الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٩ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد (15 )

عباس القاضي
الخميس ، ٣١ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
هاهم عائدون إلى السكن ، يجرون أقدامهم ثقلا ، بعد غداء ، كان الجوع هو من يحرك أصابعهم ، شهيةً بما يأكلون .
تفكير الثلاثة لا تختلف عن كل يوم ، بينما الأستاذ سمير تفكيره غير ، هواجسه تذهب به بعيدا إلى الآتي .

أراد أن يكسر حاجز الصمت الرهيب قائلا : كم سعدت بكم زملائي ! جبرتم خاطري ، وآنستم وحشتي ، ليتني كنت رابعكم في هذه المدرسة ، فما زلت أجهل طريقي ، ومكان عملي ، وكيف سيكون مقامي ؟ ! .

رد عليه الأستاذ جمال مواسيا ، ورغبة في أخذ فرصته من التحدث معه : لا عليك ، أيها النبيل ، إنما الصبر عند الصدمة الأولى ، قبل اثني عشر عاما ، كنت في هذه المدرسة ضيفا وأنا في طريقي إلى مبتغاي ،،, وهنا استوقفه الأستاذ سمير متسائلا : إلى أين كنت مرسلا ؟ قال الأستاذ جمال : إلى منطقة كذا ،،، قال له : لحظة ، أخرج الأستاذ سمير الإرسالية ، فوجدها ذات المنطقة الذاهب إليها ،،، ثم ماذا ؟ قال الأستاذ جمال : مكثت فيها ، خمس سنوات ، أذابت الشحم ، ثم تحولت إلى منطقة وسطا بين تلك المنطقة وهذه ،،، مكثت فيها خمس سنوات أكلت اللحم ، ثم تحولت إلى هذه المنطقة منذ سنتين بدأ العظم يتفتت ،،، وأدخل يده في جيب معطفه ليخرج صورته ، قائلا : هذا أنا ، عندما تخرجت من الجامعة ،، وأجهش بالبكاء وناولها الأستاذ سمير ،،، الذي وجد مبررا لبكائه ،،، فقد كان يشبه نجما سينمائيا وسامة وأناقة ،،، ثم دنى الأستاذ جمال ليخبره عن مفردات الصورة ، قائلا : هذا بيتنا الذي لا يُرَى منها سوى الأركان ، وهذه شجرة الأثل ، التي كنت استظل بظلها ، وأذاكر ،،، عين على الكتاب ،،، وعين ............ ثم شهق شهقة أرتج لها الوادي ، وانهار بين أيديهم ،،، أسرع الأستاذ سليم والأستاذ جميل ، ليقوموا بدورهم ، كلما انتابته هذه الحالة ، أحدهم مد رجليه ورفعها قليلا ، والآخر اتجه إلى صدره ليضغط على صدره ليعمل له ضخ إنعاش وتفويق لقلبه ،،، وهم على هذا الحال ، سأل الأستاذ سمير : ما هي الحكاية ؟،،، قال له الأستاذ سليم ، تذكر خطيبته ، التي خطبها بعد قصة حب عنيفة ،،، قال الأستاذ سمير : ما هي المشكلة ؟ يروح يتزوجها ،،، رد عليه الأستاذ جميل : أصلها ماتت ، لسعها ثعبان .

وهنا ذهب خيال الأستاذ سمير ،،، إلى ليلة البارحة ، وصفير الثعابين الذي كان تقض مضجعه ،،، عندها تساءل ببراءة الطفولة : ألم يكن لديها ثوم ؟.