغضب أو ترضي أطرافا هنا أو هناك ورب كلمة أولعت حرباً قد لا توقفها أختها ولو تعددت ضعفها ألف مرة !!

كل وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الفردية والجماعية ، وكل ما ينسب منها وإليها أو يتعلق بها ولها بدءا من جمع المعلومة ونشرها وتحليلها ومروراً بالشائعات وتلفيق وفبركة الأخبار وانتهاءاً بعقد اللقاءات وإبرام الاتفاقيات وتنظيم الحوارات والمفاوضات حين تصدق النيات وتتجرد المقاصد وتنبض القلوب على إيقاع الوطن والوطن فقط دون سواه تنتفي حينها نزغات الشيطان ويغيب مبعوث شاس بن قيس ويصل الجميع إلى كلمة سواء ، أما إذا حضرت الأنا وأراد جميعهم أو حتى البعض منهم اختزال الوطن في ذاته وعلى مقاسه أو وفق أجندات تخدم أسياده في الخارج فلن تنهض بلادنا من كبوتها التي هي فيه وستضل أسيرة الهوى تتوزعها الأهواء لتأخذ بها كل مذهب إن سلمت الحروب هنا أو هناك .. فليعلم إذاً كل من سيشارك في مؤتمر الحوار الوطني وليدرك جيداً أن بيده تقرير مصير وطنه وليحذر أن يكون مبعوث شاس بن قيس أو أبو رغال الذي دل أبرهة الحبشي الطريق لهدم الكعبة ، ليحسب جميع المشاركين بل وجميع اليمنيين كل كلمة تتعلق أو ترتبط من قريب أو من بعيد بأي قوة أوبرنامج أوحزب وطني أو حدث تختلف فيه وجهات النظر ولنكن جميعاً مفاتيح خير مغاليق شر كما أوصانا بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى لا تغرق بنا السفينة ونخسر وسام الحكمة والفقه والإيمان ويخلدنا التاريخ المعاصر أمة تشظت وتمزقت كل ممزق ويقال لهم بعداً سحقاً بعداً سحقاً ، فماذا أنتم فاعلون ؟.