الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٣ مساءً

ما حقيقة تجنيد أكثر من 200 ألف عنصر في الأجهزة الأمنية الحالية ولماذا !!

طارق الحروي
الأحد ، ١٧ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
- في ظل استمرار تنامي حالات الغموض والضبابية التي تقف وراء مثل هكذا إجراء خطير جدا يتوقع له أن يضع حاضر ومستقبل اليمن كله على حافة الهاوية؛ بما يحمله من تداعيات وآثار سلبية منظورة وغير منظورة على المدى القريب والمتوسط والبعيد ليس هذا فحسب، لا بل واستمرار تغاضي وامتناع معظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عن تناول مثل هكذا أعمال وسياسات إجرائية بشكل جاد من الناحية الموضوعية ضمن نطاق حدود ما يفرضه سقف الثوابت الوطنية بهذا الشأن وما تمليه أولويات المصلحة الوطنية العليا.

- سيما أن ذلك يتم والبلاد شكلا ومضمونا تقف عند مفترق طرق حقيقي بهذا الشأن، في ضوء تفعيل الاستراتيجية الوطنية العليا الحالية قيد التخطيط والإعداد ومن ثم التنفيذ الخاصة بإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية معا على أسس وطنية ومهنية طموحة جدا وهنا يكمن بيت القصيد.

- ولعل التساؤل الأكثر حضورا الذي يفرض نفسه بقوة بهذا الشأن، هو لماذا كل هذه العجلة غير المبررة ولا المنطقية- وفقا- لما تمليه أولويات المصلحة الوطنية العليا في إحداث تغييرات جذرية وشبه جذرية في واقع الأجهزة الأمنية طالت المستويات القيادية وما دونها عموديا وأفقيا خارج الحسابات الوطنية، سيما أن البلاد في الأساس تقف قاب قوسين أو أدنى من إحداث تغييرات جذرية شاملة من حيث الكم والكيف سوف تطال كلا من المؤسسة العسكرية والأمنية، باتجاه إنشاء وإرساء ومن ثم ترسيخ منظومة أمنية شاملة متكاملة الأبعاد تلبي الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا ؟

- ثم هل الهدف المحوري منها يكمن في محاولة هذه العناصر احتواء وتجميد أو تأخير ومن ثم تقويض وحرف معظم السياسات الإجرائية الحالية والقادمة القائمة على قدم وساق الساعية لإخراج البلاد من أشد الأنفاق حلكة وسوادا والكفيلة بانتقال أمن لها إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة دولة النظام والقانون ؟ وهل هنالك جهة محددة بعينها تقف ورائها ؟ أما لماذا ؟ نر بالقول كي يتسنى لنا معرفة حقيقة ما يجري وسيجري بهذا الشأن من الآن.

- وفي محضر الرد على هذه التساؤلات نستطيع الإشارة مباشرة إلى أن الجهات المتورطة في هذا الأمر هي نفسها العناصر والقوى المنتمية للتيار التقليدي وشركائه ممثلة بحزب الإصلاح وتكتل اللقاء المشترك وشركائه القدماء والجدد صاحبة المصلحة الحقيقية في هذا الأمر بالاستناد إلى الدلائل التاريخية المشار إلى الكثير من معالمها الرئيسة في ثنايا عشرات المقالات المشورة لنا مسبقا.

- فهي باعتقادي محاولة جريئة ومغامرة غير مأمونة العواقب تقف ورائها هذه الأطراف للهيمنة على معظم مقاليد المؤسسة الأمنية الجديدة باللعب بنفس القواعد التي أحكمت حركة التغيير الوطني رسمها في المجال العسكري ونخص بالذكر هنا على وجه التحديد معايير الكم والكيف التي جعلت الحرس الجمهوري والقوات الخاصة من حيث العدد والنوع له الغلبة في كافة الترتيبات الجارية على قدم وساق.

- وبما أن هذه العناصر والقوى يستحيل عليها المراهنة على هذا الأمر في المجال الأمني من حيث الكيف والنوع فإنها رمت بكل ثقلها للدخول في مراهنة حقيقية من حيث الكم والعدد حتى لو كان من نتائجها الحتمية ضياع الفرصة التاريخية الحالية التي حصدتها اليمن بجدارة واستحقاق أو لنقل ضياع اليمن نظاما وشعبا وأرضا كلها بدون أن يهتز لها رموش أحدهم.

- في ضوء ما سوف يترتب على ذلك عند الأخذ بنفس السياقات الرسمية المعمول بها في المجال العسكري من هيمنة عناصر التيار التقليدي وشركائه على معظم مقاليد المؤسسة الأمنية، جراء ما أحدثته من تغييرات جذرية في واقع المؤسسة الأمنية عموديا وأفقيا في هذه الفترة الوجيزة جدا (وما خفي كان أعظم)، على خلفية ضم ما يقارب من الـ200 ألف عنصر من عناصرها إلى ملاك وزارة الداخلية كما تشير إليه المصادر الرسمية وغير الرسمية، ليس هذا فحسب.

- لا بل وما استحدثته من تغييرات جذرية في المستويات القيادية العليا والوسطى والدنيا وما دونها بصورة لم يسبق لها مثيل، سيما أن الدلائل التاريخية تشير إلى أن معظم الترتيبات الحالية سوف تنال من الجزء الأكبر والمهم من العناصر المنتمية للتيار التقليدي وشركائه في المستويات القيادية الثلاثة في كافة الأجهزة الأمنية وما يرتبط بها من مؤسسات ومرافق أمنية أخرى.

- وهو الأمر الذي مثل دافعا رئيسا مهما لها باتجاه أهمية لا بل وضرورة خلق مواطئ أقدام جديدة لها على المستوى الأفقي (القواعد) إلى جانب العمودي (القيادات)- مستفيدة في ذلك- من سيطرتها على معظم مقاليد المؤسسة الأمنية، وهذا ما بدأ واضحا في استمرار تنامي حالات الهيجان وردود الأفعال السلبية التي انتابت هذه العناصر أثناء محاولاتها السيطرة على مقاليد المؤسسة الأمنية، والتي لا تراعي حتى الحد الأدنى من أولويات تمثيل المصلحة الوطنية العليا.

- وفي الأخير يسعنا القول بهذا الشأن للرد على مثل هذه الخروقات الخطيرة التي لا يمكن السكوت عنها بتاتا من أن هذا الأمر برمته قد جاء متزامنا مع بدأ دوران رحى عمليات الهيكلة المرسومة في المجال العسكري، وما سوف يترتب عنها من حدوث فراغ أمني كبير نسبيا كما تعتقد هذه الجهات في حساباتها الضيقة الأفق- وفقا- لما تمليه مصالحها الخاصة غير المشروعة؛ جراء سحب وإعادة توزيع الجزء الأكبر والمهم من القوة العسكرية على طول البلاد وعرضها.

- في ضوء قلة وضعف موارد وإمكانات الدولة إلى حد كبير في إحكام سيطرتها على أرجاء البلاد ليس هذا فحسب، لا بل وجراء تركز الجزء الأكبر والمهم من الكتلة السكانية في المرتفعات الجبلية الشمالية- الغربية، وبالتالي بقاء البلاد إلى حد كبير بنسبة تزيد عن 73% منطقة ريفية إلى حد اليوم.

- تسودها قيم القبيلة وثقافتها المتخلفة وانتشار ثقافة حيازة السلاح وضعف مؤسستها وأجهزتها الأمنية، لدرجة فرضت نفسها بقوة كحقائق دامغة يعب تجاوزها أو تجاهلها مما حدا بالدولة إلى الاحتفاظ بالجزء الأكبر والمهم من قدراتها العسكرية داخل المدن لتوفير الحد الأدنى من الأمن والنظام المطلوبين.

- على الرغم مما تشير إليه بالمقابل عمليات تقسيم اليمن إلى 7 مناطق عسكرية و22 محور... الخ، من بقاء جزء مهم من القوة العسكرية قريبة جدا من نطاق حدود المدن ليس هذا فحسب، لا بل وضمان رفع جاهزيتها وفاعليتها إلى الحد الذي يلبي المتطلبات ذات الطابع المرحلي والاستراتيجي.

- إلا انه في نفس الوقت يمكن لنا تفنيد هذا الأمر في اتجاهين رئيسين، الأول يتمحور حول أن الجزء الأكبر والمهم من حالات الضعف والقصور الحاصلة في كيان المؤسسة الأمنية الحالية كما وكيفا قد تم احتوائه منذ ما يقارب العشر أعوام ونيف الماضية من خلال سعي حركة التغيير الوطني بصيغتها الجديدة (الحركة التصحيحية الثانية) استحداث إدارات وتأهيل كوادر أمنية وصولا إلى تأسيس وإرساء مداميك أجهزة أمنية جديدة.

- وهذا ما بدأ واضحا إلى حد كبير ابتدأ بتأسيس قوات مكافحة الإرهاب التابعة للأمن المركزي ووزارة الداخلية و...الخ القوة الأمنية الضاربة، ومرورا برفع جاهزية وفاعلية قوات الأمن المركزي وبعض أجهزة وزارة الداخلية إلى الحد الذي أظهرها في حدود ما يجب أن تكون عليه، وانتهاء بتأسيس جهاز الأمن القومي.

- في حين يتمحور الاتجاه الثاني حول إن مهمة إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية قد انيطت شكلا ومضمونا بأيادي الجهات الرسمية المعنية بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع الجهات الرسمية الإقليمية والدولية المعنية تحت إشراف ورعاية رئيس الدولة إذا فهي الجهة الرسمية المخولة نظريا وعمليا بمناقشة أدق التفاصيل في هذا الأمر كما وكيفا؛ من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ والمتابعة والإشراف والرعاية- وفقا- لما تمليه أولويات المصلحة الوطنية العليا ومصالح الأطراف الدولية والإقليمية المعنية.

- وبالتالي فهي الجهة الوحيدة المخولة رسميا بفتح باب التجنيد أمام مواطني الدولة في حال تطلب الأمر ذلك ولكن- وفقا- لأسس مهنية ووطنية يتم إقرارها مسبقا شكلا ومضمونا، وليس كما يحدث الآن من تجاوزات سياسية- حزبية خطيرة جدا تهدف إلى وضع اليمن أمام الأمر الواقع المر، كي تزداد أعبائها ثقلا باتجاه تشويهها ومن ثم حرفها عن مسارها، إذا فلماذا لا يتم ترك هذا الأمر برمته في أيدي أولى الأمر المعنيين بإدارة هذه العملية- وفقا- لأسس علمية وموضوعية كما قائم الآن وأولتهم اليمن ثقتها.

والله ولينا وبه نستعين