الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٣ مساءً

أجمل ما قيل في إضاءات الرئيس هادي!

د . محمد نائف
الجمعة ، ٢٢ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٨ صباحاً
تداولت المواقع الإخبارية هذا اليوم خبر توجيه الرئيس عبدربه منصور هادي بإلغاء إضاءته التي دأبت صحيفة الثورة كعادتها على وضعها في أعلى صفحتها الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في اليمن في 21 فبراير، 2012م.

وفور قراءتي للخبر- وتوخياً للحذر- حاولت التأكد منه بالاطلاع على ما جاء في الإضاء ذاتها في صحيفة الثورة لهذا اليوم، فوجدت أن ما جاء فيها على النحو التالي: »وجه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، هيئة تحرير صحيفة الثورة بإلغاء زاوية "الإضاءة" التي كانت تُنشر في هذا المكان منذ أكثر من عقدين، مؤكدا أن مثل هذه الزوايا الصحفية إنما هي تعبير عن نهج سياسي يكرس حكم الفرد لا حكم المؤسسات الديمقراطية التي نعمل ومعنا كل القوى الوطنية على إقامتها عبر مؤتمر الحوار الوطني القادم، لافتاً إلى أن التبجيل الحقيقي سواء لشخصه أو لشخص أي مسؤول في الدولة لا يمكن أن يعبر عنه بكثرة الصور المنشورة بمناسبة وبدون مناسبة، ولكن بمقدار ما يصنعه من أجل شعبه ووطنه على أرض الواقع«.

حين تأكدت من الخبر وأخذته على محمل الجد، بدأت أشعر أن الرئيس هادي بدأ، شيئاً فشيئاً، يتلمس طريقه الصحيح نحو رسم ملامح الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات والقانون حتى وإن جاء ذلك بعد مرور عام على تنصيبه رئيساً للبلاد بعد أن كان يعتمد في إصدار قراراته وفي تسيير شؤون البلاد منذ توليه دفة الحكم على المقربين والمستشارين ومن يثق بهم الذين ربما أوقعوه في بعض الأخطاء التي يبدوا أنه استشعرها مؤخراً.

هذا الكلام ليس من قبيل التنجيم والتنبؤات التي قد تحتمل الخطأ أوالصواب ولكن من خلال المعطيات التي بدأت تتكشف في هذا الأسبوع وبخاصة يومي السبت واليوم. ففي يوم السبت استقبل السيد هادي شخصيات اجتماعية وقيادات حزبية من محافظة حجة وبحسب ما ورد من أخبار في بعض المواقع الإخبارية حول ما دار في لقائه معهم أن هادي لوح بإعادة النظر في قرار تعيين القيسي محافظاً لحجه بعد رفضه عدداً من قرارات التعيين ودخوله في حرب مع الحكومة المركزية في صنعاء وكل ما يصدر عنها من قرارات تعيين وأنه، أي الرئيس هادي، قد يكون اتخذ قرارات جانبها الصواب ولا يرى حرجاً في إعادة النظر فيها.

وقد شدد الرئيس هادي في خطابه هذا اليوم (الخميس 21 فبراير، 2013) أمام قيادات وزراة الداخلية أنه في ذكرى يوم 21 فبراير الذي يصادف مرور عام على انتخابه رئيسا توافقياً لليمن "لا يمكن جعل من هذا اليوم عيداً أو ذكرى سنوية رغم أنه جرت فيه أول عملية انتقال وتسليم سلمي للسلطة في تاريخ اليمن المعاصر بل وربما في المنطقة بأسرها. لكي لا تكرر أخطاء الماضي، فمثل هذه الأيام في العادة هي محطات طبيعية في حياة الشعوب المؤمنة بالديمقراطية وسيادة القانون ، فلا مجال بعد اليوم لتمجيد الاشخاص أو تقديس القيادات أو تسمية الاشياء بغير مسمياتها ".

لذا، أعتقد أن أجمل ما قيل في إضاءات الرئيس هادي منذ أكثر من عام هو ما ورد في إضاءته هذا اليوم من طرح واقعي عقلاني لم نتعود عليه لفترة طويلة من الزمن. فقد تعودنا على الكثير من الكلام والقليل من العمل وتوهمنا أن كثرة الكلام مرادفة للعمل فمجدنا ونسجنا القصص الخيالية حول من يتكلم كثيراً ونسينا تماماً أن الأفعال أبلغ من الأقوال.

يجب أن نتذكر ونؤمن أننا قوم أعزنا الله بخيرات لا حصر لها ولا عد، ولكننا تُهنا وسلمنا أمرنا لمن لا خير فيهم فأضلونا السبيل. يا ترى هل آن لنا الأوان أن نتمكن من وضع حداً لخيبات الأمل ونحلم بغدِ مشرقِ يعيدنا إلى جادة الطريق ونتخلص من التبعية والأوهام وعبودية البشر ونرسم مستقبلنا بأيدينا؟ هل آن الأوان أن نرى الكثير من الأفعال ونسمع القليل القليل من الكلام في قادم الأيام؟ هل نستيقض من سباتنا العميق ونتخلص من المآسي التي لا تُبارحنا بالرغم من كل الخيرات والخبرات في بلادنا التي يمكن أن تجعلنا نتخلص من التبعية والذل والهوان واستجداء الآخرين شرقاً وغرباً؟

أتمنى ألا يكون هذا حلم جميل نصحوا منه على واقعِ أكثر مأساوية مخيب لآمال وأحلام وتطلعات ملايين اليمنيين في كل أرجاء اليمن والخارج للعيش بأمان وسلام وعزة ورخاء ووئام في مهد الإيمان والحكمة.