السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٩ صباحاً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 17 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ١٣ فبراير ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
همس الأستاذ جمال في أذن السائق ، وأخرج من جيبه بعض النقود ، ودسها في جيبه ،،، ما أن وصل الأستاذ سمير إلى السيارة حتى نزل منها راكب من أبناء المنطقة ليفسح له مكانا احتراما له ،،، وكان الأستاذ جمال قد أخبر السائق أن يضعه في المدرسة ، قبل أن يتجه إلى بغيته .

صعد الأستاذ سمير ، وبينه وبين السائق راكب آخر ، وضع كيسه بين قدميه وحقيبته في حجره ، وبدأت عملية المساج ، كما يحب أن يسميها ، أحيانا حركة جسمه من الأمام إلى الخلف ، وأحيانا دائرية ، وسط صمت رهيب من الراكب والسائق ، ورائحة السيارة داخلها مقرف ، كان يخرج أنفه للخارج فيدقها بحافة الباب ، والهواء البارد يغلب سخونة أنفاسه ، التي تلهث من حركة السيارة ووعورة الطريق .

بدأ الليل يرخي سدوله ، والضوء الخافت للسيارة لا يكاد يبين معالم الطريق ،،، غير أن خبرة السائق تفوق العراقيل.
كان يحس ويسمع حركة كل أجزاء السيارة " الشاص " ،،، أربع ساعات ،،، أحيانا لا يرى سوى السماء ارتفاعا ،،، وأحيانا لا يرى شيئا لانخفاض السيارة في مكان سحيق ،،، عندها تعوذ من عذاب جهنم .

يشعر بوخز في رقبته ،،، وغثيان يذرعه ،،، يحدث نفسه قائلا : يا ساتر ،،، الغثيان ينهكني ،،، من أين لي بيد أمي التي تمسكني من رقبتي من الخلف فيتماسك جسمي مع رأسي ، وكأنني لم أفعل شيئا ،،، لابد أن أنسى ، وأشغل نفسي في شيء آخر حتى أتجاوز هذا الموقف .

أغمض عينيه وبدأ يقرأ سورة الملك ،،، ذهب بنعاس ، لم يفق منه إلا على صوت السائق ، يناديه : يا أستاذ ،،، يا أستاذ ،، هذه المدرسة .

لملم حاجاته ، ألقاها على الأرض ، ونزل بعدها ،،، أخرج من جيبه نقودا ،،، قال له السائق : الحساب واصل ،،، لقد دفعها صاحبك ،،، رفع الكيس على ظهره ، والحقيبة في يده ،،، يقول في نفسه : أكيد هذا السكن ،،، في داخله بصيص ضوء ،،، طرق الباب انتظر قليلا ،،، فتح ،، عفوا من تكون ؟ سأله من كان داخل السكن ،،، رد عليه الأستاذ سمير : أنا أستاذ مرسل لأدرِّس في منطقة كذا ،،، فحالت دونها البعد والمواصلات ،،، هل لي أن أنام عندك الليلة ،،، تفضل ، تفضل ،،، قال له ، مرحبا ،،، دخل الأستاذ سمير وأغلق الباب بعده .