الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٨ مساءً

حوثي مع وقف التنفيذ !

د . أشرف الكبسي
الأحد ، ٠٣ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
كتب بعضهم معلقاً على إحدى مقالاتي : لا داع لأن تجهد نفسك ، وتعبر عن رأيك ، فاللقب الذي تحمل ، يشير وبوضوح إلى توجهاتك ، ويفصح بجلاء عن قناعاتك..!!
خلافاً لما تعتقد ، أو حتى لما تقول وتفعل ، يصدر الآخرون اليوم حكمهم التصنيفي عليك ، والذي تترتب عليه طبيعة مواقفهم منك وتصرفاتهم تجاهك ، سلباً أو إيجاباً ، وهم من خلال ممارستهم تلك ، يقررون (افتراضاً) انتمائك القسري لجماعة بعينها أو مكون بعينه ، دون أن يدركوا أنهم يرتكبون خطأً فادحاً ، ليس بحقك فحسب ، عبر مصادرتهم لإرادتك في تقرير الإنتماء المزعوم من عدمه ، بل وبحق أنفسهم أيضاً ، فهم إما أن يدفعوا بك – عن قصد أو غير قصد - إلى الجانب المضاد لتوجهاتهم ، مقدمين بذلك خدمة مجانية لخصومهم ، أو أن يضعوك في حساباتهم (السياسية والطائفية والجهوية) كرصيد وهمي لا أكثر..!

يبدو أننا اليوم ، ونحن نعيش ثقافة (الفرز المسبق) ، وتصنيف الآخر، إلى حوثي وسلفي ، إصلاحي ومؤتمري ، حراكي ووحدوي ، حاشدي وبكيلي... ، نسينا أو تناسينا أن الإنصاف يقتضي الكف عن زج الآخر في منتصف معادلة طرفيها : تكون أو لا تكون ، فعدى عن أن الكينونة تلك – بنقيضيها – حق أصيل لصاحبها ، ويمكن لها أن تكون مطلقة (جاهلة) أو نسبية (واعية) ، هناك أيضاً الخلط الواضح بين التعاطف الذي لا يعني الانتماء ، والتحفظ الذي لا يعني العداء..!

بلسان الحال أو المقال ، يشعرك البعض بأنك تخفي بطاقة تنظيمية كتب عليها (حوثي) ، امتداداً لتصنيف (ديماغوجي) سابق ، صورك - وما يزال - باعتبارك مشروع (رجعي ملكي) كامن ، ينتظر الفرصة المناسبة لينقض على الثورة والجمهورية ، ومكتسباتهما ، تلك المكتسبات التي طالما سمع الشعب عنها ، دون أن يراها ولو لمرة واحدة ، فقد كانت – وما تزال - حصرياً من نصيب (الجمهولكيين) ، الذين اتخذوا من رفض (ولاية البطنين) مبرراً لممارسة المعكوس المطلق ، لتصبح السلطة والثروة ، ليس حكراً على ما (عدى البطنين) فقط ، بل على بطونهم تحديداً.!

من العبث اختزال اليمن واليمنيين في التسميات التصنيفية القائمة ، فالانتماءات الحزبية والمذهبية والطائفية والجهوية – في الغالب - ليست أكثر من صور وهمية زائفة ، لا تقوم على الإرادات والقناعات الواعية ، والتفاعل المؤثر بين القمة والقاعدة ، فما لدينا ليس ممارسة سياسة وإنما إقطاع سياسي ، ولا يعدو مصطلح الإنتماء الحزبي هنا ، أن يكون تلاشي – طوعي أو قسري - للجموع في ملكية الخاصة المؤثرة (النافذة) ، كما لا توجد ممارسة قبلية ، وإنما إقطاع قبلي ، يتمتع فيه خاصة (المشائخ) بصفة (المالك) ، لجموع القبيلة من جهة ، وبصفة (المملوك) لمصادر التمويل من جهة أخرى، وفي كلتا الحالتين تمثل العصبية والرؤية الإنتفاعية الجاهلة ، صك الملكية ..ا


باستثناء قلة قليلة من (نخبة النفوذ) والقيادات اللصيقة برأس هرم كل مكون من مكونات الصراع القائم ، طالما غابت ، وتغيب – عن الجموع والعامة - المعلومات المعرفية والحقائق اللازمة للتقييم السوي والحكم الموضوعي ، فحين يتحدث الجميع - على سبيل المثال - عن الحوثية ، بين مؤيد ومعارض ، متعاطف ورافض ، يبدو جهل معظمهم واضحاً بحقيقة ما جرى بالأمس أو حتى ما يحدث اليوم ، اللهم إلا من ترديد لا واع لما قيل أو يقال ، في رضوخ جمعي واضح لسيل من التلوث الذهني القسري ، الذي كرسه النظام في الماضي ، وتبثه اليوم وبسخاء ماكنة الصراع الإعلامي (الإعلاني) المتقابل ، والتي تروج لنفسها عبر التشهير المبتذل ، وتسفيه الآخر لا أكثر ، ولسان حالها يقول: أنا رائع – فقط - لأن خصمي قبيح ..!

يمكننا بالحق فعل الكثير ، ولكننا بالحب نستطيع أكثر ، وإذا كان من الغباء اليوم التعاطي مع الحوثية بوصفها تهمة ، تستوجب الملاحقة والاعتقال كما كان في السابق ، والتي أفرزت في النهاية حوثيين أكثر من الحوثي ، فإن الأمر الأكثر غباءاً هو استمرار ثقافة التصنيف والفرز الظني المسبق ، ورفع شعار : أنا دائماً على حق والآخر دائماً على باطل ، والتعاطي مع ذاك الآخر ، بوصفه (حوثي) مع وقف التنفيذ...!