الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٥ مساءً

هل داعي القَبيَلة ضرورة لتحقيق داعي المدنية؟!

د. علي مهيوب العسلي
الثلاثاء ، ٠٥ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
هل يحق لنا أن نحتفل بنجاح داعي المدنية على حساب داعي القبيلة في الـــ11 من فبراير ،أم ان القبيلة تكيفت مع المدنية وتركت الحداثيين يلهثون وراء السراب!

أعتقد أن القبيلة شيء طيب ، وفيها من الحكمة والذكاء ما تطفي بها أي حريق ،وفيها من القيم والشهامة ما يعجز المرء عن الإتيان بها! ؛ لكن صالح وزبانيته دمر الكثير منها بحجج واهية وبافتعال أزمات فيما بينها وإشراك كثير منها في حكمه ، وقاتل بها في مواقع عديدة ولقضايا الكثير منها تافهة ،وعندما كانت تصحو بعض القبائل لمقاومة ظلمه سرعان ما كان يُسلح قبائل اخرى لمحاربة تلك القبيلة الصاحية ثم يجمع الطرفين بداعي القبيلة فيكون هو المخلص ويدفع الاتاوات ويسترضي الطرفين وهكذا منذ توليه وحتى مغادرته السلطة ،ومازال بعد مغادرته يمارس نفس الألاعيب بحجة أن المدنية خطر على القبيلة وستنزع الحكم منهم فيصدقه البعض وكأنهم كانوا اصلاً يحكمون ! وعندما هلت ثورة الشباب بوعيها وبإيمانها بالتغيير أدركت القبائل أن 33سنة كانت كافية لتجهيلهم والحاقهم بمؤسساته العسكرية ليدافعوا عن ثرواته وسلطانه ، ويحصلون على أقل من حقوقهم أثناء حكمه مقابل أدائهم لتلك المهمة ،وقد تناقشت مع بعض المتعلمين والمثقفين منهم عندما بدأنا نناقش الفيدراليات ، فتفاجأت بردهم أنهم مع نقل العاصمة ،بل ونقل الحكم بالكامل إلى مناطق أخرى غير مناطقهم لكي يكون دافعاً لأبناء مناطقهم الاتجاه نحو التعليم ، وحان الوقت أن ينالوا حصتهم منه بعد أن حرموا منه لعقود طويلة من حكم صالح ومن كان قبله ،والذي هو محسوباً عليهم ،أدركت عندها بأن ثورة الشباب قد أثرت في القبيلة وأبنائها أكثر مما أثرت في الاحزاب وأنصارها ،وهذا ما لاحظناه اثناء مجريات الثورة الشبابية الشعبية ،عندما تقاطرت القبائل قبل غيرها وربما قبل الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي كان صالح قد دجنها ورسمّها، وكنا نندهش من عدم تحسس القبيلي من التفتيش في مداخل الساحات ،وتسليمه بالسلمية سلاحا فتاكا لقهر الخصوم ، ومن تعهد رموز القبيلة من عدم المشاركة في السلطة بعد سقوط النظام لكي يفسح المجال لشباب الثورة أن يتصدروا المشهد وينجزوا ما وعدوا به شعبهم من إعمال القانون الذي يطلع اليه الشيخ قبل غيره ،ومن مبادرتهم لإنشاء أحزاب جديدة ظاهرها المدنية من خلال تشكيلاتها واشراك المثقفين والشباب والمرأة في قمة هرمها ، لكن من لوّث القبيلة ورموزها هم العسكر والأحزاب عندما استنجدوا ببعض رموز القبيلة بالتخلص من صالح خصمهم الذي رأوه معيقهم الوحيد للوصول الى السلطة ، ولقد استفاد كثير من ابناء القبائل من الحياة اليومية التي عاشوها مع الشباب المتمدن وكيف يفكرون وكيف يفهمون الحرية ،فكان شباب القبلية على قاب قوسين أو أدنى من التحرر الكامل من استخدامهم حتى من رموزهم لولا نقل الصراع إلى عنف اضطر بموجبه شباب القبائل للدفاع عن بيوتهم وأعراضهم ورموزهم كذلك !

نعم ! لولا هرولة الاحزاب باتجاهها و مؤاخاتهم من أجل التخلص من خصمهم صالح لما تحولت الثورة إلى أزمة !

والآن بعد خروج صالح من الحكم فلماذا لا تدعون الثورة تمر بسلام لتحقيق اهدافها دون عراقيل ودون فيد ، فقد تكسبون غداً تعليم أبناءكم بعد أن حرمهم صالح منها ، وتلحقون بالمتمدنين المتعلمين لتتكامل الجهود في بناء اليمن الجديد دون منغصات !

فكما تنبهتم لصدق وطهارة الثوار فالتحقتم بهم! فبحق السماء أن تتنبهوا للمتصارعين على مصالح شخصية وتغييب مشروع الدولة ،وربما تمزيق الوطن بفعل تلك القوى المتأزمة ، وإذا لم تعوا مكرهم فسنضطر اللجوء إلى أحد مميزات القبيلة وهو استخدام جاه القبيلة فنقول لكم بحقه أن تخلوا الثورة تكمل المسيرة وأن تضبطوا ضباطكم الذين يتقاتلون من أجل الاستئثار بالسلطة دون أدنى مراعاة لمطالب الشعب ، فداعيكم أبلغ بكثير من المتفلسفين المنظرين قادة الاحزاب الذين لا يستطيعون توصيل رسائلهم الواضحة والمعبرة للشعب ، لأنهم ليسوا في اتصال دائم مع الشعب، أما أنتم فإنني أعترف أن مقدرتكم على السيطرة على رعيتكم أبلغ وأكثر تأثير من قيادات الاحزاب على رعيتهم ،لكنني أعتب على من كانوا يظهرون ويصرحون من أنهم لم يتخلوا على الدفاع عن الثورة والثوار حتى استكمال كامل اهدافها لأقول أن اختفاءكم قد أحدث لبسا لدى عامة الثوار بعد انتخاب الرئيس هادي ومن أنكم قد اتجهتم باتجاه السياسيين على حساب الثورة وأهدافها !؛ فلم نسمع صوتكم في أهم ملف وهو ملف الشهداء والجرحى فها هم أبناءكم أمام مجلس الوزراء مضربون عن الطعام احتجاجا عن عدم تطبيق الحكومة لحكم المحكمة بعلاجهم ، والحكومة تعبث بهم عبثا لم يرى العالم له مثيل ،ولم نسمع لكم صوت عن هيكلة الجيش ،ولم نسمع لكم صوت عن اتخاذ الحكومة التي دعمتموها عن رفع الساحات بقرار من اللجنة الامنية و...الخ ؛ فهل سترسلون الرسالة الثانية للشعب من أن القبيلة صارت متقدمة في مدنيتها على الاحزاب وقياداتها الهرمة المتخلفة فتؤثرون على من يعرقل مسيرة الثورة من الاستكمال وتجعلوهم يقدمون استقالاتهم طواعية ،وأن ينفذوا ما اتفق الجميع عليه دون ابطاء ليكون لكم السبق في احترام تعهداتكم في عدم الاستحواذ على السلطة بعد اسقاط النظام ،وان تنهوا مغامرات من ينتسبون اليكم من القيادات العسكرية لتجنيب اليمن ويلات الحروب والتمزق والاستفراد بالسلطة عندها سنقول لقوى التحديث لقد ظلمتم القبيلة واثبتت انها مدنية أكثر منكم قولا وعملاً ، وكل ذلك من أجل اليمن ووحدته فهل أنتم فاعلون وللعهد منفذون فلفعل ذلك منتظرون إن كنتم عن السلطة متعففون ،ولإنقاذ اليمن مبادرون، ولليمن الجديد ساعون!