الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٩ مساءً

أحاديث الحوار الوطني

عبدالوهاب الشرفي
الجمعة ، ٠٨ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:١٥ مساءً
اصبح " الحوار الوطني " هو حديث الساعة والحديث الاهم بين احاديث الشأن اليمني , واينما تولّي الوجوه فثم " الحوار الوطني " .. كثير من الانتظار و كثير من الوعود وكثير من الامل وأيضا كثير من التهرب وكثير جدا من المخاطرة , والحديث عن الحوار الوطني ليس حديثا واحدا وانما احاديث . فمن حيث الحاجة له حديث و من حيث منشأه حديث , وبين الحديثين حديث عن الحوار الوطني من حيث الحصول .
من حيث الحاجة يمثل الحوار الوطني محطة وطنية بامتياز باعتبار ان الحوار هو الالية الانسانية السليمة لحل الخلافات ايا كانت وبين من حصلت وباعتبار ما يعانيه الوطن من مشكلات ومعضلات كثيرة وكبيرة ولابد من ايجاد حلول ومعالجات لها كونها اصبحت تمثل تهديدا جدّيا للبلد ارضا ومجتمعا ودولة وانسانا .واصبح من الحتمي " التوجه الى محطة يجتمع فيها الجميع على قدم المساواة وتطرح فيها كل القضايا دون استثناء , وهذا هو المخرج الوحيد " واقعا " في ضل وضع التحالفات ومع كل التعقيدات التي تتجسد حاليا في البلد . وليكون الحوار الوطني امرا يحتاجه الوطن ويحتاجه الجميع فيه وليس قوة او مجموعة قوى بعينها دون غيرها .
من حيث المنشاء يمثل " الحوار الوطني " المحطة القادمة التي يجب الوصول اليها سيرا على طريق المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة وهي مبادرة ارتضاها ووقع عليها طرفي وفاق وليس كل الاطراف في البلد وعلى ذلك فالوصول لهذه المحطة هو امر ملزم للموقعين على المبادرة وليس ملزما لغيرهم , وان كانت الدعوة للوصول لهذه المحطة هي لكل الاطراف . ولذلك فالحديث عن " الحوار الوطني من حيث المنشاء ليس حديثا عن محطة وطنية "جزما " وانما حديث عن محطة قد تكون وطنية وقد لا تكون كذلك . والأمر هنا متوقف على مدى جدية ونسبة نجاح طرفي وفاق المبادرة ورعاتها في إيصال الجميع الى محطة الحوار الوطني .
بين حديث الحاجة وحديث المنشاء يأتي الحديث عن الحوار الوطني من حيث الوقوع ,وحديث الحاجة وحديث المنشاء هما حديث عن " واقع " في حين ان حديث الحصول هو حديث توقّع , لأنه حديث عن ما سيتم فعلا في محطة الحوار الوطني المنتظرة . وعند هذا الحديث يكون الحوار الوطني " المنتظر " واحدة من اهم واخطر المحطات المترتبة على احداث العام 2011م . و سيترتب عليها الكثير من التبعات والآثار التي سيكون احتمالها هو في كلا الاتجاهين الايجابي والسلبي وليس في الاتجاه الايجابي فقط كما يحاول البعض تصويرها . فما بين الحوار الوطني كحاجة و الحوار الوطني كمنشاء هناك مسافة لتحركه , وكلما اقترب فيها من الحاجة اكثر كلما كانت التبعات والاثار المترتبة عليه اكثر ايجابية للوطن والعكس بالعكس .

أول أحاديث الحوار الوطني هو حديث الحاجة وثانيها كان حديث المنشاء أما ثالثها فسيكون حديث الحصول . هل يأتي الحوار الوطني ليمثل محطة وطنية تجمع كل الفرقاء في البلد بلا استثناء , ومن حيث الإمكانية يضل هذا الأمر ممكنا طالما أن من يعملون على الحوار تمكنوا من استيعاب الجميع وتقبلوا كافة الأطروحات ولم يضعوا خطوط حمراء – كعادتهم – تجاه أي قضية . فلا يوجد أيا من الفرقاء في الوطن لديه موقف رافض للحوار من حيث المبدأ حتى أولئك الذين لديهم أجندة تمثل أقصى الابتعاد عن الآخرين كالمطالبين بالانفصال .وإذا ما تم الحوار الوطني " المنتظر " بهذه الصورة التي تجمع الجميع وتنظر في كل الأمور فحينها يكون الحوار في مستوى الحاجة ويكون " الحوار الوطني " حوارا وطنيا بالفعل , وقد تجد معضلات الوطن حلا جديا لها هذه المرة .
ما يدعوا للتفاؤل ا ن يأتي الحوار الوطني ملبيا للحاجة هي حالة توازن القوى الحاصلة في البلد بعد أحداث العام 2011م فالقوة المركزية قبل تلك الأحداث قد تصدعت وضعفت ولم تعد المتفردة بالتحكم وبتوجيه القدرات والفعاليات في الاتجاه الذي تريده , والقوى الأخرى التي كانت تلك القوة مسلطة عليها ازدادت قوة نظرا لانتقالها إلى واقع لا ضغوط جدية فيه عليها ما مكنها من أن تظهر بكل مكوناتها وان تفعل كل عناصرها وقدراتها وهذا من جهة كما تمكن من اجتذاب قوى إضافية إليها نفورا من فساد وسواء تلك القوة المركزية . وعلى ذلك فتوازن القوى هذا سيدفع بالجميع بالانفتاح على الآخر وتقديم ما يمكنه من التنازلات لان دخول أي طرف في نزاعات مع طرف آخر سيضعفه ويخل بحالة التوازن هذه لصالح طرف منافس آخر .
بالمقابل قد يأتي الحوار قريبا من منشاءه ليمثل محطة أخرى من محطات الوفاق فيجمع طرفي الوفاق فقط , وحينها ما سيطرح ويناقش هو القضايا التي تسببت في الخلاف بين الطرفين بالدرجة الأولى وما سينظر فيه عداها من قضايا سيتم النظر إليه من خلال منظور طرفي الوفاق وليس من خلال منظور وطني . وبذلك يكون " الحوار الوطني " في جوهرة حوار توافقيا . وإذا ما حدث الأمر هكذا ففي ذلك مخاطرة كبيره على البلد قد تذهب به بعيدا , فما سيترتب على هذا الحوار هو ترميم الصد وع التي أضعفت القوة المركزية قبل أحداث 2011م ليعودا طرفا واحدا وقوة واحدة وهو ما سيفتح الباب على مصراعيه هذه المرة للدخول في مواجهات سياسية وأمنية وعسكرية مع القوى الأخرى المختلفة معها قبل تلك الأحداث وهذه المرة بصورة أوسع .
ما يجعل هذا الحال الأخير – الحوار التوافقي – احتمالا قائما هو أن من يتولون إدارة الأمور وصولا لمحطة الحوار هم من قادوا الاحداث باتجاه الوفاق وفي قضايا معينه قد يكون عليهم – نتيجة ملابسات الماضي – أن يعملوا ما أمكنهم لمنع فتح ملفات بعينها لعلمهم بخطورة ذلك عليهم وان صوروا الأمر أحيانا كعادتهم أن الخطورة هي على الوطن . وهذا غير إن رعاة الحوار – رعاة المبادرة الخليجية – المعول عليهم في فرض مناقشة أي قضية مطروحة من طرف على جميع الأطراف هم انفسهم قد يكون لديهم محظور تجاه نوعية معينه من القضايا وقد يعملون كذلك على عدم استيعابها او تأجيلها .
على كل حال ايام معدودة تفصلنا عن حصول مؤتمر الحوار الوطني . ومن خلال سير اعماله سيمكن الحكم عليه فيما اذا كان سيمثل محطة وطنية أم انه سيمثل محطة اخرى من محطات الوفاق . كم هي المسافة التي سيقترب فيها من أيا من هاتين المحطتين اللتين يجمعهما المسمى الواحد ولكن الفرق بينهما كبير جدا . هل سيأتي الحوار الوطني لينعش تطلعات الوطن أم سيأتي ليجهز عليها ؟ هذا مانحن بانتظاره . والى حين وقوعه دعونا نتفاءل .