الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢١ مساءً

العليّان في سلة واحدة .. يا لها من مفارقة !!

اسكندر شاهر
الأحد ، ٢٤ فبراير ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤١ صباحاً


اسكندر شاهر
في حقيقة الأمر، الشعوب ليست حرة بالمعنى المطلق بمعنى إما أنها ليست حرة بسبب خوفها المكدس والمكرس نتيجة للثقافات السلبية – الأيدلوجية الانهزامية ، أو تلك الجهادية المريضة ، أو الديكتاتورية بأنواعها بدءا من ديكتاتورية الأب مرورا بديكتاتورية المعلم والمناهج والشيخ والإمام وصولا لديكتاتورية الحاكم / السلطان ، أو أنها أي الشعوب وحكامها ليسوا أحرارا بسبب الخوف من مجلس الخوف / الأمن الدولي ، وليس هذا المجلس من يعول عليه تحرير الشعوب من الخوف ومنحها الأمن والأمان ، وفي إثبات ذلك أمثلة لاتعد ولا تحصى .. كما ليس من وظيفة هذا المجلس في واقع الحال أن تستقر بلداننا بقدر ما يهمه أن تستقر العولمة وترسي مداميكها ويؤسس لنهاية التاريخ – وفق فوكوياما- وعلى النحو الذي يُرضي من يخاف منهم مجلس الخوف الدولي .. المفارقات في هذا الاتجاه لا مجال لحصرها منذ تأسست هيئة الأمم المتحدة على أعقاب حروب عالمية وحتى اللحظة التي نعيش فيها حرباً عالمية غير معلنة .. حرب باسم الإنسانية التي يجب أن تموت لتبقى القبعة الأمريكية على رأس كل العالم ..
قبل إعلان الوحدة اليمنية في 90م دخل العليّان نفق جولدمور بالعاصمة الجنوبية عدن وبحسب الروايات المنقولة على لسان العليين علي صالح وعلي البيض فقد خرجا من النفق بقرار إعلان الوحدة وعادا إلى المقيل والسهر ليصيغان بيان الوحدة الاندماجية بصورة انفرادية ، ودفعهما قرارهما العاجل وبيانهما الطاريء إلى إيقاظ التلفزيون الرسمي بعد أن أغلق البث ونام ، وذلك لإعلان البيان على الجماهير التي كانت تحب الوحدة أكثر من حبها للعليين وباتت تكرههما مع وحدتهما الطائشة .. وكلنا نعرف بقية القصة حيث لم يدم شهر العسل أكثر من ثلاث سنوات لتنشب الأزمة فالحرب صيف 94م ، وإعلان الانفصال أو فك الارتباط من طرف الرئيس علي البيض الذي كان قد تقبل منصب نائب للرئيس علي صالح ، وإبان تلك الحرب المحمومة والظالمة أصدر مجلس الأمن قرارين يقضيان بفك النزاع عبر الحوار ، على أنه لم تكن ثمة فرصة واعية لتلتفت إلي القرارين الدوليين القوى المتصارعة ، فعندما تنشب الحرب تسقط البيانات والقرارات ولاصوت يعلو فوق صوت المدافع ..
وبالأمس لم يصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بشآن اليمن بل بياناً يريد من خلاله إرسال رسائل واضحة بأنه قد نصّب الحوار حاكماً لليمن والتسوية السياسية ميثاقاً وطنياً مقدساً وأن من يعرقل التسوية سينال نصيبه من العقاب ، وفي مفارقة تاريخية أورد البيان اسم العليين صالح والبيض ووضعهما في سلة واحدة ، وما أكثر ما تحمل هذه المفارقة من دلالات تاريخية ماضوية ومستقبلية ..
لاشك أن مجلس الخوف الدولي لا يخاف من صالح أو البيض بل يعبر عن مخاوفه من فشل الحوار الذي لو فشل فلن يكون سبب ذلك البيض وصالح كما عبر البيان بل السلة التي اختيرت لهما ولغيرهما ، والطرق التي تدار من خلالها العملية التسووية واستبعاد الأطراف الحقيقية المعرقلة ليس فقط للتسوية والمبادرة الخليجية بل للحياة عامة في اليمن ، بل واستدراج أطراف مرفوضة دولياً ولكنها لم تفهم اللعبة حتى الآن وتسعى على غير هدى باتجاه أن تفقد مصداقيتها لتشتري وهماً بعد أن انتصرت بالعزم وبالبأس والإيمان بالحق في الحياة والكرامة في حروب ست ظالمة وعبثية ، وإن لم تكن قد فهمت اللعبة فلاشك بأنها قد اخترقت من قبل النظام المشترك .
الأطراف المعرقلة للتسوية يعرفها الرئيس عبده ربه هادي ولكنه لا يمتلك المقدرة على التعاطي الإيجابي معها ، والأسباب كثيرة ولكن أسوأ هذه الأسباب وأقبحها ودعوني أقول أيضاً (وأقـحبها) فليس وحده الشاعر الكبير مظفر النواب من يطيق استخدام مثل هذه المصطلحات .. أنهم صاروا في أسخف لحظة تاريخية قادة الثورة وحماتها ومشائخها بعد ان أعلنوا بترف مقيت انضمام الثورة إليهم وتاجروا بالثورة والقبعات والمظلات والتيشورتات والخيام والسندوتشات والعصائر وربط القات ، وحتى بالخمور وبقذف الحرائر بعد قتل الأحرار ..
وأما فشل الحوار فيعني بالنسبة للمجتمع الدولي من حيث النتيجة احتمال نشوب حرب قد لا يمكن لجمها وقد تمتد إلى أهم منابع ومصادر النفط في العالم فضلا عن انسحاباتها السواحلية والإفريقية حيث الصوملة والقرصنة وحتى الأفغنة التي لطالما لوح بها صالح قبل خلعه وتثبيت نظامه !! .
إيماءة
الحوار الوطني المرتقب (سينجح) في إعلان فشل التسوية السياسية والمبادرة الخليجية بالتبع ، وسينجح في إحداث عملية فرز جديدة تضاف لعملية الفرز السابقة التي حققتها الثورة ، فقد قررتُ شخصياً في وقت سابق بأن الثورة لم تنجح في شيء سوى في الفرز الذي لايزال بحاجة لفرز آخر ...