الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٥ صباحاً

ثورات الربيع العربي .. حلم أم واقع ؟؟ في ظل استبدادٍ أعمق و بغطاءٍ لاهوتي

عبدالرحمن صادق الوحش
الجمعة ، ١٥ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
تتداعى بلدان ثورات الربيع العربي للعديد من الحوادث و الأحداث التي منها ما تختص به دول بعينها و منها ما تتشاركه كل مواطن الربيع العربي و بمجمل تلك الأحداث تكتمل أجزاء الصورة العامة ، بل و تزداد وضوحا جراء أحداث الأسابيع الأخيرة في مصر و تونس ، فمؤخرا تتحالف التيارات التي تنسب نفسها للدين ،مع أنظمة الحكم الإخوانية، رغم افتراقهم أثناء الثورة ، فالجماعات السلفية التي كانت من أشد المعارضين للثورات ، و الأحرص على بقاء الأنظمة الحاكمة المستبدة ، أصبحت حليفا إستراتيجيا لنظام جماعة الإخوان و شريكة معهم في الحكم سواء في مصر أو تونس ، و هذه التركيبات النوعية الجديدة الناتجة من تحالف أعداء الثورات مع من استولوا على ثمار الثورات ، لم تكن إلا لضرب المعارضين بيد من حديد و تصفية كل القوى المعارضة المؤثرة ، و باسم الدين ، و فعلا بدأت الاغتيالات و التصفيات الجسدية عقب مجموعة من الإرهاصات كانت أهمها الفتاوى الشاذة بتكفير و إباحة دماء القوى و القيادات المعارضة أو المناهضة لنظام الإخوان ، من قِبل نفس الشخصيات أو الطوائف التي سبق و أن أباحت دماء الثوار الخارجين على أولياء الأمور حسب زعمهم ، وفعلا تم اغتيال الزعيم التونسي الاشتراكي المعارض / شكري بالعيد الذي كان آخر لقاء تلفزيوني معه قبل اغتياله فقط بيومين ، حذر فيه كل القيادات و القوى المعارضة من أن الغرض من تحالف جماعة الإخوان مع التيارات السلفية هو تصفية قوى و رموز المعارضة ، و لم يعلم بأنه سيكون الضحية الأولى ، و به سيتم تدشين المرحلة الدموية المأساوية في تأريخ الأمة .

هذا بالنسبة لتونس الحبيبة أما أم الدنيا فقد سبقتها بخطوة ، فقبل أيام بدأت المرحلة الأولى من التصفيات التي استُهدفت فيها الرموز الثورية الشبابية المؤثرة في الشارع ، في أحداث العنف ضد المتظاهرين في الأيام القلائل السابقة التي سقط فيها عدد من الشخصيات الشبابية الوطنية ، على يد قوات الأمن و الجيش بتوجيه و دعم و تشجيع من الدكتور/ مرسي رئيس الجمهورية كغطاء سياسي ، و غطاء ديني و شرعي من فتاوى تسيء للإسلام أكثر من إساءتها لأصحابها ، أباحت دماء شباب و أحرار مصر العروبة باسم البلاك بلوك أو غير ذلك ، تهيئة لتدشين المرحلة الثانية ، حيث بدأت المقدمات التقليدية بفتاوى شاذة و ضالة من هنا و هناك لنفس الدمى و البيادق الأزلية ، تقضي بتكفير جبهة الإنقاذ و إباحة دمائهم ،و لن نمكث كثيرا حتى نرى هذه الفتاوى قد آتت أكلها . . . نسأل الله السلامة من كل شر و مكروه .

و لا أظن أن يمننا الحبيب بمنأى عن هذه الأحداث ‘ فكل ما اشرنا إليه سابقا من الممكن أن نسقطه على واقعنا فالإخوان هم الإخوان ، و هم من سيطروا على مجريات الأمور خلال الثورة و هم من حجموها و طوعوها كيفما شاءوا ، وهم أيضا من سيستأثروا بثمارها ، كبقية الثورات ، بيد أن السيناريو اليمني متأخر قليلا عن غيره ، حيث أننا كنا ومازلنا نناضل في سبيل تحقيق أمور هي بالأساس متحققة و مستقرة عند غيرنا ، فالجيش المصري و كذلك التونسي لم يحدث فيهما أي انقسامات أو انشقاقات ، بينما نحن لم نكُ نملك جيشا وطنيَّ الولاء تماما ، بل مجاميع تابعين لأشخاص أو فئات ، و المؤسسات التي نسعى جاهدين لترسيخها ، هي راسخة بالفعل عند غيرنا ، ، و ما هي إلا أيام قلائل. . .و نرانا نمر بكل المنعطفات التي مر بها أشقاؤنا ، فهاهي خلافات الإخوان في اليمن و ذراعهم السياسي الإصلاح مع بقية القوى و الأحزاب السياسية تطفو على السطح ، ولا يمكن إخفاؤها، و تحالفات الإصلاح مع بقية التيارات السلفية باتت وشيكة ، كنتيجة منطقية لتخطي تلك الخلافات ، كما هو الحال في بقية الدول التي سيطر عليها الإخوان ، وعند ذلك ستبدأ الفتاوى التقليدية تتناثر هنا و هناك على القنوات التابعة لهم ؟؟ !!

عند ذلك ستبدأ الاغتيالات و التصفيات الجسدية السرية، لكل القيادات و الرموز المعارضة التي يمكن أن تكون عائقا أمامهم للاستحواذ على السلطة و الحكم و تطبيق مبدأ التمكين ،و باعتقادي أن أول الشخصيات التي ستطالها تلك العمليات هو الدكتور/ياسين سعيد نعمان، نظرا لما يمتلكه من مقومات تجعل منه الرجل الذي قد يتفق عليه الجميع ، و ليس الرئيس/عبده ربه منصور هادي ببعيد من تلك الاحتمالات لأن وجوده و السياسة الوسطية و الوطنية التي ينتهجها لا ترضي بعض القوى السياسية التي تطمع بل تسعى للتمكين من كل شيء دون غيرهم من شركاء النضال ، و لن يضلوا مكتوفي الأيادي إزاء تلك السياسات التي يسير عليها الرئيس هادي ، خصوصا عندما نصل إلى المحطات الرئيسية أو المصيرية التي ستحدد شخصية الدولة الجديدة و دور كل طرف من الأطراف فيها ، ثم إن عمليات التصفيات و الاغتيالات لا بد لها من مناخ مضطرب ولن يحصل المستفيدون من هذه العمليات على مناخ أفضل منه فيما لو تم اغتيال الرئيس هادي-لا قدر الله- أو غيره من الرموز الوطنية والذي بسقوطه أو سقوطهم تسقط أو تتعثر المبادرة ويعود الحال بنا إلى ما قبل المربع الأول ، ، وبذلك سيصبح المناخ ملائما تماما لتصفيةالقوى المعارضة و الاستحواذ على السلطة بالقوة ، والقضاء على مبدأ المعارضة بالتلويح و التهديد بالقوة و الغلبة و المال و استخدام الأنصار في الداخل أو الخارج ، و بهذا نكون قد تبعنا أشقائنا مصر و تونس خطوة بخطوة ، فالإخوان جماعة دولية وليست محلية وسياساتها تملى من القيادات في الخارج لا من الداخل ، لهذا فهي موحدة نسبيا ، و الواقع الذي نعيشه يؤكد لنا أنهم قوم لا يؤمنون بالديمقراطية و لا يطيقون الرأي الآخر ولا مجال للنقد أو التقويم معهم لأن النقد يقابل بالعنف سواءً المادي أو المعنوي ، و القيادة عندهم معصومة و مقدسة ولا يمكن أن تخطئ ، لذلك فنحن في صدد بناء أجيال معطلة الأفكار لم و لن يستخدموا عقولهم التي ميز الله بها الإنسان عن غيره فالسمع و الطاعة أمر لا نزاع فيه ولا مجال للامركزية عندهم ، و أعتقد أن رد الفعل على سياسة هادي قد بدأ بالفعل ، و تكشف عنه آثار الغبار و الأدخنة المتصاعدة من حرائق تشتعل و نيران تستعر خلف الكواليس ، و ما يتناثر على الأسماع من عدم تنفيذ القرارات الرئاسية الخاصة بالهيكلة ، و تعنت علي محسن الأحمر في تنفيذها وما تلاها من عودة المدعو أحمد علي صالح من جديد كقائد للحرس الجمهوري بشكل غير مباشر ، مواصلةً لسيناريو التمرد . . . و ما يروج من أن تمرد علي محسن كان بضغط من القوى الثورية كلام لا يستسيغه العقل ، لأن هناك أناس بيدهم صكوك الحرية و الثورية و الوطنية يمنحوها للموالين و ينزعوها عن كل مخالفٍ لهم في الرأي ، على هواهم فكيف لنا أن نعرف من هي القوى الثورية التي ما زالت شمولية حتى الآن ، و ما يروج ضد محافظ تعز يقاس على ما سبق ، في ظل هذه المعطيات هنيئا لنا بحوار وطني لم يمثل فيه إلا من على نواصيهم آثار صكوك التبعية ، وما يتداول من أن هناك نسبة لتمثيل الشباب المستقل فزور و بهتان ؟! لان لا معايير و لا ضوابط فكيف لنا أن نعرف كيف تم الانتقاء و من الجهة التي قامت بالترشيح أو الفرز ، وكل الأنظار تطمح إلى الحوار بنظرة مادية بحته فكيف سينجح الحوار . . . لا ريب أنه خوار لا حوار
فهلا يفكر المفكرون والسياسيون ويعمقوا النظر في كل ما يدور من حولنا لنضع الاحتمالات و نبتكر لها الحلول و نقطع المجال على كل من لا يريد التعايش بسلام مع العامة و نعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية و المدنية و التعايش السلمي و الرأي و الرأي الآخر وترك العصبية و المذهبية و المتاجرة بالدين و المنابر للحصول على مكاسب سياسية أو حزبية بعيدا عن اللاهوتية ومنع كلما قد يعكر صفو الأمة .

أتمنى أن لا يكون الرد على النقد بالعنف . . . فما زالت كل حساباتي مخترقة من قبل . . . ؟؟

فهل من الممكن أن يتضاعف الرد بالتناسب مع الفعل !!