الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٤ مساءً

رؤية عدن : منطقة حرة وبس !!

أحمد عبدالله القاضي
الجمعة ، ٠١ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ صباحاً
عدن، ليس من الحكمة أن نحولها إلى عاصمة سياسية لا لليمن عموماً ولا للجنوب بصفة خاصة؛
عدن ، ليس من الحكمة أن نحولها إلى عاصمة اقتصادية لا لليمن عموماً ولا للجنوب بصفة خاصة ؛
عدن ، منطقة حرة بكل مرافقها الحيوية .. ميناء عالمي، مطار دولي، ومصفاة نفط حديثة، ومنطقة صناعية حرة وتجارة وصناعات مساعده، وحرف ومهن حرة... وأهم من هذا كله قوى عاملة فنية وماهرة ، وفئة تكنوقراط من أبناء عدن( من دون الاساءه إلى فهمي لهذه العبارة ) ذات خبرة ودراية عالية في فنون الإدارة والأعمال المالية والتجاريه.
المنطقة الحرة هي وظيفة عدن التي لا تحتمل أيه مناكفات سياسية أو عسكرية أو قبليه أو منافسات حزبية،أو مناحرات بين مشايخ لم تعرفهم عدن من سابق ولم تألف مواكبهم المسلحه المتأهبة للقتال على الدوام التي تُقلق السكينة تشوه وجه المدينة ؛ كما لم تعرف أسواقها ظاهرة التاجر المحارب Warrior –merchant إلا قريباً ؛ وهذا واقع وليس افتراءاً فأسواق عدن وشوارعها كانت إلى ما قبل الوحدة خالية حتى من السلاح الأبيض !

وأيه وظيفة أخرى غير وظيفة المنطقة الحرة يسندها المتحاورون في مؤتمر الحوار إلى عدن بحسن نية أو بسوء نية سوف يفشل دور مدينه عدن نهائياً ويلغي بالتالي فوائدها الجمه على المجتمع وأقل هذه الفوائد هو حرمان المجتمع من توظيف عشرات الآلاف من الأيادي اليمنية العاطلة .

كيف لم يخطر في بال الناس لماذا بريطانيا عندما ضمت عدن إلى اتحاد الجنوب العربي في عام1963م قد تجنبت تسميتها العاصمة السياسية للاتحاد وحصرت مقر وأعمال حكومة الاتحاد بل وسكن وزراءها مع حراساتهم وما لف لفهم في "بير أحمد" كما بنت فيها مساكن خاصة بهذه الحراسة العسكرية . وكانت قد أسمتها في عام 1959 " بمدينة الاتحاد " وتحولت بعد ذلك إلى مدينة الشعب في عام 1967 عام الاستقلال وظل أسمها كذلك إلى يومنا هذا وتركت عدن كميناء حر تؤدي وظيفتها كمنطقة حرة بهدوء وبذلك جنبتها من المشاكل والمخاطر الأمنية والحراسات المبالغ بها التي يُحاط بها الوزراء والنافذون في العاده وتضايق نشاطها الاقتصادي .
وعليه.....

وبغض النظر عن ما سينبثق عن الحوار الوطني من مخرجات تتعلق بنظام الحكم بشكل الدولة ، سواء استمرت هذه الوحدة بعد تنقيتها من انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت خلالها في شمال البلاد بصفه عامة وفي جنوبه بصفه مدبرة وممنهجه منذ حرب عام 1994م ؛ وسواء وعادت اليمن إلى عهدها السابق قبل مايو 1990م ؛ وسواء تولفت من الجنوب والشمال دولة " اتحادية" قوية بعد دراسة متعمقة وتطبيق تدريجي لهذا النظام ؛ أو تمخض الحوار عن أي شكل جديد أخر من أشكال النظام السياسي لدولة ما بعد الحوار ؛ في كل الحالات عدن لا يجوز أن تُمس وتتأثر بهذا النظام أو ذاك وانما يجب علينا أن نطوق مدينة عدن وبعمق يمتد ليشمل لحج التي نعرفها قبل الوحدة إلى شوطىء رأس عمران ومساحات من أبين تصل على الأقل إلى " منطقة دوفس" بسياج متين معزز بعيون مراقبه إلكترونية وبدوريات حماية مشدده برأ وبحراً ونتركها تعمل كمنطقة حرة مستفيدة من إمكاناتها المادية الذاتية ومن تنوعها الثقافي باعتبارها مصادر ثروة حيه ومتجددة تربط البلد بالمستقبل وتحرره من ثقافة ماضيه المتخلف والمتحجر الذي يئن من أصفاد القبيلة والشيخ والعسكر !

بل ولن أبالغ أن قلت ، ستخدم عدن المنطقة الحرة الجزيرة العربية والإقليم المحيط بها عندما ينتهي بها الأمر لتصبح أكبر منطقة حرة على مفترق قارتي أسيا وأفريقيا
( الدراسات العلمية / الميدانية تبشر بذلك) وسيغدو ميناءها حينئذ أحد الموانئ المحورية Hub Cargo Portsالقليلة جداً (( ثلاثة أو خمسة على الأكثر )) في العالم! أن مشروع عدن المنطقة الحرة المستقل عن إدارة الدولة يحمل هدفاً سامياً وهو تطوير نوعية الحياة في البلد Quality of life ، تحسين غذاء وسكن المواطن ، وتحسين صحة المواطن وتطهير بيئته من الأمراض والأوبئة التي تفتك به وتطوير وتنقية عقله وتفكيره من الخزعبلات والأوهام العقيمة وتعليمه مهارات تقنيه جديدة سيجلبها المشروع من الخارج إلى داره .

والهدف السامي الأخر هو توسيع علاقات البلد الخارجية الذي سيؤدي دون شك إلى تعزيز الأمن والاستقرار في البلد فالمستثمر المطمئن لمصداقيتك والراغب في الاستثمار في بلدك سوف يقف معك في مكافحة الإرهاب .

الدراسات الميدانية والتشريعات الوطنية لجعل عدن منطقة حره وناجحة موجودة وقد تم أعدادها بأرقى المستويات الدولية بشهادة دور الخبرة العالمية ومنها الدور المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية التي وصفتها بالمكتوب بواحدة من أفضل التشريعات العالمية الخاصة بالمناطق الحرة وقد طبقت هذه التشريعات في العقد الأخير من القرن الماضي ( في التسعينيات من القرن العشرين وأسفرت عن ولادة محطة عدن للحاويات ACT) وفي النصف الأول من العقد الأول من القرن الحالي – الواحد والعشرين (2000-2005م) انتعشت المنطقة الحرة عدن بفضل ميناءها الحر – ميناء
الحاويات ، علاوة على ذلك ، لدينا وأمامنا اليوم نماذج حيه لمناطق حره معزولة إدارياً عن أنظمتها السياسية صاغها وطبقها الإنس وليس الجن وهي على سبيل المثال مدينه هونج كونج ومدينه مكاو ؛ المدينتان الصينيتان اللتان حصلت كل منهما على نظام الإقليم الإداري الخاص Special Administrative Region

هونج كونج الدولة المدينة City-State تطبق هذا النظام الإداري المستقل عن الدولة الأم " الصين" منذ الأول من يوليو 1997م ولمدة خمسين سنه قادمة بعد تحويلها من بريطانيا إلى الصين ؛ وكذلك المثل مدينه مكاو التي عادت إلى الصين من طرف البرتغال في 20 ديسمبر 1999م والطريف في الأمر هو أن الصين " لحكمةٍ خاصةٍ بها " رفضت استلام مكاو من البرتغال في عام 1974م عندما عرضت عليها البرتغال رغبتها في تسليم مكاو أليها وألغت كل المطالب عليها ولكن الصين أرجأت الاستلام إلى 1999م .

ونظام الإقليم الإداري الخاص يعطي للمدينتين استقلالاً كاملاً عن الدولة الأم في كل شي حتى" العلم" و" النشيد الوطني" و" العملة " فيما عدا العلاقات الدبلوماسية والدفاع، أو بما معناه سلطة إدارية واسعة الصلاحيات تكون مستقلة بقراراتها عن السلطة المركزية .

ولا ننسى بأن لدى مدينه عدن خبره سابقة متراكمة كمدينه حره تعود إلى مارس 1850م عندما أعلن ميناءها ميناءاً حراً ومستوطنه عدن Aden Settlement مستوطنه حره . وبوجود الخبرة السابقة لمدينه عدن كمدينه حره لأكثر من مئة وعشرين عاماً زائداً الخبرة الصينية المطبقة الآن أمام أعيننا في مدينتين صينيتين ، لن يكون الأمر عسيراً علينا أن نصدر قانوناً يمنح عدن نظاماً إدارياً خاصاً بها والذي لا يجوز أن نتهيب منه وكأنه بذلك سيخرج عدن عن السيادة الوطنية الضائعة في الأصل بل بنجاح عدن كمنطقة حره سيعيد لهذه السيادة الوطنية نكهتها واحترامها عند الأمم بما سترفده عدن من موارد سيادية ملموسة للبلد.

هذه رؤية في حالتها الأولية الابتدائية وليست المفصله لمؤتمر الحوار عندما يتطرق هذا الحوار " للقضايا الجنوبية ... فالجنوب قضايا وليس قضية واحدة " وأبرزها قضية عدن منطقة حرة

فإذا خلصت النوايا بخصوص عدن منطقة حرة لا غير، واستوعبت هذه الرؤية، فعندئذ سيكون لكل حدث حديث !