السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٨ صباحاً

رسالتي الي القاضي الذي سيقضي بقضية رجاء الحكمي

عادل نعمان الادريسي
الجمعة ، ٠٨ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٣٠ مساءً
أعلم ايها القاضي ، أن الله جعل الحاكم العادل قوام كل مائل، ومصدر كل حائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصرة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.

والحاكم العادل ايها القاضي كالأب الحفي على ولده، يسعى لهم ويعلمهم كباراً، يكتسب لهم في حياته ويدخر لهم من بعد مماته. والحاكم العادل ايها القاضي كالأم الشفيقة البرة، الرحيمة بولدها حملته كُرهاً ووضعته كُرهاً وربته طفلاً، تسهر لسهره وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه تارة وتفرح بعافيته وتُغم بشكايته. والحاكم العادل ايها القاضي وصيّ اليتامى وخازن المساكين، يربي صغيرهم ويمون كبيرهم.
والحاكم العادل ايها القاضي كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده.
والحاكم العادل ايها القاضي هو القائم بين الله وبين عباده يسمع كلام الله ويُسمعهم وينظر الى الله ويريهم، وينقاد الى الله ويقودهم، فلا تكن ايها القاضي فيما ملكك الله كعبدٍ ائتمنه سيده واستخلفه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله، وأعلم يا ايها القاضي أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف اذا أتاها من يليها، وأن الله جعل القصاص لعباده فكيف اذا قتلهم من يقتص لهم، ولعل واقع الحال اليوم خير دليل على ذلك كما هو في قضية رجاء الحكمي،

وتذكر ايها القاضي الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه فتزود له وما بعده من الفزع الأكبر. وأعلم ايها القاضي أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه رقادك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريداً وحيداً، فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

وتذكر يا ايها القاضي وأنت في مهلٍ قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل لا تحكم يا ايها القاضي في عباد الله بحكم الجاهلية، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين فانهم لا يرقبون في مؤمن الاً ولا ذمةً، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل اثقالك واثقالاً مع أثقالك، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات باذهاب طيباتك في اخرتك، ولا تنظر قدرتك اليوم ولكن أنظر الى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين وقد عنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً,

اني ايها القاضي وان لم أبلغك عضةً ونصحاً، فهاهي رسالتي اليك كمداوي محبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من الصحة والعافية ,

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.