الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥١ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 19 )

عباس القاضي
الأحد ، ١٧ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
سحب الأستاذ سمير نفسه إلى الخلف ، بعد العَشاء ، بأنفاس لاهثة ، والعرق يتصبب من جبينه ، وقال للأستاذ حلمي : متى ستنطلق ، أنت وطلابك ؟ رد عليه الأستاذ حلمي : الساعة العاشرة صباحا ، وأردف : لقد جهز أولياء الأمور سيارة لتقِلَّنا إلى صنعاء ،،، وسيأتي أقاربهم لتوديعهم ،،، كما فعلوا مع الأربعة السابقين ،،، سيكون يوم غد ، يوم مأتم وعويل ، سيعلو أصوات أمهاتهم وتدمع أعين آبائهم ،،، والطلاب ؟ سأله الأستاذ سمير ،،، الطلاب ،،، تتجاذبهم شعور الفرح لأنهم سيذهبون إلى المدينة وشعور الحزن لفراق أهاليهم .

نظر إليه الأستاذ سمير بنظرة ساهمة ، عرف مغزاها الأستاذ حلمي ، الذي ربت على كتفه قائلا : لا ، عليك يا زميلي ،غدا والدموع تنهمر من أبناء القرية ،سوف أستغل عاطفتهم الجياشة في تلك اللحظة ، ليدبروا لك وسيلة مواصلات إلى أقصى ما يستطيعون .

وقبل أن يناموا حلَّقوا بسوالف وحكايات ،،، أفراح وأتراح ،، أشواق وأحزان ، أنهاها الأستاذ سمير بعبارته الذهبية ، التي يحب أن يكررها : لو كانت الحياة كلها ، كما ننبغي ،،، لما اشتقنا للجنة .!

وضعوا رؤوسهم للنوم ، بعد أن أطفأ الأستاذ حلمي الشمعة ،،، أطبق الأستاذ سمير جفنيه ، وأقسم أن لا يفتحها حتى الفجر خوفا أن تذهب هواجسه إلى بعيد ، ثم لا تعود إلا وقد انتهى الليل ، فالمواصلات هنا غير متوفرة ،،، وفعلا ، نام إلى أن سمع الأستاذ حلمي ، يوقظه لصلاة الفجر .

صليا ،،، قرءا الأذكار ،،، ثم دعيا إلى الله بدعاء رابطة الأخوة ،،، وانساحت دمعة من عيني الأستاذ سمير ، وتساءل : يا هل ترى ،،، هل ستجود الأيام بـ لقيا ؟؟ رد عليه الأستاذ حلمي : سأعطيك رقم هاتفي ، عندما تعود إلى صنعاء ؛ نتقابل ،،، أشعر بجاذبية تجاهك ، أستاذ سمير رغم الوقت القصير ، الذي جمعنا إلا أن إحساسي يقول لي : كأنني أعرفك من سنين .

نرتاح قليلا ، ريثما يأتي الإفطار ، سيكون جيدا اليوم ، لأنه يوم وداع، هكذا فعلوا مع زميلي الذي رحل ومعه الأربعة .