الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٤ مساءً

مصر القوية حتماً ستنتصر!

حبيب العزي
الاثنين ، ٢٨ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
لأن ثورة 25 يناير المصرية هي الأنموذج المُلهم والمعلم لبقية ثورات الربيع العربي، فقد كان لابد من إجهاضها وإفشال هذا الأنموذج بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة مهما كلف ذلك من ثمن، حتى وإن كان الثمن "مصر" ذاتها، بتاريخها وبشعبها ومؤسساتها وجيشها وكل مقدراتها, إذ أنه في حال كُتب لهذا النموذج النجاح واستطاع العبور بسفينة مصر إلى بر الأمان، وانتقل بالوطن المصري إلى آفاق المستقبل الرحب، اللائق بمكانته وبتاريخه كما بعظمة شعبه وأبناءه، فإن ذلك سيعني بالضرورة نجاح كل ثورات الربيع العربي فيما بعد، خصوصاً وأن تلك الثورات كانت قد استلهمت الأنموذج بكل تفاصيله المذهلة خلال 18يوماً من أكاديمية التحرير بوسط القاهرة قبل عامين، كما سيكون أيضاً دافعاً لبقية الشعوب العربية لتلحق بركب الربيع العربي هي الأخرى، الأمر الذي يشكل خطراً على الجارة "الحليف" للنظام الساقط، وهو ما يقلق واشنطن كما يقلق السادة "البهوات" في قيادة جبهة الإنقاذ على ما يبدوا.

هذا –برأيي- ما كان يدور في خلد أعداء مصر أكانوا في الداخل أو الخارج، وهذا ما كانوا –ولا يزالون- يخططون له منذ تلك الصدمة التي تلقوها ساعة الإعلان عن نتائج أول انتخابات برلمانية جرت في مصر بعد الثورة وأتت بالأغلبية الإسلامية إلى البرلمان ثم بعد ذلك إلى مؤسسة الرئاسة، تلك الصدمة التي بلغت ببعضهم حد الهستيريا في الحديث عن الإخوان وعن الإسلاميين عموماً، والتي بدت جلية من خلال تصريحاتهم وأحاديثهم عبر وسائل إعلامهم وقنواتهم المُضللة، التي كانوا قد أنشأوها بعد ثورة 25 يناير من تلك الأموال التي سرقوها من قوت الشعب المصري طوال ثلاثة عقود أو تزيد، وهي الصدمة التي ظلت تلازمهم حتى هذه اللحظة.

لم يعد خافياً على أحد أن ما يحصل اليوم في مصر بالتزامن مع الذكرى الثانية لثورة 25 يناير العظيمة، من قتل وتخريب وحرق للمنشآت والمقرات، ما هو إلا امتداد لمخطط يستهدف إجهاض الربيع العربي برمته وإفشال ثوراته، كما يهدف لمنعها من التمدد والوصول إلى أقطار عربية أخرى من خلال محاولاته المستميتة لإفشال النموذج المصري، وخوفاً من تكراره في بقية الأقطار، وذلك عبر أدواته ودُمَاه في قيادة جبهة الخراب أو ما يُسمى عبثاً بـ"جبهة الإنقاذ"، كما بالتحالف مع فلول النظام الساقط أكانوا في الخارج أمثال أحمد شفيق، أو في الداخل ممن لا يزالون يعملون في أجهزة الدولة ضمن ما يُعرف بالدولة العميقة أو الثورة المضادة.

إن الذي قتل الأبرياء من شباب مصر في السويس وبورسعيد والقاهرة يوم السبت الماضي، وقبل ذلك في التحرير وماسبيرو ومحمد محمود وغيرها من الأماكن هي تلك المجموعات الإجرامية التي تجاوزت أعمال البلطجة إلى احتراف الإجرام والقتل كمهنة مفضلة لها، وتُدعي "البلاك بلوك" وتتميز بارتدائها للأقنعة السوداء والتي هي حتماً صنيعة أمن الدولة السابق ومؤيدو أحمد شفيق وبمباركة وتواطؤ من قيادات حزب الخراب لمصر "البرادعي وصباحي وموسى" وبعض رموز القيادات "اللاوطنية" أمثال السيد البدوي وغيرهم، أضف إليهم كل الأبواق الإعلامية المضللة التي أسهمت بقدر كبير في التحريض على قتل المصريين وعلى إسقاط "حكم المرشد"، وإسقاط الشرعية ممثلة بالرئيس المنتخب من الشعب، تلك المجموعات ¬التي استنسخوها من برلين ولندن وطبقوها في القاهرة وباقي المدن المصرية الثائرة، والمثير للدهشة هو ادِّعاء تلك المجموعات بأنها حركات ثورية تريد الانتصار لأهداف الثورة وللشهداء، والأمر لا يقتصر على البلاك بلوك وحسب وإنما هناك أسماء لحركات مشابهة كـ " الألتراس والوايت نيس والجرين إيجلز" وغيرها من المسميات.

بالمختصر المفيد و "من الآخر كده" بحسب تعبير إخواننا المصريين، فالمعارضة في مصر تنقسم إلى قسمين، معارضة وطنية حقيقية تريد المشاركة في التغيير والبناء بشكل فاعل وجاد لما فيه مصلحة مصر، وهي معروفة وتوجهاتها واضحة وإن اختلفت أو تباينت رؤاها، كحزب مصر القوية بزعامة أبو الفتوح ، وغد الثورة بزعامة أيمن نور ، وحزب الوسط بزعامة أبو العُلا ماضي .. وغيرهم من الأحزاب، وهناك معارضة غير وطنية تعارض من أجل المعارضة فقط، وتعمل لحساب مصالحها الشخصية على حساب الوطن، وتتلقى الدعم من جهات خارجية لا تريد الاستقرار لمصر على الإطلاق.

إن المشكلة الكبرى لتلك الأحزاب هي أنها لا زالت تعيش أحلام الماضي، فهي كانت تتوهم أنها ستكون صاحبة السلطة بعد سقوط مبارك، وعندما لفظها الشعب في الانتخابات الماضية، واكتشفت أنه ليس لديها قواعد شعبية كما كانت تتوهم، ووجدت نفسها في الشارع، قررت التكتل تحت "جبهة الخراب" بمنطق" عليَّ وعلى أعدائي" من أجل هدف واحد جمعها هذه المرة -مع أنها لا تجتمع مطلقاً- وهو إسقاط الرئيس المنتخب بالديمقراطية التي تتشدق بها هي، والعمل لأجل تحقيق ذلك الهدف بكل الوسائل "غير المشروعة"، كالاستقواء بالخارج وتأجير البلطجية والبلاك بلوك، والتخطيط الدؤوب والمستمر لجعل البلد تعيش في حالة فوضى دائمة وعدم استقرار، بحيث لا يستطيع الرئيس تحقيق أي تقدم ملموس في الجانب الاقتصادي تحت هذه الظروف، والأيام تمضي وعامل الزمن مهم وهي تلعب عليه، والشعب عاطفي بطبعه وينسى بسرعة كما هو حال بقية الشعوب الطيبة، وهي تتوهم بذلك أنها ستستطيع تحقيق مرادها ولو في حده الأدنى والذي مفاده الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وحتى ولو حصل ذلك على استحالته من وجهة نظري، فأنا أزعم سلفاً أنها ستفشل، ولأنها تدرك ذلك "سلفاً" أيضاً فإنها تلجأ لمحاولات اغتصاب السلطة عبر الأساليب التي أسلفت بذكرها.

إن مصر المُلهِمة للربيع العربي ولثوراته الكبرى هي أقوى بكثير من وهم أولئكم البلداء سياسياً، وهي قادرة على الخروج من هذه المحنة، كما قد خرجت أكثر صلابة وقوة من عواصف سابقة كانت أقوى بكثير من هذه الموجه، "وأما الزبد فيذهب جُفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، أما أموالهم .. " فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون"، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".