الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٨ صباحاً

فبراير العظيم .. هل تذكرني

طارق الجعدي
الاثنين ، ١١ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
انا ابنك المدلل ، من كنت تنعتني قبلها بالغبي ؛ ومن بعدها فجأة قلتَ أني من شباب الثورة ؛ أتذكُر يا سيدي حين رميتني في إحدى الشوارع ثائرا ولم تعطني حتى بطانية تساعدني في مواجهة البرد القارس أتذكرني وأنا كالطفل بين أحضانك أدهده الزرقيف في خيمتي استعدادا لخروج مسيرة ، أتذكرني وكنت أتدلى أمامك كالشاب الوفي للاوطن؛ وكنت أعصر أمعائي بانتظارك تعطيني بعض الفتات ؛ أيام رائعة سرقتُها منك على حين غفلة وأخذتَها مني يوم اليانصيب وأنا أمارس عهر الصحافة في إحدى الصحف.

يا سيدي الكبير .. على قدر ما أراك اليوم قبيحا وجميلا في نفس اللحظة ؛ أمام هذه التناقضات اشتاق أيضا للطواف في محرابك ؛ أحتاج امتطاء ظهرك لتعلمني الركض على الأحصنة ، احتاج أيضا لزملائي الأطفال في الساحة يذكروني بأيامك ولياليك ، تشرفت بالكثير والكثير من الصور إلى جانبك ، بعضها كنت أتصور مبتسما لأعلن أني ارتكبت جريمة وبعضها الآخر لم يمر على ذاكرتي إلا ساعة تحرش ، تلك الصور سرقت حين سرق جهازي معها مثلما سرقت أنت أيضا ،
كنتُ أحدق بين عينيك ذات ليلة من 2011 وأرى عليك اليأس وكنتَ واسيتني بالقدر الذي تخرج به منتصرا حينها صدقتك لأني أثق بالقدر مواسيا للشهور ، في تلك الليلة من نفس العام حللت ضيفا عليك واستضفتني في زاوية من جولة بالقرب منك ، نمت حينها دون سترة تغطيني لان الرصيف وقتها كان ناعما فاستغنيت عن شيء أضعه تحتي ، أعذرك حينها لأنك كنت في مواجهة الرئيس صالح الذي أصبح بعدها زعيما .

لم أكن صحفيا حينها لأني كنت أرى الصحافة أمامك عهر آخر والوقوف أمامك يستحق الصمت إجلالا لنضالك ، كنت حينها ثائرا يبحث عن تخزينة بعد كل غداء استعين بها لمتابعة الأخبار وصب المزيد من اللعنات عليك ، كنت حينها تعذرني على القسوة لأني كنت من أصدقائك المقربين ، لم أكن أيضا أمتلك من السفة السياسي الذي يمكن أن يؤهلني لقيادة جزء من قطيعك الثائرين معي ،

يوما ما نزلت اليك في ساحة التغيير ، قابلتني حينها بحفاوة واشتياق ومعك وردة تشبهني بالذبول وبالمرور على الأنوف أيضا للاستنشاق ، ..رأيت في حظرتك مملكة .. وجنود .. وأبطال يمكن أن يفدونك .. ونساء كانت تردد هتافات في حضرتك تقديسا .. وأطفال يرفعون لك السبابة والوسطى .. ولكن ربما هكذا الحياة تخونك كما تخوننا ، ألتقيك اليوم وقد ضاع منك ذلك الاستقواء ، لا باس مازلت كما أنت في قلبي لا تخف ولكن علي أن أواسيك كنوع من الوفاء ،

أذكر الكثير من الذكريات معك ؛ وأذكر أيضا ذلك الشهيد الذي التوى على أرجلي ليسد بهما جرحة حين اخترقته رصاصة خائنة ؛ لم التفت إليه إلا حين أحسست بقداسة دمة على قذارة جلدي الذي لم يلحقة ، كم تمنيت ان لا يغمى علي وأنا احمله كي أتشرف بالنظر إليه وهو يبتسم للشهادة ؛ لا تخف كنت مشغولا بإزاحة الدخان السام عن وجهي ؛ صحوت حينها بعد فترة ولم أتشرف بمعرفته ؛ ليتني أراه ..رأيت بعدها الأوغاد يحكمون.