الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٧ مساءً

لماذا يعادي حكام السعودية الشعب اليمني؟

ريما الشامي
الخميس ، ٠٨ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٠١ صباحاً
تتخذ الجارة الشقيقة السعودية مواقف متناقضة من الثورات العربية فهي تقول أنها تقف الى جانب ارادة الشعب السوري والشعب الليبي في نضالهما للخلاص من نظامهما المستبدين نجدها في نفس الوقت تسلك موقف نقيض تماما تعادي فيه الشعب اليمني وثورته وتدعم بقايا نظام علي صالح وأولاده بالمال وبثقلها السياسي وبمبادرات الالتفاف على الثورة لكي تفرضهم بالقوة حكاما على اليمن رغما عن ارادة شعبه وهو ما يحصل حاليا حيث يواصل أولاد علي صالح شن حربهم الشاملة على الشعب اليمني اتكاءا على الدعم السعودي كما ان حكام المملكة يسمحون أيضا من أراضيهم للمحروق علي صالح بالظهور في خطابات اعلامية مستمرة يسخر فيها من الشعب اليمني ويشن عليه تهديداته بتفجير العنف والحرب الأهلية ويؤجج الصراعات الداخلية بين أبناء اليمن ويحرض على الاقتتال حتى وصل الى أن يتهجم على ابناء الوطن الأحياء والأموات

فلماذا اذن يا حكام السعودية هذا التناقض في المواقف وما هو الفارق بين الشعب السوري والشعب الليبي والشعب اليمني ؟

ماهو السبب الذي يجعلكم تقفون في صف الشعب السوري والشعب الليبي وفي نفس الوقت تقفون في معاداة الشعب اليمني وثورته ؟

هل ترون أن الشعب اليمني لا يستحق حريته وخلاصه من نظامه المستبد الذي جلب له ولكم الويلات والمعاناة حتى أنكم أحرقتم مواطنين يمنيين على حدودكم وهم هاربين من الجوع والفقر الذي صنعه نظام علي صالح لشعبه؟

لماذا تقدمون المبادرات ونسخها المتعددة المعدلة وفقا لمزاج علي صالح وهو يرفضها كل مرة؟ ولماذا أنت مصرون على ابقاء أولاد علي صالح في حكم اليمن رغما عن ارادة الشعب اليمني الذي يرفضهم ويثور ضدهم منذ 6 أشهر في اعتصامات متواصلة ؟

لماذا يا حكام السعودية تريدون ان يستمر الشعب اليمني تحت نظام التخلف والجوع والفساد؟

هل هي قيم الجوار والأخوة والدين والاسلام تجعلكم تقفون ضد الشعب اليمني وثورته و حقوقه؟

ماهي المعايير التي تحتكمون لها والتي جعلتكم تقفون ضد اخوانكم أبناء اليمن لتدعموا أولاد علي صالح وحروبهم ومجازرهم وحصارهم وعقوباتهم الجماعية ضد اخوانكم شعب اليمن من أجل ان تفرضوهم على اليمنيين حكاما بالقوة والقهر ؟

هل هي مصالح السياسة تفرض عليكم معاداة شعب بكامله مقابل دعم نظام فاسد مستبد يجلب لكم المشاكل دوما ومنها تهريب البشر والبطالة وتعرفون أيضا أنه يلعب بورقة الارهاب والجماعات الدينية المتشددة وهذا يضر بمصالحكم؟

يا حكام السعودية أن مصلحتكم كبلد وكنظام حكم هي مع الشعب اليمني وليس مع علي صالح وأولاده الذين يدمرون اليمن ويخططون لجعله بقعة دم ونقطة عدم استقرار بفضل دعمكم لبقاياه فأي مصلحة لكم اذن ببقاء هذا النظام وانتم دولة جارة ؟

يا حكام السعودية أن ثورة الشعب اليمني ليست موجهة ضدكم مثلما هي ثورة سوريا وليبيا وغيرها وانما ثورة اليمن تستهدف فقط تخليص الشعب اليمني من هذا الحكم الفاسد المستبد الذي دمر بلدنا ونهب مقدراتنا وأحال شعبنا الى عالة عاجز ضعيف لا تتوفر لديه أبسط مقومات الحياة الانسانية وبالتالي فمن حق هذا الشعب أن يثور وأن يغير الظلم والفساد والطغيان الذي دمر حياة أجياله المتلاحقة لأن الحق الانساني والوطني والديني كله مع شعبنا الذي قرر ان ينتصر لنفسه ويغير واقعه ليعيش مثل بقية شعوب الأرض بحرية وكرامة ومصائر الأوطان انما تحددها الشعوب وأبنائها الأحرار ، وقد نال الشعب المصري حريته وانعتاقه من حاكمه المستبد رغما عن ارادات قوى عالمية كبرى لم تستطع أن تفرض اراداتها واجندتها على الشعب المصري أو تفشل ثورته ، والشعب اليمني هو اليوم سائر في طريق ثورته ولن توقفه أية قوة عن انجازها وحسمها لصالح خياراته وارادته الحرة وبعد مرور ستة اشهر على الثورة هاهم ملايين اليمنيين في جميع محافظات اليمن يخرجون مصرين على ثورتهم رافضين الوصاية ومطالبين علي صالح ونظامه بأن يرحل ليغلقوا مرحلة المعاناة والظلم والاستبداد ويفتتحوا مرحلة حياة جديدة ، وبالتالي فان على حكام السعودية أن يحترموا ارادة الشعب اليمني وأن يدركوا انهم في الجانب الخطأ عندما يقفون في صف أولاد علي صالح ويمدونهم بالدعم والمبادرات ونسخها المتعددة ليطيلوا فترة مكوثهم في اغتصاب السلطة ليتسببوا في خلق مشاكل اضافية لليمن والسعودية على حد سواء

ان الشعب اليمني سينجز ثورته وسينتصر لخياراته الحرة وسينعتق من الحكم العائلي الفاسد وسيفتح عصر حياة انسانية حرة كريمة جديدة يستحقها كل مواطن يمني وسيدرك حينها حكام السعودية ان عدائهم للشعب اليمني ووقوفهم ضد ثورته هو خطأ بكل المقاييس وان الاصرار على هذا العداء لا يبرره شيئا

ان حالة العداء تجاه الشعب اليمني يجب أن يوقفها حكام السعودية فالشعب اليمني لا يستهدف المملكة لا كدولة ولا كنظام حكم وحكام السعودية يدركون هذه الحقيقة كما يدركون أيضا أن استمرار نظام علي صالح ليس في مصلحتهم وهم دولة جارة لليمن اذن فليعيدوا حساباتهم وليفتحوا صفحة جديدة مع الشعب اليمني كجار أخ وشقيق وليتعاملوا مع اليمن بروح العصر وبمقتضيات الحاضر وبمصالح الشعوب وأن يتجاوزوا المسلمات المتوارثة من الأباء والتي أخذت مواقف عدائية من الشعب اليمني لأنها استنتاجات شخصية ذاتية فرضها اطار زمني معين كان محكوما بظروفه ومن ثم فلا يستقيم عقلا ومنطقا وشرعا أن يتم تبرير حالة العداء المستديم ضد اليمن بمنطق هذا ما وجدنا عليه أباءنا

لقد جرب حكام السعودية الوقوف في صف الأنظمة المستبدة في مصر وتونس وكذلك قوى عالمية كبرى حاولت مساندة النظام المصري لكن انتصر المصريون والتونسيون لثوراتهم واليوم مهما كان الدعم السعودي لبقايا الحكم العائلي ومهما كان حجم الالتفاف ومحاولات اجهاض الثورة بمبادرات تستهدف أصلا افراغ الثورة وهزيمتها الا ان الشعب اليمني سينتصر لثورته كما أنتصر من قبل لنظامه الجمهوري في ستينيات القرن الماضي رغم التدخل والدعم السعودي أيضا في تلك الحرب لصالح القوى المناوئة للثورة فارادة الشعوب هي التي تنتصر على أرضها لأنها صاحبة الحق في أوطانها وليس قوى خارجية وان كانت هذه القوى جارة وشقيقة تعتقد خطأ ان مصلحتها في اجهاض ثورة الشعب اليمني وابقائه مستضعفا جائعا ذليلا وعالة عاجزا عن الفعل تحت تسلط حكم عائلي فاسد ومتخلف لكي يواصلوا أي حكام السعودية اذلال هذا النظام العائلي الفاسد وفرض شروطهم عليه على حساب شعب بأكمله وهي حسابات غير مقبولة ويجب ان تتغير

ان رياح التغيير قد هبت على المنطقة العربية بعد عقود طويلة من الطغيان والاستبداد والظلم وعليه فان التعامل مع هذه الظاهرة الايجابية لا يكون بالسعي نحو افشال ثورات الأخرين أو احتوائها واجهاضها عمدا بمبادرات تفصل وتعدل على مزاج الحاكم المستبد ، وبالاشارة الى ثورة اليمن فقد ابتدات قبل ظهور ثورات الربيع العربي بعدة سنوات وهي اليوم اقوأ عودا بعد 6 أشهر من اعتصامات ملايين اليمنيين المتواصلة في مختلف ساحات محافظات اليمن وقبل ذلك تجربة الحراك الجنوبي المستمرة منذ 4 سنوات ما يجعل القول بأن اجهاض ثورة الشعب اليمني أمرا غير وارد ، واذا كان لدى حكام السعودية مشكلات داخلية أو تخوف مما يسمى ظاهرة الربيع العربي فلا يكون حلها عن طريق معاداة الشعب اليمني والوقوف ضد ثورته ومناصرة بقايا الحكم العائلي واستخدام شخص علي صالح كورقة ضغط وتهديد ضد الشعب اليمني فهذه أساليب أصلا غير ناجحة وتؤتي نتائج عكسية للطرف الذي يستخدمها ليس الا لأن هذه الأساليب لا تلامس جوهر المشكلة السعودية، اما الشعب اليمني فقرار ثورته بيده وهذه تجارب الشعوب والأمم شاخصة أمامنا