الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٤ مساءً

اهداف " الثورة " اولا

عبدالوهاب الشرفي
الأحد ، ٠٣ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٥٨ مساءً



لا اعتقد ان هناك حاجة لإثبات وجود بعد " خصومة شخصية " كأحد محركات الاحداث التي شهدتها وتشهدها البلد منذ العام 2011م وحتى اليوم . وقد نجحت " الخصومة الشخصية " هذه في استثمار الأحداث في بداية الامر , ووصلت الى صناعة الأحداث او توجيهها في الاتجاه الذي يحقق مصالحها والتي هي قطعا غير وطنية , فكون طرفيّ الخصومة الشخصية هذه " كليهما " ممن تسلط وعبث وأفسد وأثراء خلال فترة ثلاثة عقود ماضية , و كانا طرفا واحدا وحلفا واحدا فيها , و لا يمكن تبرئة ايا منهما من أثام تلك الفترة , فلذلك لا يمكننا ان نسلم بوطنية الاهداف لأي منهما . فمن كان شريكا اصيلا ومن كان حليفا لثلاثة عقود ضد مفاهيم الوطنية ومفاهيم الدولة ومفاهيم العدالة ومفاهيم السيادة , لا يمكنه في بضعة اشهر ان " ينقلب " الى غير ذلك مهما حاول البعض ان يذرّ الرماد في العيون .
كذلك لا حاجه لإثبات ان هناك بعض " الثوار " من لا يمكن الفصل بين اهداف " طرف الخصومة " الثائر؟! وبين اهداف " الثورة " بالنسبة لهم . وبعبارة اوضح من يضع " الاهداف الحقيقية " لبعض " الثوار " ليس المصلحة الوطنية , ولا شركاء " الثورة " , ولا مفاهيم الحرية ومفاهيم السيادة , ولا حتى المفاهيم الثورية , ولكن من يضع هذه الاهداف هو طرف " الخصومة الشخصية " المحسوبين عليه .
هذه العلاقة او " التبعية " لبعض " الثوار " لأحد طرفي الخصومة هي السبب في تذبذب " الحراك " الصادر عنهم ما بين تظاهرات و اعتصامات و تجمهرات وحملات دعائية وإعلامية وحتى صراعات و تقاتلات , و ما بين صلاة " جمعة الستين " مع الالتزام بكل " أداب صلاة الجمعة " , بل كان الامر قد وصل الى اعتبار ترديد شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " عملا ضد " الثورة " ؟!
هذه " التبعية " جعلت من " الثورة " تماما كعجل بني اسرائيل " جسدا له خوار " فنسيت تماما اهدفها من الحريات والسيادة والعدالة والتنمية واجتثاث الفساد و ها هي " تخوّر " كلما اراد لها " طرف الخصومة " ان تفعل ذلك , وهو " خوارا " يزعج " طرف الخصومة الأخر " ولا يفيد الوطن والمجتمع في كثير .
لا اعتقد ان اسقاط الحصانة عن " صالح وعائلته " , وفي نفس الوقت منح شركاء فترته وأركان حكمه حصانة " ثورية " – ولو غير مكتوبة – هو إنجاز ثوري . ولا اعتقد ان محاكمة " صالح وعائلته " على عبثه وفساده وما تحمّله من دماء وأموال وأعراض , وفي نفس الوقت عدم محاكمة شركاء فترته وأركان حكمة على دورهم في ذلك هو إنجاز ثوري . ولا اعتقد ان استعادة ما نهبه " صالح وعائلته " والحد مما تبقى لهم من نفوذ , وفي نفس الوقت ترك ما نهبه شركاء فترته وأركان حكمه وكذلك ترك النفوذ الذي يتمتعون به على حاله - فضلا عن مضاعفته لكونهم " ثوارا " ؟! - هو إنجاز ثوري .
يرى الكثير ان سير الاحداث باتجاه المبادرة واليتها " المزمّنة " قد اغلق الباب امام بلوغ الثورة اهدافها " المفترضة " , وهذا الامر هو امر خاطئ باعتبار ان الثورة هي عمل لا يعترف بالأبواب فضلا عن فتحها ؟! فالثورة لها جوهر قابل لفرضه في مختلف الظروف وفي اي الاوقات . ولا يمكن لشيء ان يحول دون فرضه الا فقد الثوار لصدقهم ولعزيمتهم .
بتجرد من كل ملابسات الماضي ومن التبعية ومن الضعف ومن فقد الحيله ومن الحاجة الى الحماية ؟! , نظرة واحده تكفي لنصل الى قناعه ان الكثير ممن يحسبون على " الثورة " يدورون في فلك ليست اهداف " الثورة " - ولا أغلبها – فيه . وان الصالح في هذا الفلك هو " لطرف الخصومة " , فما يتعاطون معه في هذا الفلك هو شأن سياسي لن يأتي ثماره قريبا - هذا اذا اثمر - من جهة , ومن جهة ثانية هو تسليم لشئون البلد للقوى التي صاغت الماضي – الذي "ثاروا عليه - ليصوّغوا هم المستقبل ايضا ؟! . بينما يتركون الفلك الذي فيه اهداف الثورة فارغا من وجودهم , وتماما كما كان طوال الفترة الماضية التي " نثور " الان عليها .
لتقريب ما اعنيه اضرب مثلا بالفساد ونهب المال العام الذي هو واحده من اهم ما عاناه الوطن في الفترة الماضيه , ولازال الى اليوم كما هو , بل انه اصبح اسواء في بعض الحالات . فهل سأل " ثأر " نفسه ما الذي فعلناه تجاه هذا الامر ؟! .
ليس من المنطق ان نترك مثل هذا الامر لنعالجه بعد ان يتحاور " المتحاورون " , والذين اغلبهم لهم فيه نصيب ؟! . وليس من المنطق ان نترك العمل على اجتثاث الفساد والمفسدين ما لم يفتح الحساب عن فساد الفترة الماضيه . وليس من المنطق ان نترك الضغط في اتجاه اجتثاث الفساد والمفسدين لان هناك حالة توازن قوى فرضت على البلد وبتأييد دولي . وليس من المنطق ان نترك الضغط في اتجاه اجتثاث الفساد تعويلا على تجريب القادم الذي قد يفعل الصح وقد لا يفعله . وما يجب على الجميع ممن يتحدثون عن " ثورة " وعن تغيير ان يفعلوه هو ان يوجهوا " حراكهم " في اتجاه تحقيق اهداف " الثورة " ويضغطوا في اتجاه الحد من الفساد ومن نهب المال العام , وباتجاه الحريات والبناء وسيادة النظام والقانون , والأمر بسيط جدا جدا اذا صدقت النوايا .
يجب ان نترك التفكير بعقليه ان الامور لن تصلح الا اذا حل فلان محل فلان او حلت الجماعة الفلانية محل الجماعة العلانية , يجب ان نفكر بعقلية الوظيفة و المؤسساتية . عندما يكون لدينا جهة او جهاز لوظيفة معينه , يجب ان تؤدي وظيفتها وتقوم بمسؤولياتها وليكن على رائسها من كان لا فرق , من اراد ان يكون في هذا الجهاز او هذه الجهة يجب عليه ان يعمل كما يجب او " ليرحل " , او بالأصح " لنعمل " لنرحله " .
كم اتمنى ان اسمع دعوة من " الثوار " الى مسيره الى باب لجنة مكافحة الفساد , او الى اعتصام امام بوابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة , او تجمهر امام نيابات ومحاكم الاموال العامة او النيابات الادارية , كم اتمنى ان اسمع جمعة اسمها " لن نقبل تقصير من هيئة مكافحة الفساد في وظيفتها " او جمعة " انشروا تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة " ونحو ذلك .
يجب ان نتعامل مع كل الملفات بهذه الطريقه ونتوجه الى الضغط على الجهات المختلفة لأداء وظيفتها , ولكي تعيّ كل جهة ان الوقت قد اختلف , وان تعاطيها بنفس الاسلوب السابق مرفوض , وان التقصير منها لم يعد مقبولا و انها ستسائل عنه .