الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥٣ مساءً

الحوثيون وخدمة الاستراتيجية الأمريكية في اليمن

فارس غازي جرمل
الأحد ، ١٧ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٣١ صباحاً
أقسى تصريح سمعته من السفير الأمريكي في وصف الحوثيين هو وصفه لشعارهم أنه سخيف ومرة أخرى كان أشد قسوة فوصفه بأنه غبي ...
يااااااي شو آسي .
يا لهذا العداء البالغ النعومة
لو كان لدى وزارة الخارجية الأمريكية قائمة بـ ( المنظمات الغبية ) أو( المنظمات السخيفة ) على غرار قائمتها للمنظمات الإرهابية ربما نحس أن هناك ولو نزر يسير من التذمر الأمريكي مستندين لهذه القوائم ولتصريحات السفير ، أما ولا شيء من هذا كله فلا يوجد ما يقنعنا بهذا العداء ...
أمريكا ليس لديها ما يمنعها من التصريح بأنها تعادي أي جماعة أو أي دولة إن كان هناك حالة عداء حقيقي و دون تردد . أمريكا تجيد إخفاء حبها لكن لا تجيد أبدا إخفاء كرهها وعداوتها أمريكا لديها كبرياء وغرور إمرأة متسلطة و فاتنة قد تداهن أحيانا لكن إن كان في الأمر عداء فلا تداهن بغض النظر عن وجود علاقات دبلوماسية .

نعم لا وجود لقوائم من هذا النوع ولا وجود لعداء أمريكي للحوثيين وأكثر ما يسببه لها الحوثيون هو إثارة حالة إشمئزاز حادة لدى سفيرها في اليمن من كثرة تكرار الشعار وهي حالة تزول بمجرد ابتلاع قرص من مضادات الاشمئزاز !
هل هناك شيء آخر غير اشمئزاز السفير ؟ ربما !!!
لكن لن يتعدى بعض الأعراض الجانبية التي تنجم عن سماع تصريح لا يراه إلا سخيفا .
هل الحوثيون عملاء لأمريكا ؟
شخصيا أنفي ذلك قطعا بسبب عدم وجود أي معلومات ولو في الحد الأدنى تؤكد هذا مثل ماهم مرتبطون بالمشروع الإيراني ..
لكن هل يخدمون الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ؟ نعم
نعم ولذا فأمريكا لا تعدهم منظمة معادية أو حتى منظمة معيقة لاستراتيجيتها .
فقائمة المنظمات الارهابية تضم عشرات من التكوينات في ارجاء المعمورة بعضها ذو طابع إغاثي وبعضها ميكروسكوبية لا تأثير لها إلا في نطاقات ضيقة جدا وربما دون أدنى مظهر عدائي تجاه أمريكا أو مصالحها ، ولكنها لا تفيد أمريكا في استراتيجيتها ولذلك فأمريكا تناصبها العداء من باب أنها دون جدوى فتدرجها مجاملة دبلوماسية لأنظمة أخرى ...
عشرات المنظمات التي تملأ القائمة الأمريكية في أمريكا الجنوبية وجنوب شرق اسيا و أفريقيا والشرق الأوسط
لكن أقصى نقد يطال الحوثيين هو أن شعارهم غبي وسخيف ؟
موضوع عدم وجود عداء لأمريكا ليس من عندي لكن من تصريحات قيادات مثل يحي الحوثي والسفير ..
أمريكا تعرف أن الحوثيين لا يمثلون أدنى خطر على المصالح الأمريكية لذا لا ينالهم سوى هذا العتاب اللطيف في حين أن المرتبطين بهذه الجماعة يجوبون الأرض كلها في رحالات دولية وداخل الأرض اليمنية يجوبون الشوارع بلافتاتهم المعادية لها وهي التي اختطفت عبد السلام الحيلة و المؤيد لتودعهم سجونها سنين ويتدخل رئيسها شخصيا للإبقاء على صحفي مثل عبد الإله حيدر في السجن وتقتل طائراتها 500 يمنيا خلال عام واحد فقط لمحاربة منظمة معادية ؟.
لماذا من بين كل هذه الجماعات الحوثيون هم الوحيدون الذين يرفعون شعارا واضحا يعادي أمريكا و ربيبتها اسرائيل بل إن كل تحركاتهم يزعمون أن باعثها هو التصدي للأمريكان وأذنابهم ولدول الاستكبار العالمي ... ومع ذلك هم جزء من الحوار الوطني بنسبة كبيرة ، حوار ترعاه أمريكا في ظل دولة يحاربونها بزعم انها امريكوصهيونية ....
مالذي تقدمه هذه الجماعات للاستراتيجية الأمريكية بقصد و بغير قصد .
يقول الكاتب والخبير الاستراتيجي في الجيش الأمريكي وفي معهد الدراسات الاستراتيجية .

Max G. Manwaring

- زعزعة الاستقرار - بدلًا من سفك الدماء فى المعارك- أهون علينا وأقل تكلفة؛ لأن من ينفّذها لحسابنا هم مواطنون من الدولة العدوّ - . فبزعزعة الاستقرار وانتشار الفوضى، تضعف قدرة الدولة على التحكم فى الأوضاع، أو السيطرة الكاملة على بعض أجزاء من أراضيها.. ومن ثم تصبح الدولة فاشلة..
يقول موضحا الهدف وفى النهاية تتمكّن من امتلاك السيطرة عليها والتحكُّم فيها.. لا تنسى أن الهدف الحقيقي هو إرغام العدوّ على تنفيذ إرادتك" إذا فعلت هذا بإتقان وأناةٍ ولمدة كافية فسيستيقظ عدوك ميِّتًا.."

إذا فبعض هذه الجماعات تهدف إلى إنهاك الدولة ليسهل التدخل فيها والسيطرة الكاملة عليها ويصبح سفيرها هو قطب الرحى في البلد ... ولقد سبق الحوثيون القاعدة بسنين طويلة في زعزعة الاستقرار وكان الهدف الذي يسعون له هولاخلق دولة فاشلة وهو يخدم مصالحهم كجماعة و يخدم مصالح العدو المزعوم أمريكا ولذلك سيعمدون إلى كل ما من شأنه تقويض قيام دولة قوية وبنفس الحجج السخيفة الغبية على حد وصف السفير "..
لا يوجد دليل واحد على عداء حقيقي ، عكس ما عليه الوضع مع القاعدة رغم أنها تخدم الاستراتيجية الأمريكية دون قصد أيضا ...
الحوثيون والقاعدة وكل الجماعات المسلحة تخدم الاستراتيجية الأمريكية في اليمن بتوفير غطاء للوجود السياسي الفاعل دون التدخل العسكري المباشر وذلك بخلق دولة فاشلة غير قادرة على السيطرة على أراضيها وحمايتها وحماية العالم من تداعيات سقوطها بل يصبح أبناء البلد نفسه لا ينظرون بريبة لهذا الوجود بسبب مخاوفهم العميقة من تدهور الأوضاع بسبب السقوط في هاوية الفشل .. الحوثيون والقاعدة يخدمون الاستراتيجية الأمريكية حيث يصنعون الدولة الفاشلة التي تبرر تواجد أمريكي في نظر الشعب ونظر العالم كله فمتى سيخدمون الاستراتيجية اليمنية بصناعة الاستقرار . أمريكا لا يهمها ماذا تعتقد ؟ من تتبع؟ ماهي أهدافك أنت ؟ ، كل ما يهمها هو ماذا تقدمه لاستراتيجيتها ؟
ولذلك فهي سعيدة بالحوثيين لأنهم يخدمون استراتيجيتها دون الإضرار بمصالحها و غير قادرة على الاستغناء عن القاعدة رغم اضرارهم الجسيم بمصالحها لأنهم يخدمون أيضا هذه الاستراتيجية .