الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٢ صباحاً

تغيير العقول وليس الشخوص

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الاربعاء ، ٢٠ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٢٨ صباحاً
هذه هي الطائرة الثانية التي تسقط في منطقة مأهولة للسكان تذهب فيها أرواح مدنيين أبرياء دمرت البيوت على ساكنيها ويأخذ الخبر وقعه المؤلم القاسي على النفوس ويتناوله كل فئات الشعب يقلق وريبة شديدين ويبقى السؤال المشترك للجميع : كيف ؟ ولماذا ؟ ويتطلعون إلى ما يشفي فضولهم ويعيد إليهم بعضاً من الثقة في عدم تكرار هذه الحوادث ولمس المعالجات والإجراءات المتخذة من قبل وزارة الدفاع وحكومة الوفاق ورئاسة الجمهورية لنطمئن أن لنا دولة ونظام وحكومة ترعى وتنظم وتحفظ وتعمل ما من شأنه ترسيخ الأمن والاستقرار وتسهيل سير الحياة في كل المجالات وكل المؤسسات ، لكن ما يقض َ المضجع ويؤكد المخاوف ويعزز الإحباط ردود الفعل الرسمي تجاه هكذا حدث لا يختلف عن هزة أرضية أفقدت توازن المباني حتى مالت لتقع على نساء وأطفال وشيوخ ظنوا لتلك اللحظة أن بيوتهم آمنة وقتهم ولا زالت تقيهم مقاتل البرد فأدفأتهم وخفافيش الظلام من حيوان وشياطين في لبوس الآدميين فآوتهم بجدرانها وطيقانها وأبوابها الموصدة وما ظنوا أن موتاً رهيباً مدمراً فتاكاً سيداهمهم من حيث لم يتوقعوا وأن الأيادي التي صدرت لهم الموت يفترض به أنه الحامي والحارس ومن يحفظ لهم وعليهم الأمن وحق الحياة !!
ما كنت لأترك ليراعي يرسم المأساة على هذا النحو لولا ردة الفعل الرسمي البارد المستخف بحياة الناس وكأنهم يقولون : هذا خطأ غير مقصود ومن ذهبت أرواحهم فهم شهداء الوطن والجرحى سيتم معالجتهم وننتظر ما تتكشف عنه ملابسات الحادث ... هكذا ببساطة !!
في الحادث الأول سقطت الطائرة وتوجسنا جميعاً وقيل يومها فعلاً إجرامياً استهدفها وتجرعناها هكذا دون أن تزودنا وزارة الدفاع أوالحكومة ما تكشفت عنه التحقيقات ومن وراء هذا الاستهداف ولماذا لا يقدم للمحاكمة والقضاء ؟!
توجيهات رئيس الجمهورية في معالجة الجرحى على نفقة الدولة لا تعدو كونها مسكنات وملطفات تذكرنا بسابقيه وكأنما تفضلاً وتكرماً نحو ضحايا يتحملون شطر المسئولية كونهم قدراً استوطنوا المكان الذي وقع فيه هذا الحادث الطارئ الغير مقصود !!
لا تزال العقلية الحاكمة في البلاد تنظر لشعبها من برجها العالي وبنفسية الوصي على القصرآء ، وكأن ثورتنا الشعبية السلمية التي احتفينا بذكراها قبل أيام واعتقدنا أننا أطحنا بالنظام التعسفي الاستبدادي الذي أهدر الحقوق والحريات وحتى نستبدل نظاماً يحترم الحقوق والحريات ويبني دولة المؤسسات ودولة الدستور والقانون والمدنية الحديثة كأننا قلعنا الشخوص فقط وأبقينا النفسية والعقلية المستخفة بحياة الناس والحياة !!
في بلاد الناس والإنسان هكذا حدث يستقيل وزير الدفاع أو يقال وتتم محاسبته كونه أهمل وتكرر الحدث دون اتخاذ الاجراءات اللازمة لعدم تكرارالاخطاء ذاتها ، لكن مثل هكذا إجراء في بلدان تحترم الإنسانية وتقيم ميزانه الصحيح .