الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٤ صباحاً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 16 )

عباس القاضي
الأحد ، ١٠ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
لم تدم غيبوبة سمير طويلا ، فالضغط على صدره كان قويا ، بدأت الحياة تدب في جسمه تدريجيا ،،، حتى نهض دون مساعدة ، ومن نعمة الله عليه أنه ينسى بعد الإفاقة عما كان يتحدث ، وإلا لعاودته الحالة من جديد ، وكان الأستاذ سمير موفقا أن دس الصورة في جيبه ، بإشارة من زميليه ، حتى يزيل الأثر .
استمروا في المشي ، والملاحظ أن الأستاذ جمال ، كان أكثرهم خفة ومرحا ،،، أستاذ جمال ،،، من أين أنت ؟ سأله الأستاذ سمير ، رد عليه الأستاذ جمال : من تعز ، وبالتحديد من العزاعز ،،، غمزوه أن يغير مجرى الحديث ،،، حتى لا يعود إلى الذكريات وظل شجرة الأثل .

بدأ الأستاذ سمير يحثهم على مساعدته في كيفية الوصول إلى المدرسة المرسَل إليها ،،، أشاروا إليه بأن الأستاذ جمال هو أفضل من يخبرك ،،، قال له الأستاذ جمال : اليوم الأحد ،، تمر سيارة في المنطقة التي نحن فيها ، ستنقلك إلى قرية فيها مدرسة قبل أن تنحرف في اتجاه آخر ،،، انزل هناك اقض ليلتك فيها حتى يفرجها الله عليك ، بسيارة تنقلك إلى مسافة أخرى ،،، لكن مصيبتنا في فراقك يا أستاذ سمير ،،، وأردف الأستاذ جميل : ساعات قضيتها معنا ، كأنها سنوات من العشرة والألفة ،،، وهنا تدخل الأستاذ سليم قائلا : السيارة ، ستأتي الخامسة عصرا ، سيكون لنا قبلها جلسة شاي من يدي هذه ، ولوح بيده عاليا .

وصلوا إلى السكن ،،، قال الأستاذ جميل ، حظنا في هذا السكن ، أن نشعر فيه بالجوع ، نذهب جياعا ، وعندما نعود إليه ، نكون قد هضمنا الأكل من طول السفر ،،، يوم واحد في الأسبوع يكون فيه غداؤنا على مسافة نصف ساعة ،،، لا نستطيع أن ننام تلك الليلة من التخمة ،،، يقول هذا ،، والأستاذ سليم يعد ويحضر الشاي ، ويقوم بحركات كأنه بروفيسور ، يقوم بتجربة مهمة في معمله ،،،، والأستاذ جمال ينظر إلى الأستاذ سمير ، قائلا : دعني أملء عيني من وجهك ، الأمر الذي جعل الأستاذ سمير، يخاف منه ، بعد أن تذكر اسم منطقته ،،، قال له : أستاذ جمال ،،، تعوذ من الشيطان ،، قل " ما شاء الله تبارك الله ،،، فضحكوا جميعا ، والأستاذ سليم يناوله كوب الشاي .

كان الأستاذ سمير يشرب وعيناه تفيض بالدموع ،،، تأثرا بوداعهم ،،، ويقول في نفسه : سلسلة من الوداعيات والبكاء والحنين ،،، وداع لأسرتي ووداع صباح اليوم للشجرة ،،، والآن لهؤلاء الطيبة قلوبهم ،،، وفعلا ما إن أرتشف آخر قطرة ، إلا وصوت السيارة تقترب ،،، ففزعوا جميعا ،،، قال لهم في آمان الله ،،، أوعدكم أن أبيت عندكم في رجوعي ،،، وترك لهم مجموعة من الكعك مؤنة لهم .

خرجوا لإيقاف السيارة ،،، بينما سمير يلملم كيسه الذي فيه مونته التي لم تعد تكفيه لشهر ،،، وكذلك حقيبته .