الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٦ مساءً

مجلس الأمن غادَرْ وحليمة عادت!

حبيب العزي
الاربعاء ، ٣٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
من الواضح تماماً أن "الزَّعْرة" حقنا نحن اليمنيين زادت عن بقية خلق الله في جميع أصقاع الأرض، "فِشْرة وفَشْخَرة" واستعراض عضلات ع الفاضي، هذا ونحنا بلد فقير ومنهوب ومثقل بالديون، وشعبنا "حِراف" .. كحيان .. ضابح وحالة أبوه حالة، كيف مالو كان فتحها الله علينا وصرنا أغنياء سع دول الجوار، كيف كنا عانسوي، الله يستر بس .. وربك هو ما يقيِّد إلاَّ وحوش.

3000 ضابط وجندي من قوات الأمن المركزي، معززة بـ 70 آلية عسكرية، وخطة أمنية تشارك في تنفيذها 24 وحدة أمنية وعسكرية ومدنية، والتوجيه بمنع التجوال بالدراجات النارية وعدم حمل السلاح المرخص وغير المرخص في العاصمة صنعاء، بدءاً من الساعة الثامنة من مساء السبت وحتى صباح الاثنين الماضي، وتحليق كثيف للطيران في العاصمة صنعاء، وانتشار وحدات من الجيش والأمن في جميع الشوارع، وتفتيش دقيق للسيارات، واستحداث نقاط أمنية جديدة في مداخل الشوارع والأحياء، ويقظة عالية منعاً لحدوث أي اختراق أمني، وباختصار قلبوا العاصمة عاليها سافلها.

كل ذلك لتأمين المناطق التي سيمر بها موكب رئيس وأعضاء مجلس الأمن، الذي سيحل ضيفاً على اليمن لبضع ساعات، ذلك الموكب المهيب، صاحب المقام العالي والمستوى الرفيع الذي وصل الأحد الماضي، وكأنه قد جاء يحمل لليمنيين الوصفة السحرية التي ستخرجهم من النفق المظلم الذي هم فيه إلى آفاق المستقبل المشرق الواعد بالخير، وستحل كل مشاكلهم السابقة واللاحقة، بينما المواطن اليمني لا يستحق أن يُلتفت إليه وأن يوضع له حتى ربع خطة أمنية واحدة تشعره بالمواطنة، وبوجود دولة تحترمه وتحميه باعتباره المكون الأساس الذي وجدت لأجله الدولة ابتداء.

الأدهى من ذلك أن وزارة الداخلية التي يُفترض أنها الجهة المسئولة عن أمن المواطن، والمنوط بها اتخاذ كل الاجراءات القانونية الرادعة للحد من انتشار السلاح، هي ذاتها من يوجه بعدم حمل السلاح المرخص و"الغير مرخَّص" فقط من مساء السبت إلى صباح الاثنين، وضعوا ثلاثة خطوط حمراء تحت "الغير مرخص"، ما يعني أنها تعلم بوجود سلاح غير مرخص بين أوساط المواطنين، بل وهي من يشجع على حمله وبشكل دائم ماعدا في مثل هذه المناسبات فقط عندما يتواجد لدينا ضيوف أجانب رفيعي المستوى، أما المواطن اليمني فيبدوا أنه "وضيع" المستوى في نظر الحكومة ووزارة الداخلية وفقاً لهذا المعنى.

حكومتنا الموقرة بررت كل هذا "الهيلمان" والاحتفاء غير المسبوق بالقول في ما معناه بأن مجرد انعقاد مجلس الأمن على الأرض اليمنية يُعد بمثابة رسالة دولية للداخل والخارج بأن اليمن تحظى بالرعاية الدولية، وأن العالم يوليها اهتماماً خاصاً، وأن استقرارها يهم العالم بأسره وليس اليمنيين وحسب، وهذا كلام صحيح مئة بالمئة، ويعزز تماماً قناعاتنا بأن زيارة وفد مجلس الأمن لليمن لم يكن حباً ولا ولهاً بها أو بشعبها، ولا كان دعماً لثورته السلمية العظيمة التي فجر شرارتها الشباب اليمني قبل عامين، وإنما جاء هذا العالم كله لتأمين مصالحه الخاصة من خلال دعم الاستقرار في اليمن من منظور مصالحه هو، وليس من منظور مصالح الشعب اليمني.

ثم من المعلوم لدينا أن مصالح الغرب وبمقدمته أمريكا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخليج، ولذلك ما يهمها هو أمن الخليج وليس أمن اليمن لذاته، ولعلكم تلاحظون أن هذا العالم "المتمصلح" يكاد لا يهتم باليمن ولا يذكرها إلا في ملفين اثنين فقط، وكلاهما متعلق بأمن مصالحه في الخليج، الأول وهو ملف القاعدة والإرهاب، والثاني موقع اليمن الهام باعتباره ممراً دولياً، وحول هاذين الملفين يدندن هذا العالم المتمصلح، ولهذا الغرض أتي مجلس الأمن بكله إلى اليمن.

من هذا المنطلق يجب على شباب الثورة أن يكونوا يقضين تماماً ولا تنطلي عليهم مثل هذه "الهيلمانات" لأن الجميع يخشون التصعيد الثوري على الأرض من طرف الشباب، وبمقدمتهم مجلس الأمن ودول "المبادرة الخليجية"، وحتى الرئاسة اليمنية وحكومة الوفاق، وعلى الشباب أن يدركوا يقيناً بأنه لن يأخذ القصاص للشهداء لا مجلس الأمن ولا الرئيس ولا حكومة الوفاق، وإنما الشيء الوحيد الذي سيأتي بالقصاص هو الفعل الثوري على الأرض، والفعل الثوري وحده.

على العموم .. غادر وفد مجلس الأمن بعد ساعات فقط لتعود الأمور على ما كانت عليه، وعادت حليمة لعادتها القديمة، وسيعود حمل السلاح الغير مرخص داخل المدن أكثر من المرخص هذه المرة، وستعود الفوضى الأمنية مجدداً، ولا أعلم حقيقة ماهي الرسالة التي كانت حكومتنا الموقرة تريد إيصالها للوفد الزائر من خلال هذه الاجراءات الاستثنائية، و بكل الأحوال فنحن لا ننكر على الحكومة تأمين سلامة الوفود الزائرة لليمن وتوفير أقصى درجات الحماية لهم فهذه مسئوليتها حتماً، لكننا ننكر عليها نسيانها بأن أمن المواطن اليمني هو في مقدمة مهامها ومسئولياتها، ونريد أن يكون لديها الخطط الأمنية الدائمة، التي من شأنها استقرار الوطن وأمن المواطن في كل الأوقات وتحت كل الظروف، وليس في المناسبات وحسب.