الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٥ صباحاً

من مُتغير الحُكم إلى أساسيات الكهنوت

جلال غانم
الاربعاء ، ٣٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
في اليمن بلد وليس ككل بلد فعدد المُشعوذين والمُسترزقين فيه من عُقول الناس الضعيفة والجاهلة تفوق عدد السُكان الطبيعيين كظاهرة لا تتعدد إلا في مُجتمع الحُقن فيه مُلازمة للإنسان في السياسة وفي الاقتصاد في جِربه القات وفي الوادي والصحراء والجبل , في عيادة دكتور الطب العام وعيادة الدكتور بالإعشاب أكثر من أي شيء آخر .

كُل الظواهر تشير إننا نسير إلى عصر من العُصور الدينصورية رُبما العصر (الترياسي أو الجوارسي) ورُبما نُحقق قفزة نوعية أعلى بوصولنا إلى العصر الحجري الذي تتجمد فيه كُل العقول وتسير وراء جيش من المُتخلفين الذين يقودون شكلية حياتنا إلى بيت العنكبوت المخروقه .

مُجتمعنا اليوم ليس بحاجة إلى حُقن أخرى تزيد من قوة الصراع وتزيد من هوة الخرافة التي طغت على شكلية حياتنا حتى في السياسة نفسها .

نحن اليوم بحاجة أن نقرا ونكتب أكثر من حاجتنا للاستماع , أن نُناقش فيما يدور حولنا من حقائق مُثبتة وغيبية أكثر من الإيمان بها بفتوى رجل دين متحذلق , بحاجة إلى الإيمان بقناعات ولو أدت هذه القناعات بنا إلى رفض شكلية الواقع دون وسيط يُذكر .

مُتغيرات السياسة جُزء من مُتغيرات فلكية محليه وهذا التغير دائما ما نلمسه في الطبقات الدنيا , الطبقات التي تؤمن بقُدرة شيخ أن يشفيك من مرض عُضال , الطبقات التي تموت دون أن تؤمن أن هُنالك حضارة تغيرت وعصر قديم أنقشع غطاء كذبه بعصر أكثر قُدرة على مُجاراة إيقاع الحياة وسُرعتها .

فالتطلع إلى بناء مُجتمع مدني كما نأمل أحيانا غير مُمكن طالما والمدارس الدينية والمعاهد المُتشددة وانتشار ظاهرة الإيمان المزاجي الذي يودي بحضك إلى ستين داهية متواجد بقوة وهو الأكثر سيطرة على المساحات الأقل تأثيرا من التواجد الوطني والحزبي بشكل عام .

مُجتمعنا اليوم بحاجة إلى ثورة جديدة ضد التخلف والجهل والشعوذة والإيمان السطحي ويجب أن يقوم بذلك قانون مدني يُرسم في مؤسسات الدولة ويتم التخطيط له وبناء جيل فكري قادر على استيعاب مُجريات الحياة وتناقضاتها بنفسه أكثر من حاجته إلى فتوى جنسيه من شيخ أوصله حضه من قُبح الرياضيات والعُلوم الحديثة التي لم يستوعبها وأخفق فيها إلى التربع واحتلال مكانه لا يستحقها نتيجة إيمان من حوله بتخلفه إلى إيمان الناس في يوم وليلة من تناول حبات الأسبرين والبنادول إلى تناول بول البعير أو الذهب إلى أبين لقتال اليمنيين أو الذهاب لسوريا وأفغانستان ومالي وغيرها من البُلدان لقتال طواحين الهواء على شكل دماء بشريه رخيصة يجب أن تُزهق بأكبر قدر مُمكن كي تنتشي هذه الكائنات وترقص على مآسي وجراح الناس .

حياتنا كيمنيين لم تعد مُرتبطة بـــ علي صالح وعلي محسن الأحمر وقضية الجنوب وصعده بل تجاوزت إلى شكل صارخ بتجهيل الناس بأمر سياسي وتجييشهم بقوة الدين لنصرة أشخاص بعينهم وهذا الامتداد دائما ما نراه يُحقق نتائج أسرع في الاحتدام والتجمهر ورؤية الحق والباطل من منظور شيخ واحد وفتوى واحدة مُلونة بكل ألوان النفاق .

إن مُتغيرات الإنسان مربوطة بقدرته على الإنتاج وليس على التأمل فيما حوله وتحويله إلى كائن ذليل يؤمن بالآخرين أكثر من ما يُناقضهم وهذه الظاهرة مُلازمة لدينا في كُل ما نعيشه .

إن مُتغيرات وحقائق الدين ثابتة لا تتغير بل نحن من نُغيرها ونُبدلها ونرسم معالم كُفرها والإيمان بها نتيجة وجود الفجوات في واقعنا الهش الذي نثبت إيماننا ونُصدره للآخرين وفق رؤيتنا الضيقة .